لم يرض الإسلام للمؤمن إلا أن يكون صادق القلب واللسان بعيدا عن الزيف والخداع والنفاق بكل صوره وألوانه وقد كان للمنافقين والمرائين دائما بالمرصاد. ففضح أفعالهم ومنهجهم.. لذا كان صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم حريصين علي تحري الصدق والأمانة في كل أفعالهم وكانوا يخافون من النفاق والوقوع في شركه.. وصدق الحبيب محمد صلي الله عليه وسلم حيث قال: "إن أخوف ما أخاف علي أمتي منافق عليم اللسان".. رواه البخاري وكان سيدنا عمر يقول لحذيفة رضي الله عنهما: "ناشدتك الله يا حذيفة هل سماني لك رسول الله صلي الله عليه وسلم منهم- أي المنافقين- قال ولا أزكي بعدك أحدا". ومن المؤسف أن نري هذا الكم الهائل من الزيف والخداع والتلون من بعض الناس وهذا عامل رئيسي وأساسي في فقد روح الود والمشاركة والانسجام لأن هذا السلوك يغتال الثقة في النفوس في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة إلي أن نكون كيانا واحدا فما أحوجنا جميعا ونحن في هذه الأيام الكريمة للرجوع بأنفسنا إلي الطريق الصحيح والتخلص من هذا الزيف الذي مللناه. فأصحاب الأقنعة لم يزيدوا قوتنا إلا ضعفا وهوانا ولم يزيدوا مشكلاتنا إلا تعقيدا ولم يضيفوا لحياتنا إلا المزيد من الفرقة والتخلف. إننا جميعا معرضون للخطأ والضعف فهذه طبيعة النفس البشرية لذا كانت محاسبة النفس من الأمور التي يجب أن تكون الشغل الشاغل لقلوبنا للوصول بها إلي الطريق المستقيم فهذا هو السبيل للرجوع إلي صورة المؤمن الصادق الأمين. ولنتذكر دائما قول الحق تعالي: "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" وقبل أن نقف بين يدي الديان في يوم عصيب يسقط فيه كل قناع زائف ومخادع ويكتشف المخادعون أن ما حصدوه من تلك الأقنعة لم يكن إلا وهما وسرابا فيقتلهم الندم في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم. * * * وختاما: قال تعالي: "أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا.. أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا". الفرقان: 43-44