منذ أن صعد النبي صلي الله عليه وسلم جبل الصف ونادي في قومه: "ياصاحباه" فاجتمعوا له فقال لهم: "أرأيتكم إن أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ألا كنتم تصدقونني؟" قالوا: بلي. ماجربنا عليك كذبا. قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد". وجهر بما كلفه به ربه سبحانه وتعالي بالدعوة إلي دينه فقوبل صلي الله عليه وسلم بأول البذاءات والإساءات والإيذاءات التي توجهت إليه من عمه أبولهب قائلا له: "تبا لك ألهذا جمعتنا". وعلي مدار عمره صلي الله عليه وسلم لم تنته الطعنات فيه فتارة كانوا يسخرون منه وتارة كانوا يؤذونه جسديا وتارة يحاولون تدميره معنويا وتارة يحبكون خطة لقتله. كل هذا حدث في بداية الدعوة في الفترة المكية. وتبع ذلك أيضا تكرار لتلك الحوادث القبيحة التي توجهت إليه في المدينة بعد الهجرة. فنري المنافقين يهمزونه ويغمزونه ويوسخرون منه ويسيئون الأدب معه ويكيدون له المكائد مع أعدائه بغية التنكيل به وإيذائه. ولم يقتصر الأمر علي أولئك فقط إنما دأب اليهود علي فعل ذلك وأكثر.. فمرة يشككون في أمره ويطعنون في دينه ويبرمون الخطط حتي تنفض الناس من حوله ومرة أخري يدبرون قتله بإلقاء الحجر عليه من عل. ومرة كذلك يسممون له الشاة ليأكل منها فيموت. كل هذا والنبي صلي الله عليه وسلم صابر مصابر سائر في دعوته قاصداً هداية البشر غير مكترث بما يلاقي من السفهاء. فقد كانت غايته صلي الله عليه وسلم هي الهداية لا الانتقام والحب لا البغض والرحمة لا العنف والشفقة والرأفة والعطف... كان هذا سلوكه صلي الله عليه وسلم لم يكن أبدا يرجو غير الخير والبر والسلام والعدل... كان كما وصفه ربه سبحانه وتعالي قائلا: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" لم تشغله أبدا رغبة الانتقام سواء كان في ضعفأ وقوة كما فعل صلي الله عليه وسلم في فتح مكة وجمع عتادها وصناديدها قائلا لهم : "ماتظنون أني فاعل بكم" قالوا "خيرا".. أخ كريم وابن أخ كريم!! فأجابهم بكل رحمة ورأفة: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" لم يمتلك القوة وهو في غايتها ليثأر ويقتص لنفسه إنما عاملهم بخلقه وبما وصفه به ربه وبما وصف به هو نفسه "إنما أنا رحمة مهداة"... هذا هو رسول الله وهكذا يعلمنا صلي الله عليه وسلم أن نرد الإساءة بالإحسان والشر بالخير. ان ابلغ رد يمكن أن نرد عن رسول الله علي سفيه يتطاول عليه أن نتمسك بسنته وأن نقتدي بخلقه قولا وفعلا وأن ننشر تعاليمه بين الناس بالحب والود. ونعمل علي اتخاذ إجراءات لصد هذه الهجمات القائمة بين كارهي الحق وأهل الحق. ولا ننشغل بما فعل ويفعل السفهاء فكثيرا ما يتطاولون علي شخصه ومقامه لكن يرد الله كيدهم وسينتقم الله منهم عاجلا كان أو آجلا.