لم يتعرض إنسان في مصر لضغوط نفسية وانتهاك كرامته مثلما يتعرض رجال الأمن في مصر.. وشاءت الأقدار أن تكون الشرطة "العصا الغليظة" لقمع الشعب أيام الأنظمة الديكتاتورية ثم تحملوا سخط الشعب بعد الثورة حتي وصل الأمر إلي أنهم لم يستطعيوا حماية أنفسهم وليس حماية غيرهم.. وهذا الوضع المأساوي دفع بعضهم إلي الاستقالة في حين ظل آخرون في خندق الاتهام إذا رد الاعتداء عن نفسه وتصدي للبلطجية.. وهو متهم كذلمك إذا قام بدوره في حماية المنشآت العامة والخاصة حتي إن كان محظوراً عليه استخدام السلاح حتي وأن كان من يواجهه بلطجياً يحمل كل أنواع الأسلحة الثقيلة.. من هنا تأتي أهمية هذا التحقيق عن كيفية إعادة الثقة لرجال الشرطة وتمكينهم من القيام بدورهم. في البداية تؤكد الدكتورة سامية الجندي أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر أن رجل الشرطة المصري كان الله في عونه فقد تعرض في الفترة الأخيرة لما لم يتعرض له من قبل وما هو فوق طاقة أي إنسان ورغم ذلك لم يجد من يشكره إنما وجد كل سخط وغضب من الناس. فمن أكثر الأشياء التي تحزنني هذا التطاول علي رجال الأمن في الشوارع والميادين بأبشع الألفاظ واهانتهم لأتفه الأسباب والتهكم عليهم والسخرية منهم بدلاً من احترامهم وتوقيرهم. قالت الدكتورة سامية الجندي: ليت الأمر توقف عند هذا الحد فقد قام البعض بالاعتداء علي رجال الشرطة بكل أنواع الأسلحة وقتل أفراد منهم دون ذنب اقترفوه سوي قيامهم بحماية مؤسسات الدولة والتصدي للبلطجية. أشارت د. سامية إلي أنه لن تعود الشرطة لمكانتها التي كانت عليها من قبل إلا بمساندة كل أفراد الشعب لها ومؤازرتها نفسياً ومعنوياً وهذه المساعدة تكون بتقديم وردة أو شيكولاتة لهم فهذا التصرف يشعرهم بحب الناس لهم ويعيد لهم الثقة في أنفسهم وهذا يخفف من وطأة معاناتهم ويجعلهم قادرين علي القيام بواجبهم. وأنهت كلامها بالدعوة لعلاج رجال الشرطة نفسياً ليس عند الأطباء النفسيين كما يقول البعض إنما هي في يد الشعب.. فعلي كل الناس أن تمد أيديها لرجال الأمن ليشعروا بالحب ويقوموا بعملهم.. فهم يعملون في ظروف صعبة وأن لم نأخذ بأيديهم ستسوء الأوضاع أكثر من ذلك. أخطأ الأنظمة يؤكد الدكتور جمال النجار أستاذ الإعلام والصحافة بجامعة الأزهر أنه ليس عندي كلام مما يحدث للشرطة من ترديد مقولة أحد الحكماء "يلقيه في اليم عارياً ويقول له إياك أن تبتل بالماء" ولهذا فإن إعادة احترام الشرطة تتلخص في إزالة الأسباب التي أدت لخروج الناس إلي الشوارع بتحسين الأوضاع الاقتصادية ورفع المعاناة عن كاهل الفقراء.. فنحن نريد سياسات تريح الناس وتحقق في ذات الوقت العدالة الاجتماعية فإن تحقق ذلك لن تسجل حالة إعتداء واحدة علي رجل مرور أو عسكري أمن مركزي.. لكن طالما الأوضاع الاقتصادية منهارة بهذا الشكل والناس محتقنة سيستمر هذا الوضع إلي ما لانهاية. وأنهي الدكتور جمال النجار كلامة مؤكداً أن هيبة الشرطة من هيبة الدولة واعتداء الناس علي رجال الشرطة هو اعتداء علي الدولة لأن الناس تعتبر الشرطة وتنظر لها طوال الوقت علي أنها حليفة النظام وتدافع عنه وبالتالي تكيل لرجال الشرطة وتصب عليهم جام عضبهم. وطالب بسن قانون يحمي رجل الشرطة ويعطي له الحق في الدفاع عن نفسه لأنه من غير المعقول أن يقف الضابط أمام السجن أعزل بلا سلاح وهناك من يهاجمه بكافة أشكال الأسلحة. نعمة الأمن أوضح الدكتور المحمدي عبدالرحمن وكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر أن الأمن نعمة كبري أنعم الله بها علي الإنسان ومن بها علي قريش في قوله تعالي: "الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف". كما قال تعالي: "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي أرتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا". والإنسان حينما يكون آمنا في حياته يستطيع أن يعمل وينتج ويبدع ويعيش حياة سعيدة متمتعاً بصحته لأن الإنسان مهما كان عنده من رغد العيش وليس آمنا علي نفسه لن يتمتع بحياته وهذا واقع ملموس نلمسه في حياتنا سواء إنسان أكان أم حيواناً وإذا تمتع بالأمن امتلأت حياته بالسعادة ولذلك نجد الله عزوجل يقول في سورة الدخان حينما ذكر نعيم المتقين في الآخرة ذكر عزوجل أول نعمة هي نعمة الأمن حيث قال: "إن المتقين في مقام أمين" والمقام الأمين هو المكان الذي يأمن فيه الإنسان علي نفسه وذريته. وأضاف د. المحمدي: احترام رجال الأمن واجب علي كل إنسان حتي يقوموا بدورهم المنوط بهم فنحن في أمس الحاجة لعودة الأمن إلي بلادنا ليأمن كل منا علي حياته وماله وعرضه وأولاده وبدون احترام رجال الشرطة ووضعهم في المكانة التي تليق بهم لن يؤدوا عملهم المنوطين به ولن تنعم بلادنا بالاستقرار ولابد أن يضع كل إنسان قول النبي صلي الله عليه وسلم نصب عينيه: "من أصبح آمنا في سربه معافاً في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها" فالأمن عنصر أساسي في حياة الفرد والمجتمع ولابد أن نمد أيدينا لرجال الشرطة ونساعدهم علي القيام بأعمالهم ونصد كل معتد عليهم إذا أردنا لبلادنا الاستقرار والتقدم.