ما زال حديثنا موصولا عن المرأة في الإسلام فنقول وبالله التوفيق: إن الإسلام قد أتي بمبدأ لم يسبق إليه. ولعله إلي الآن لم يلحق به. وهو ما يتعلق بالمرأة. لأن المرأة في الإسلام نالت حقوقا لم تنلها في الشرائع السابقة علي الإسلام. خصوصا الشرائع غير الدينية. وما نالته من هذه الحقوق لم تصل المرأة الأوربية إلي الكثير منها حتي الآن. ونلخص ذلك فيما يلي: "أ" كانت المرأة هملا في بيت الزوجية. ولم تكن لها أية شخصية قبل الزواج. فكان أبوها أو وليها لا إرادة لها بجوار إرادته. وإذا تزوجت انتقلت السلطة المطلقة من الولي إلي الزوج. فجاء الإسلام وجعل لها من الحقوق مثل ما عليها من واجبات. وكانت قبلا عليها واجبات وليس لها حقوق. كما كان الأمر بالنسبة للرقيق عند الرومان والفرس. فجاء القرآن وقرر تلك القضية العادلة التي تربط بين الحق والواجب برباط وثيق. لأنه يتفق مع البديهة العقلية فقال تعالي "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم" [لبقرة822] "ب" ولم تكن المرأة ذات ولاية علي نفسها مادامت لم تتزوج. فإذا تزوجت كانت الولاية عليها لزوجها. ولم تكن لها شخصية منفردة عن شخصية زوجها. فجاء الإسلام وقرر أن للمرأة ولاية علي نفسها. وإذا كان للولي شأن في زواجها فليس له أن يجبرها. وإنما الأمر إليها أولاً وبالذات. ولذلك قال "الأيم أحق بنفسها من وليها" وصلته بها صلة أدبية لصيانتها ومنعها من السقوط ومعاونتها في اختيار الزوج. وإن اختارت الكفء ولم يرض هو لا يلتفت لاعتراضه ويزوجها القاضي. وبعد الزواج ليس للزوج ولاية عليها إلا بمقدار ما يتضمنه عقد المرأة من حقوق بين الزوجين. "ج" والمرأة إذا كانت بالغة عاقلة رشيدة لها الولاية الكاملة علي مالها من غير تدخل من قبل أبيها أو غيره من قرابتها. وإذا تزوجت كانت ذمتها المالية منفصلة عن ذمة زوجها. فلها أموالها وله أمواله. كل يدبر ماله من غير تدخل من الآخر. لها أن تتبرع من مالها بما تشاء كما يتبرع الرجل. وما يكون من قيود للرجال في تصرفاتها تكون لها أيضا في تصرفاتهم هذه القيود. وفي الجملة المرأة والرجل علي سواء بالنسبة لإدارة كل واحد منهما ماله. ولا يكون للزوج أية قدرة علي التصرف في مال زوجته إلا بتوكيل حر يكون لها الاختيار الكامل والرضا التام فيه. ويكون مبناه الثقة بلا ريب. وإن أساء الإدارة كان لها عزله في أي وقت تريد. وعقد الزواج في الشريعة الإسلامية لا يقتضي ولاية مالية. ولا شركة في المال. ولا وكالة إجبارية. وللحديث بقية إن شاء الله.