أستكمل معكم أننا جميعا في حاجة ماسة الي الإخوة كما ذكرت هي العامل الثاني بعد الإيمان في إقامة دولة الإسلام .وينبغي أيضاً أن نرفع في هذه المرحلة شعار الإخوة والحب في الله: معاني افتقدت في عالم الماديات والشهوات.. أصبحنا لا نتذوق طعم الإخوة. ولا نعرف معني الحب في الله. معني العطاء في الله. معني المنع لله. معني البغض في الله. ليس من أجل الهوي. ولا من أجل الدنيا الزائلة. ولا من أجل الكراسي والمناصب الفانية. فالبلد الآن بل والأمة كلها الآن في حاجة إلي إحياء معني الأخوة الإيمانية وإعلاء منهج الحب في الله لن نستطيع أن نبني بلدنا أبداً إلا بهذين العاملين: مع العمل بالإيمان. وتحقيق الإخوة فيما بيننا. وإحياء مفهوم العمل وربط هذا المفهوم بقضية الإيمان. الإيمان هو العامل الأول ثم الأخوة.. آخي رسول الله صلي الله عليه وسلم بين الصحابة في مكة علي اختلاف ألوانهم وأوطانهم وانتماءاتهم وقبائلهم. آخي بين حمزة القرشي وبلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي ثم في المدينة بين هؤلاء وبين الأنصار بين معاذ الأنصاري وإخوانه. آخي بين المهاجرين والأنصار في مهرجان حب وإخاء تصافحت فيه القلوب قبل أن تتصافح فيه الأيدي وامتزجت فيه الأرواح قبل أن تمتزج وتتلاصق فيه الأبدان. هذه نعمة من أجل النعم نعمة الإيمان ونعمة الإخاء.. فنحن نحتاج في هذه المرحلة إلي إحياء الإيمان في القلوب وتجديده في القلوب. وإلي إحياء معني الإخوة الإيمانية. وإعلاء منهج الحب في الله. والبغض في الله. والعطاء لله. والمنع لله. لا من أجل الحزب. ولا من أجل الجماعة. ولا من أجل الكرسي. ولا من أجل الهوي. ولا من أجل الدنيا. إنما من أجل الله ثم من أجل مصر. من أحب لله وأبغض لله وأعطي لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان هكذا يقول سيد ولد عدنان فقد استكمل الإيمان والحب في الله أمر غالب. ولذا لا تستكثر أن يُنادي علي أهل الحب في الله يوم القيامة. ينادي عليهم ربنا ليظلهم بظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله في يوم تدنوا الشمس من الرؤوس. ويؤتي بجهنم لها سبعون ألف زمام. مع كل زمام سبعون ألف ملك. يجرونها تزفر جهنم وتزمجر غضب منها لغضب ربها جل وعلا في هذا اليوم العصيب. ينادي علي أهل الإخاء والحب في الله "أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي". الله اكبر.. فيتقدم أهل الحب في الله ليقفوا تحت عرش الملك فلا خوف ولا حرق ولا فزع "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامي أَمِيني" "51"الدخان.. فالمرحلة تقتضي أن نجدد هذه المعاني. وأن نجدد هذه العلاقة. تجديد الإخوة الإيمانية وإعلاء منهج الحب في الله سبحانه وتعالي. ثم الأمانة.. أذكر الجميع بثقل الأمانة الذي يحملها إخواننا في البرلمان. ويحملها المجلس العسكري. وتحملها الحكومة. وسيتحملها الرئيس القادم لمصر. إنها أمانة ثقيلة وحمل كبير.. وهذا الحمل مسئولية كل من يعيش علي أرض مصر. فالأمانة لا تقتصر علي مجرد الودائع الذي يستأمن عليها البعض أو يُستأمن عليها البعض "إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا" "72"الأحزاب. ماهي الأمانة؟ الأمانة مصدر قولهم أمُنَ بضم الميم.. أمُنَ يأمُن أمانة أي صار أمينا. وهي مأخوذة من أمن أيضاً التي تدل علي طمأنينة وسكينة القلب وهي ضد الخيانة الأمانة. الأمانة ضد الخيانة ولها ثلاثة أركان: عفت الأمين عن ما ليس له بحق. وأداء الأمين ما يجب عليه للآخرين من حق. وحفاظ الأمين علي ما اسُتؤمن عليه من أمانات. هذه أركان الأمانة: عفت الأمين الرجل الأمين يعف عن أخذ ما ليس له بحق. وإن كان قادرا علي أخذه. الرجل الأمين يؤدي ما يجب عليه للآخرين من حق. وإن كان قادرا علي عدم الأداء. هو يستطيع أن لا يفعل لكنه يفعل لأمانته. والرجل الأمين مستأمن علي كل ما استُؤمن عليه من مال ومن إدارة ومن إرادة ومن مقدرات ومكتسبات. فهو بأمانته التي أودعها الله قلبه محافظا علي كل هذه الأمانات التي استؤمن عليها.