سبق القرآن علم الفلك الحديث في الإشارة إلي تعدد الشموس والأقمار في السماء. ويمثل هذا في حد ذاته إعجازا رائعا لأن الناس منذ نزل القرآن وحتي اكتشاف المقراب لم يروا في السماء سوي شمسا واحدة وقمرا واحدا. أما الآن فقد وصل عدد الأقمار المكتشفة قرابة 140 قمر. ويتوالي اكتشاف أقمار جديدة وتلك هي البراهين من القرآن الدالة علي تعدد الشموس والأقمار في السماء: الدليل الأول: قوله تعالي: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ فصلت37. وقد فسرت الآية علي النحو التالي: ..وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ.. فالكناية ترجع إلي إلي الشمس والقمر والليل والنهار. وقيل: للشمس والقمر خاصة. لأن الاثنين جمع. وإنما أنث علي جمع التكثير ولم يجر علي طريق التغليب للمذكر والمؤنث لأنه فيما لا يعقل. الدليل الثاني: قوله تعالي وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ فصلت37. وقد فسرت الآية علي أن القمر نور لأهل الأرض ونور لأهل السماء. وإذا جعله الله نورا في إحداهن فقد جعله نورا فيهن. الدليل الثالث:القراءات الواردة في قوله تعالي تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً الفرقان61. ففي قراءة صحيحة قرئت كلمة ¢سِرَاجاً¢ التي هي بالإفراد قرئت بالجمع ¢سرجا¢ بضم السين. وفي قراءة عدها العلماء قراءة شاذة وإن كان هناك من حقائق العلم وا يقويها- قرئت كلمة¢ قَمَراً¢ بضم الميم التي تعني جمع أقمار عبقرية المفسرين في اكتشاف الوجه البعيد للقمر: تتملك المرء الدهشة حينما يقرأ أن المفسرين قد استنبطوا من القرآن وجود وجه آخر للقمر في حين أن ذلك الوجه لم يتم تصويره إلا في سنة 1959. وتلك هي الآية التي استبطوا منها الوجه الآخر للقمر حيث يقول تعالي: وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً نوح16. ولننظر إلي عبقرية ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم يقولان: "وجه يضيء لأهل الأرض وظهره يضيء لأهل السماء. ونور لأهل الأرض. ونور لأهل الأرض والسماء إذا جعله نورا في إحداهن فقد جعله فيهن". وقد ورد في موسوعة الويكيبيديا الحرة أن الوجه البعيد للقمر "The far side of the moon" هو عبارة عن نصف الكرة القمرية الذي يشيح بعيدا عنا. ولا يري من علي سطح الأرض. وقد تم تصويره لأول مرة بالمسبار اسوفيتي لونا 3"Luna 3" في عام 1959. ولم يشهده إنسان بعينيه مباشرة إلا في العام 1968 حينما دخلت رحلة أبولو 8 مدار القمر"Apollo 8 mission". وقد وجد أن طبيعة هذا الجانب خشنة يميزها فوهات ارتطام عديدة وقليل مما سمي ببحار القمر "Maria". كما أن هذا الوجه يحوي ثاني أكبر فوهات الارتطام في النظام الشمسي والتي تسمي حوض القطب الجنوبي آيتكن "South Pole-.Aitken" والوجه البعيد للقمر والذي لا يري من الأرض ويرجع السبب في عدم رؤية الوجه الآخر للقمر إلي ما يعرف بالمد الحاكم "Tidal locking" حيث تقوم الأرض بإبطاء حركة دوران القمر لدرجة لا تمكن وجه القمر المقابل لها من الفكاك وتجعله أسيرا للأرض. إعجاز القرآن في القمر محو آية الليل وعبقرية المفسرين: من المعروف أن سطح القمر يحتوي علي مناطق فاتحة اللون وأخري غامقة. والمناطق فاتحة اللون هي مناطق صخرية عالية في تضاريسها "uplands" ذات فوهات كثيفة. أما المناطق الغامقة ¢السود¢ فتسمي الماريا "Maria" والتي تعني في أصلها اللاتيني ¢البحار¢ لأنه كان يعتقد أنها بحار حقيقية. ولكن تلك المناطق السود هي مناطق ملساء منخفضة التضاريس بها القليل من فوهات الارتطام. وقد كانت تلك الفوهات في الماضي مليئة بالحمم التي بعد أن بردت صارت سودا يقول تعالي: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءي فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً الإسراء12. وحول تفسير الآية: ورد في تفسير ابن كثير: "ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَي جَعَلَ اللَّيْل آيَة أَيْ عَلَامَة يُعْرَف بِهَا وَهِيَ الظَّلَام وَظُهُور الْقَمَر فِيهِ وَلِلنَّهَارِ عَلَامَة وَهِيَ النُّور وَطُلُوع الشَّمْس النَّيِّرَة فِيهِ وَفَاوَتَ بَيْن نُور الْقَمَر وَضِيَاء الشَّمْس لِيُعْرَف هَذَا مِنْ هَذَا .