أواصل حديثي معكم عن التقوي كسبيل أوحد وأمثل للوصول الي سبيل النجاة فلا تتصوروا أن التقوي دروشة. لسنا في حاجة لذكر هذا الطرح الآن في ظل هذا الواقع الأليم. بل ورب الكعبة. لا نجاة لنا ولا سعادة إلا بتقوي الملك الجليل. والله الذي لا إله غيره لو ظللت كل حين أذكر الناس بالتقوي لكنت محقاً. ولو ذكر العلماء الأمة كل وقت بالتقوي لكانوا علي الحق الأبلج لأنها وصية الله للأولين والآخرين من خلقه. ووصية سيد المرسلين لأمته قال جل وعلا:وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّه "131النساء" وقال سيدنا رسول الله كما في سنن الترمذي بسند صحيح من حديث العرباض بن سارية قال:¢وعظنا رسول الله¢. فرسول الله وعظ. حتي لا يستخف بعض طلبة العلم. ببعض دعاتنا من الوعاظ. الذين يُذكّرون الناس بالله. فرسول الله سيد من وعظ. بل وربنا جل جلاله وعظ خلقه. ¢وعظنا رسول الله موعظة بليغة. وجلت منها القلوب. وذرفت منها العيون. فقلنا كأنها موعظة مودع. فأوصنا يا رسول الله. فقال: أوصيكم بتقوي الله عز وجل. والسمع والطاعة. وإن تأمر عليكم عبد حبشي. فإنه من يعش منكم بعدي فسيري خلافاً كثيراً. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ. وإياكم ومحدثات الأمور. فإن كل محدثة بدعة. وكل بدعة ضلالة¢. لذا كان السلف إذا لقي الأخ أخاه ذكّره بتقوي الله. وصي بها رسول الله أصحابه وأمته. ذهب إليه أبو سعيد الخدري فقال:¢ أوصني يا رسول الله. فقال: عليك بتقوي الله فإنها رأس كل شيء¢. وفي لفظ:¢عليك بتقوي الله. فإنها جماع كل خير¢. وقال لمعاذ:¢يا معاذ اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ¢.وقال الصديق لعمر:¢اتق الله يا عمر¢. وقال عمر لولده عبد الله :¢أي بني أوصيك بتقوي الله. فإنه من اتقاه وقاه. ومن أقرضه جزاه. ومن شكره زاده¢. وأوصي بها عمر ابن عبد العزيز أحد إخوانه فقال:¢أوصيك بتقوي الله الذي لا يقبل غيرها. ولا يرحم إلا أهلها. ولا يثيب إلا عليها فإن الواعظين بها كثير والعاملين بها قليل¢. قال ابن السماك . أحد الزهاد العباد. لأحد إخوانه يوصيه بتقوي الله. يقول:¢اوصيك بتقوي الله الذي هو نجيك في سريرتك ورقيبك في علانيتك¢.. و هذه وصيتي لك علي لسان ابن السماك ووصية ابن السماك لنا جميعا ¢اوصيك بتقوي الله الذي هو نجيك في سريرتك ورقيبك في علانيتك فاجعل الله في بالك علي كل حالك في ليلك ونهارك وخاف الله بقدر قربه منك وقدرته عليك واعلم أنك بعينه لا تخرج من سلطانه إلي سلطان غيره. ولا من ملكه إلي ملك غيره. فليعظم منه حذرك وليكثر منه وجلك. والسلام¢. بل إن أردتم سعة الأرزاق فعليكم بالتقوي. وإن أردتم أن يُيسر الله امورنا. وأن يصلح أحوالنا فعليكم بالتقوي. وإن أردتم أن يرزقنا الله فرقاناً نفرق به بين الحق والباطل فعليكم بالتقوي. وإن أردتم أن يحبنا ربنا وأن يجعلنا في معيته فعليكم بالتقوي. وإن أردتم قبول الأعمال فعليكم بالتقوي. بل وإن أردتم العلم الذي ينجيكم في الدنيا والآخرة فعليكم بالتقوي. بل وإن أردتم أن ينزل الله علينا من رحماته وأن يُخرج لنا من الأرض من بركاته فعليكم بالتقوي. بل إن أردتم الآخرة كلها فعليكم بالتقوي. إن أردت أن تكون في معية الحفظ والمدد والعون والتأييد والبركة والرحمة فعليك بالتقوي. قال جل وعلا:..وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ "194البقرة". -إذا أردت أن يرفع الله عنا الخوف والحزن فعليك بالتقوي قال تعالي:..فَمَنِ اتَّقَي وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفى عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ "35 الأعراف". -إن أردت أن يجعل الله لك فرقاناً لتفرق به بين الحق والباطل والهدي والضلال والخير والشر. والسنة والبدعة فعليك بالتقوي:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ "29ا لأنفال". -إن أردت سعة الرزق. وبركة المال فعليك بالتقوي قال جل وعلا:..وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا 2 وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ.. "2 الطلاق". -إن أردت البركة وتيسير الأمور وصلاح الأحوال فعليك بالتقوي قال جل جلاله:..وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا "4" ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا " 5الطلاق". -إن أردت القبول لكل عمل فعليك بالتقوي قال تعالي:..إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ "27 المائدة". -بل يا طالب العلم.. يا من تنسي القرآن.. ويا من تنسي الحديث.. ويا من تنسي الأدلة فتش عن ذنوبك. وحقق التقوي. فما ضاعت منك آية إلا بذنب. وما نسيت حديث إلا بمعصية. وما تفلت منك دليل إلا بذنب ومعصية. فحقق التوبة لتكون أهل لهذا النور الذي يقذفه الله في القلب. قال الشافعي: شكوت إلي وكيع سوء حفظي...... فأرشدني إلي ترك المعاصي وأوصاني بأن العلم نور...... ونور الله لا يُهدي لعاصي قال جل وعلا: ..وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءي عَلِيمى 282البقرة. -وبالجملة إن أردت الآخرة كلها فعليك بالتقوي قال جل وعلا:..وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ..35الزخرف. فمن أول لحظة تتزلزل فيها الأرض تتخلص من حملها الثقيل ليخرج الناس للقيام بين يدي الملك الجليل. تظهر كرامة المتقين. ربما كانوا في الدنيا من المعدمين وكانوا من الفقراء الذين لا يلتقطون بعض الأطعمة إلا من صناديق القمامة ولا حول ولا قوة إلا بالله. أو ربما يبيتون الليلة تلو الليلة بلا عشاء. لكنه يتقي رب الأرض والسماء لا يأكل حراما ولا ينتهك لله حرمة. ولا يقع في معصية. وإن زل جدد التوبة والأوبة لبشريته هذا إذا خرج من قبره يوم القيامة لا يمشي علي قدميه خطوة واحدة في أرض المحشر. وإنما يجد الملائكة عند قبره تنتظره وتستقبله إذا خرج من قبره عارياً وجد ملائكة الله أمام عينيه تحيط به من كل ناحية بالبشر والأنوار والفرح والسرور وقد أعدت له ركوبا من ركائب الجنة لتقول له اركب يا ولي الله. قال جل علاه:يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَي الرَّحْمَنِ وَفْدًا 85مريم. أي ركباناً في عز وعزة ومهابة وكرامة فإذا ما وصل إلي أرض المحشر ودنت الشمس من الرءوس وفزع الخلق ودب الرعب والقلق فالمتقون لا يفزعون ولا يخافون قال جل جلاله :إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامي أَمِيني 51الدخان. فإذا نصب الصراط علي جهنم بعد ما اسودت الوجوه وأشرقت وجوه أهل التقوي وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَي الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَي اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةى أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًي لِّلْمُتَكَبِّرِينَ 60 وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ 61 الزمر. ينصب الصراط علي متن جهنم ويسقط أهل الذنوب والمعاصي. وينجي الله أهل التقوي وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَي رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا71 ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا 72مريم. فإذا ما دخلوا إلي بيوتهم في الجنة عرفها ربهم لهم لا يسألون عن منازلهم ملك مقرب ولا نبي مرسل بل دلهم علي بيوتهم في الجنة ربهم جل وعلا فإذا ما دخل أحدهم قصره في الجنة وجد الملائكة في استقباله وانتظاره لتسلم عليه ولترحب به:وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَي الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّي إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامى عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ 73 وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثْنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ 74الزمر. لتتجلي كرامتهم بعد ذلك في هذا الجوار عند العزيز الغفار: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتي وَنَهَري 54 فِي مَقْعَدِ صِدْقي عِندَ مَلِيكي مُّقْتَدِري 55. فلنتق الله إن أردنا النجاة..