لذا قال ابن عباس في معني الآية "إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ" . قال ابن عباس: "الأمانة هي الفرائض" وقال أبو العالية: "الأمانة هي ما أمروا به وما نهوا عنه" .وقال الحسن البصري: "الأمانة هي الدين فالدين كله أمانة". تدبر معي.. الرجل الأمين له صفات.. رجل قوي.. قوي في إيمانه.. قوي في أمانته.. قوي في أخلاقه. رجل يعف عن اخذ ما ليس له بحق. هو يستطيع أن يأخذ. يستطيع أن يسرق. يستطيع أن ينهب وأن يمتص دماء الخلق. لكن الأمين لا يفعل يعف عن أخذ ما ليس له بحق. لا يمد يده أبداً إلي الحرام. لأنه يعلم أن الحرام قصير العمر عديم البركة لا خير فيه. وسيسأل عنه بين يدي الملك الحق "يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالى وَلا بَنُونَ "88" إِلاَّ مَنْ أَتَي اللَّهَ بِقَلْبي سَلِيمي" "89" الشعراء. فهو يعف عن أخذ ما ليس له بحق. والرجل الأمين يعف عن عدم تأدية ما يجب عليه من حق. بل يؤدي ما يجب عليه من حق وهو قادر لمكانته وشرفه وماله ووجاهته وسلطته قادر علي أن لا يفعل قادر علي أن لا يؤدي ما عليه من حقوق. لكن أمانته توجب عليه وتلزمه أن يؤدي ما عليه من حق. ولو لم يطالبه الآخرون بأداء هذا الحق. أو حتي في حالة عجز الآخرين عن مطالبتهم بهذا الحق عنده يؤديه لأمانته. ومن سمات الرجل الأمين أيضاً. أنه رجل يحافظ علي ما استؤمن عليه أياً كان نوع هذه الأمانة. فالإرادة أمانة. والمال أمانة. والكلمة أمانة. والعلم أمانة. والسر أمانة. والوظيفة التي يرأسها أمانة. ومقدرات ومكتسبات البلد الذي استؤمن عليها أمانة. وكرسيه في مجلس الشعب أو في وزارة أو في الحكم أمانة. فالرجل الأمين يعلم قدر هذه الأمانات. ونحن في هذه المرحلة نحتاج إلي أهل الأمانة. وبكل أسف قد يتقدم الآن كثير ممن هم ليسوا أهلاً للأمانة ممن يتصورون أن الكراسي والمناصب فرصة للمغانم ونسي هؤلاء أنها أمانة. أمانة عظيمة ومسئولية والله كبيرة من حملها رغما عنه يلجأ إلي الله أن يعينه عليها. يتقدم الكثيرون وهم ليسوا أهلاً لهذه الأمانات. فهذه المراكز والمناصب ليست مغنماً. إنما هي تكليف. إنما هي مغرم. إنما هي تكليف وليست تشريفا علي الإطلاق لمن عرف قدر الأمانة. أنتم ترون هذا المشهد في يد أبائنا من الفلاحين مثلا أو الحدادين الذين يعملون بالفأس فيظهر في يده جلد منتفخ منتبر كأنه منتفخ بالماء فإذا ضغطت عليه انضغط وليس فيه شيء كذلك أثر الأمانة في الحالة الثانية حين تقبض من القلب ينتفض الجلد ينتفخ ويبدو للناظر أنه ممتلئ لكنه فارغ لا شيء فيه كجمر دحرجته علي رجلك فنفض فتراه منتبرا أي منتفخاً وليس فيه شيء فيكاد الناس يتبايعون ولا تكاد تري فيهم رجلا اميناً حتي يقال إن في بني فلان رجلاً أمينا وحتي يقال للرجل ما أجلده ما أظرفه وما أعقله وليس في قلبه ذرة من إيمان أو مثقال خردل من إيمان يقول: وما كنت أعاني من بايعت إن كان مسلما رده علي إسلامه وإن كان نصرانيا رده علي ساعيه أما اليوم. يقول حذيفة: فما كنت أبايع إلا فلانا وفلانا أي لا أبيع ولا أشتري إلا من فلانا وفلان. المرحلة في مصر تحتاج إلي الأمانة وتحتاج إلي الأمناء وتحتاج إلي الصادقين من جميع من يعيش علي أرض هذا الوطن. وأخيرا أيها الأفاضل المرحلة تحتاج إلي أن نهدأ قليلاً لنعمل كثيراً. فلقد تكلمنا كلاما ونظرنا تنظيرا في السنة الماضية يكفي لألف سنة مقبلة. نحتاج إلي أن نعمل نحتاج إلي أن نهدأ لنبني نحتاج إلي أن نهدأ لنبني لنعيد الأمجاد لنعيد البناء. نحتاج أيها الأفاضل أن يمد كل واحد فينا يده لأخيه لتبدأ من جديد عجلة التنمية وعجلة الاقتصاد. فبلدنا فعلاً يتعرض لخطر اقتصادي حقيقي وشعبنا الذي يطالب الآن بالمزيد لا يمكن علي الإطلاق أن نجني ثمرة الخير والمزيد بالتنظير وإنما بالعمل "وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَي اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ" "105" التوبة.