قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "لا يزال البلاء من العبد المؤمن في نفسه وماله وولده حتي يلقي الله وليس عليه خطيئة" صدق رسول الله كم في البلية من نعمة خفية لا يعلمها إلا الله. وقد ينعم الله بالبلوي علي إنسان وإن عظمت. ففي ظاهرها البلوي وفي باطنها الرحمة والنعمة. ويبتلي الله إنسان بالنعمة وإن تنوعت وكثرت لكن في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب والفتنة. قال تعالي : "وعسي أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسي أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" "البقرة:216" وكما قال أهل العلم: "عواقب الأمور تتشابه في الغيوب. فرب محبوب في مكروه. ورب مكروه في محبوب" من هنا قال المولي عز وجل لأمنا عائشة في حادثة الإفك:"إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم" "النور: 11". فقد يبتلي الله إنسان ببلاء هي عين عافيته. فيرفع الله تعالي به ذكره. ويظهر محبته له. ويرزقه من حيث لا يحتسب. فيفتح عليه المولي من باب العبادات والنوافل والطاعات ما هو أعظم مما ابتلي به. فيكون هذا البلاء سبب قربه من مولاه وانسه بطاعته تنسيه مرارة بلواه. وشقائه في دنياه. ففي البلاء نعمة خفية ومنحة مطوية. قال تعالي: "فعسي أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا" "النساء:19". وقال أحد علماء السلف: "لو يعلمون ما نحن فيه من حلاوة الطاعة لجلدونا عليها بالسيوف". وللبلاء فوائد عديدة نذكر منها: 1 تحصيل أجر الصبر علي البلاء والرضي بالقضاء: قال تعالي : "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين" "البقرة:155". وقال تعالي : "إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب" "الزمر: 10" 2 تمحيص قلوب العباد حتي تصلح لاستقبال محبة الله وذكره وعبادته: قال تعالي: "ولنبلونكم حتي نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم" "محمد: 31". 3 معرفة الأصدقاء من الأعداء وأصحاب المروءة من أصحاب الخسة والنذالة عند البلاء: كما قال الشاعر: "جزي الله الشدائد عني خيرا.. عرفتني صديقي من عدوي". 4 البلية تكفير الذنوب وترفع الدرجات: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "لا يزال البلاء في العبد المؤمن في نفسه وماله وولده حتي يلقي الله وليس عليه خطيئة". كما أن العبد قد تكون له منزلة عالية عند الله. ولم يبلغها بالعمل الصالح. فمازال الله تعالي يبتليه بما يكره حتي يبلغه منزلته إياها. 5 البلاء يدفع العبد لكثرة الدعاء والإلحاح فيه والتضرع لخالقه: يوفق العبد غالبا وقت الشدة لعلمه أنه لا يكشف الضر إلا الله تعالي : "وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما" "يونس: 12". وقال بعض علماء السلف : "أنا أخوف أن أحرم الدعاء. من أن أحرم الإجابة. فإذا فتح الله للعبد الدعاء فإن الإجابة معه. وقد كان المشركون يخلصون في الدعاء في الشدة فإذا نجاهم الله أشركوا معه غيره ومع ذلك ينجيهم الله ببركة هذا الإخلاص اللحظي" فقال تعالي : "وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاهم الي البر أعرضتم وكان الانسان كفورا" "الإسراء: 67". ومن ضمن الفوائد: معرفة العبد المؤمن أن الدنيا دار ابتلاء وأن الآخرة دار النعيم والراحة. كما أنه معلوم أن الجزع لا يرد المصيبة بل يضاعفها لأن في الجزع تشميت الأعداء. وإساءة للأصدقاء. ويسر الشيطان. ويغضب الرحمن. ويحبط العمل ويقلل الأجر. ويضعف النفس. هذا والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.