وَقَالَ اِبْن جُرَيْج قَالَ اِبْن عَبَّاس: كَانَ الْقَمَر يُضِيء كَمَا تُضِيء الشَّمْس وَالْقَمَر آيَة اللَّيْل وَالشَّمْس آيَة النَّهَار فَمَحَوْنَا آيَة اللَّيْل السَّوَاد الَّذِي فِي الْقَمَر وَقَدْ رَوَي أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير مِنْ طُرُق مُتَعَدِّدَة جَيِّدَة أَنَّ اِبْن الْكَوَّاء سَأَلَ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ مَا هَذِهِ اللَّطْخَة الَّتِي فِي الْقَمَر؟ فَقَالَ وَيْحك أَمَا تَقْرَأ الْقُرْآن؟ فَمَحَوْنَا آيَة اللَّيْل فَهَذِهِ مَحْوه وَقَالَ قَتَادَة فِي قَوْله ¢ فَمَحَوْنَا آيَة اللَّيْل ¢ كُنَّا نُحَدَّث أَنَّ مَحْو آيَة اللَّيْل سَوَاد الْقَمَر الَّذِي فِيهِ". وفي تفسير القرطبي للآية: "وَلَمْ يَقُلْ: فَمَحَوْنَا اللَّيْل. فَلَمَّا أَضَافَ الْآيَة إِلَي اللَّيْل وَالنَّهَار دَلَّ عَلَي أَنَّ الْآيَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ لَهُمَا لَا هُمَا . و¢ مَحَوْنَا ¢ مَعْنَاهُ طَمَسْنَا. وَالسَّوَاد الَّذِي يُرَي فِي الْقَمَر مِنْ أَثَر الْمَحْو". وفي تفسير الطبري نجد: "الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَي: وَجَعَلْنَا اللَّيْل وَالنَّهَار آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَة اللَّيْل وَجَعَلْنَا آيَة النَّهَار مُبْصِرَة لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَد السِّنِينَ وَالْحِسَاب قَالَ: سَأَلَ اِبْن الْكَوَّاء عَلِيًّا فَقَالَ: مَا هَذَا السَّوَاد فِي الْقَمَر؟ فَقَالَ عَلِيّ: فَمَحَوْنَا آيَة اللَّيْل وَجَعَلْنَا آيَة النَّهَار مُبْصِرَة هُوَ الْمَحْو . قَالَ: قَالَ اِبْن عَبَّاس: كَانَ الْقَمَر يُضِيء كَمَا تُضِيء الشَّمْس. وَالْقَمَر آيَة اللَّيْل. وَالشَّمْس آيَة النَّهَار. فَمَحَوْنَا آيَة اللَّيْل: السَّوَاد الَّذِي فِي الْقَمَر" . وفي تفسير الجلالين: ¢"وَجَعَلْنَا اللَّيْل وَالنَّهَار آيَتَيْنِ¢ دَالَّتَيْنِ عَلَي قُدْرَتنَا ¢فَمَحَوْنَا آيَة اللَّيْل¢ طَمَسْنَا نُورهَا بِالظَّلَامِ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالْإِضَافَة لِلْبَيَانِ ¢مُبْصِرَة¢ أَيْ مُبْصِرًا فِيهَا بِالضَّوْءِ ¢لِتَبْتَغُوا¢ فِيهِ ¢فَضْلًا مِنْ رَبّكُمْ¢ بِالْكَسْبِ ¢وَلِتَعْلَمُوا¢ بِهِمَا ¢عَدَد السِّنِينَ وَالْحِسَاب¢ لِلْأَوْقَاتِ ¢وَكُلّ شَيْء¢ . يُحْتَاج إلَيْهِ ¢فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا¢ بَيَّنَّاهُ تَبْيِينًا". القمر كان مشتعلا في مهد تكوينة نتيجة لتصادم جرم سماوي في حجم كوكب المريخ ثم تم محو أثار الحمم الموقدة بتبريدها وتكوين ¢الماريا¢ منازل القمر:وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّي عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ يس39 من أروع صور الوفاء في الوصف ما جاء في القرآن في وصف منازل القمر في كلمات قليلة في غاية الدقة قوله تعالي:وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّي عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ يس39 منازل القمر: إنشقاق القمر اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ القمر1 إن ظاهرة انشقاق القمر قصة معروفة لكل مسلم تناولتها الروايات المتواترة. انشق القمر نصفين وشاهدهما المقيمون بمكة والسفار من قريش الذين كانوا خارج مكة. وتشير الدلائل التاريخية في تراث الهنود والصينيين إلي أنهم شاهدو انشقاق القمر. وهناك قصة شائعة في تراث الهنود والصينيين. تتردد في مقاطعة ملبار- إحدي مقاطعات الساحل الجنوبي الشرقي للهند. تقول القصة أن شكراواتي فارماس أحد ملوك مقاطعة مالبار قد شاهد انشقاق القمر كإحدي المعجزات المؤيدة للنبي محمد صلي الله عليه وسلم في مكة. وكان قد سمع ببعثة النبي. وقد أرسل الملك ولده إلي مكة وقعد إلي النبي واعتنق الإسلام علي يد النبي صلي الله عليه وسلم. ومات الابن في أثناء عودته لوطنه. ودفن في ميناء ظفار باليمن. واتخذت ممقبرته مزارا علي مدي الكثير من القرون. وبعد بحث جهيد عبر شبكة المعلومات لم أعثر علي أثر لانشقاق القمر الحالي إلا في موقع concam وسواء ترك انشقاق القمر أثرا علي سطح القمر أو لم يترك فلن يغير ذلك من يقين المسلم بصدق القصة لأنها وردت بالقرآن والسنة الصحيحة المتواترة.