* يسأل محمد لطفي بمطار القاهرة: ما هي شروط من يتصدي للفتوي؟ ** يقول الشيخ رسمي عجلان من علماء الأزهر:الفتوي مسئولية أمام الله تعالي. وأمام الناس. ولا يجوز لكل من مشي ودرج وهب ودب أن يتصدر لإفتاء الناس. وظاهرة الانفلات الافتائي دليل علي ظهور الرويبضة - وهو الرجل التافه أو الجاهل يفتي في أمور العامة - وإذا وسد الأمر لغير أهله فانتظروا الساعة. فالواجب ألا يتصدي للفتوي إلا كل عالم تقي نقي يخشي الله في السر والعلن. ويتمني لو تحملها عنه غيره. وأن يكون علي دراية بكيفية استنباط الأحكام من النصوص الشرعية. وعنده باع واطلاع بفقه السنة والتفسير والتأويل. ومعرفة كلام العرب ومعانيها. وما يجري علي ألسنتهم ولا يقصد معناه. ومقصود القول ومدلوله. ولغة التغليب. وما يأتي علي الحقيقة وما يكون علي المجاز. ويكون عالماً بالناسخ والمنسوخ. والرواية المتقدمة والمتأخرة. وبالسنة الفعلية والقولية والاقرارية والتركية. والإجماع والقياس والاستحسان والمصالح المرسلة والعرف الذي لا يخالف الشرع. عليماً بفقه وأدب الخلاف. والعمل بالتيسير من غير تفريط. عملا بقول رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "بشروا ولا تنفروا وسددوا وقاربوا". لأن درء المفسدة مقدمة علي جلب المصلحة. وصحة الأبدان مقدما علي صحة الأديان. لأن صحة الأبدان مناط للتكليف وموضوع للتدين والإيمان. ومن هنا كانت إباحة "الضرورات الإنسانية للمحظورات الدينية" . ولذا أباح الشرع للجائع الذي أوشك علي الهلاك أكل الميتة ما لم يجد غيرها. لحفظ النفس لأن نظام الدين لا يقوم إلا بصحة البدن. وبقاء الحياة لا تكون إلا بسلامة الحاجات الضرورية. من هنا كان اتفاق الفقهاء علي أن صلاة الجائع والخائف لا تجوز. لأنها لا تصح ولا تستكمل حقيقتها. وكما قال - صلي الله عليه وسلم - "إذا حضرت صلاة العشاء ووجبة العشاء فقدموا العَشاء علي العِشاء" وفي الصيام قال - صلي الله عليه وسلم - "مازلتم بخير ما قدمتم الفطور وأخرتم السحور" فالواجب علي من يتصدر للإفتاء أن يتابع المستجدات العصرية والمسائل المستحدثة والمتشابهة. ويضع في الاعتبار ظروف كل مستفتي والوطن الذي يعيش فيه والملابسات المحيطة به. فإن تعارضت الأدلة وكثرت مذاهب المجتهدين. فيحق له الاجتهاد واستنباط الحكم من الدليل الصحيح ويتخير الدليل الأرفق بالناس والأيسر في علاج المشكلة التي هي محل الفتوي. ولا يتعجل بالافتاء حتي يرجع إلي المصادر الفقهية المعتمدة. فإن أغلق عليه لا يستحيي أن يقول: "لا أعلم" فمن قال لا أعلم فقد أفتي. ولنا في "الإمام مالك" أسوة حسنة عندما سأله رجل في أربعين مسألة فأجاب عن أربع وقال في الباقي لا أعلم والإمام أحمد بن حنبل عندما سأله رجل في مسألة فأجابه. فقال الرجل إن فلاناً يفتي بأيسر من ذلك. فقال له: اعمل بما أفتاك به فلان. ولم يتعصب ولم يتشنج ولم يوبخ السائل. من هنا ينبغي تقرير: "أن كل شيء مفيد للفرد والمجتمع ويرقي بالإنسانية إلي أعلي مستوي من الحضارة الإنسانية فالإسلام يقره. ويدعو للعمل به. أما غير ذلك فليفظه". كما قال الإمام الشاطبي رحمه الله: "كل معني لا يستقيم مع الأصول الشرعية. أو القواعد العقلية لا يعتمد عليه" الموافقات "1/99". الوسطية هي أصل الدين الإسلامي قال تعالي "وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين" القصص 77 وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "ما خير رسول الله بين أمرين إلا اختار أيسرهما".