نواصل حديثنا عن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وكيف أنه فرصة لاستيعاب أخلاق النبوة.. فنقول وبالله التوفيق : العصمة -كما قلنا- نتجت عنها الصفات النبوية "الصدق والرحمة والأمانة والحلم والعلم والكرم والموعظة الحسنة" وهي الصفات التي علينا تذكرها ونحن نحتفل بالمولد النبوي. أكثر من ذلك علينا أن نتذكر أنه في هذا اليوم أيضا فتح باب الشفاعة. يقول سبحانه وتعالي: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" و"العالمان" هما عالم الإنس وعالم الجن. وعالم الإنس يضم كل البشر علي اختلاف دياناتهم واتجاهاتهم. ومن ثم فإن العالمين لابد أن يحتفلوا بمولد النبي لأنه مولد الرحمة لهم جميعاً. فهذا المولد يحتاجه الإنس والجن. لو كان الناس يعقلون لاحتفلوا جميعاً بهذا المولد. وعندما نقول الإنس فإننا نقصد كل الإنس كل البشر المؤمن والكافر.. يقول سبحانه وتعالي للنبي صلي الله عليه وسلم: "وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتي يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه" والمقصود لو أن كافراً استنجد بك فانجده حتي يطمئن ويسمع كلام الله.. ويقول سبحانه وتعالي علي لسان نبيه أيضا: "قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم" والمقصود لو حدث مكروه للنبي فمن ينقذ الكافرين من العذاب الأليم؟. من يخرجكم من الظلمات إلي النور؟ إن النبي رحمة للمؤمنين والمشركين معاً. وأي محاولة للتخلص منه هي تخلص من جهاز الإطفاء الذي ينقذكم من الحريق. لو كسرتم العمود الأساسي للبيت فكيف لا يهدم علي رءوسكم؟ يقول سبحانه وتعالي: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم". إن كل من يسمع مثل هذا الكلام لابد أن يحتفل بمولد النبي. نحتفل به رحمة بنا وحرصاً علي أنفسنا. يقول سبحانه وتعالي: "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر" إن هذا كلام الله ورأي الله وليس كلاماً متشيعاً أو رأياً له. هو كلام ورأي من خلق لا من علم.. يقول سبحانه وتعالي في صورة تساؤل استنكاري: "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" فالخالق عالم والعالم لا يشترط أن يكون خالقاً. إن مولد النبي ليس مولد شخص أضيف إلي تعداد البشرية. معصوم. مثله مثل كل الأنبياء الذين يجب الاحتفال بمولدهم. يجب أن نحتفل بمولد ساداتنا ابراهيم وموسي وعيسي وسليمان وداود وغيرهم. والاحتفال نوع من الفرحة بهم وبما حملوه إلينا من خصائص وصفات حسنة وطيبة.. يقول سبحانه وتعالي: "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون". لكن السؤال الذي يشغلنا كل مولد نبوي هو: كيف نفرح؟.. وهذا ما سنعرفه العدد القادم إن شاء الله.