وقال ابن القيم في "الوابل الصيب من الكلم الطيب " صفحة "68": قال تعالي: "ولاتطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطاً" "الكهف: 28" فإذا اراد العبد ان يقتدي برجل فلينظر هل هو من اهل الذكر او من الغافلين؟ وهل الحاكم عليه هو الهوي او الوحي؟ فإذا كان الحاكم عليه هو الهوي وهو من اهل الغفلة كان امره فرطا. ومعني الفرط قد فسر بالتضييع.اي: امره الذي يجب ان يلزمه ويقوم به وبه رشده وفلاحه ضائع. قد فرط فيه. وفسر بالاسراف. اي: قد افرط وفسر بالاهلاك. وفسر بالخلاف للحق. وكلها اقوال متقاربة. والمقصود: ان الله سبحانه وتعالي نهي عن طاعة من جمع هذه الصفات. فينبغي للرجل ان ينظر إلي شيخه وقدوته ومتبوعه. فإن وجده كذلك فيبعد منه. وان وجده ممن غلب عليه ذكر الله تعالي واتباع السنة وامره غير مفروط عليه. بل هو حازم في امره فليتمسك بغرزه. ولا فرق بين الحي والميت الا بالذكر. فمثل الذي يذكر ربه والذي لايذكر ربه كمثل الحي والميت.. وقال تعالي: "قل يا عبادي الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وارض الله واسعة انما يوفي الصابرون اجرهم بغير حساب" "الزمر: 10". فهذه اربعة مواضع ذكر تعالي فيها: انه يجزي المحسن باحسانه جزاءين جزاء في الدنيا وجزاء في الآخرة. فالاحسان له جزاء معجل ولابد. والاساءة لها جزاء معجل ولابد. ولو لم يكن الا ما يجازي به المحسن من انشراح صدره في انفساح قلبه وسروره ولذاته بمعاملة ربه عز وجل وطاعته وذكره ونعيم روحه بمحبته. وذكره وفرحه بربه سبحانه وتعالي اعظم مما يفرح القريب من السلطان الكريم عليه بسلطانه.