رب ضار نافعة.. وقد يجعل الله من المحنة منحة إلهية تجعلنا نزداد ايمانا بالوعد الإلهي "إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا" وقوله "عسي أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم". ورغم ما ارتكبه نظام أمن الدولة في النظام البائد من اعتقالات بلا جريمة.. وظلم بلا حدود حيث قضي كثيرون من المظاليم زهرة شبابهم في غياهب السجون لا لشيء الا لأنهم ملتزمون بتعاليم دينهم وأعلنوا انه لا صلاح للدنيا بغير الدين.. من هؤلاء الشيخ فارس سليم الذي اعتقل ظلما وبلا قضية تسع سنوات خرج منها حافظا للقرآن بالقراءات ويقوم بتحفيظه الآن في مكاتب للقرآن الكريم بجوار عمله في احدي شركات الحديد بقليوب حيث جعلوه مسئولا عن الموازين باعتبارها من أكثر الأعمال التي تتطلب الصدق والأمانة. في البداية يروي الشيخ فارس قصته فيقول: أنا من مواليد عام 1966 بقرية عزبة الزهوي المجاورة لمدينة قليوب.. نشأت في أسرة متوسطة الحال الا انها تعرف أمور دينها بالفطرة السوية وليس بالتعليم الديني في المعاهد الأزهرية.. وقد ألحقني والدي بالتعليم العام وحصلت علي مؤهل متوسط.. وبدأت اقرأ في أمور ديني وتعرفت علي مجموعة من الشباب الملتزم وكنا نعين بعضنا علي الطاعة وليس لنا أي انتماءات حزبية أو سياسية.. وكنا نلتقي بالمسجد نقرأ القرآن ونحفظه سويا الا ان هذا الأمر لم يدم طويلا حيث فوجئنا في يوم من الأيام بالقبض علينا وادخالنا المعتقل بلا تهمة أو جريمة ارتكبناها. ويضيف الشيخ فارس: في المعتقل الذي قضيت فيه تسع سنوات كاملة تمثل زهرة شبابي تعرفت علي مجموعة من المتعقلين ظلما مثلي..وأيقنا انه "لا ملجأ من الله الا اليه" وكذلك انه ليس لها من دون الله كاشفة.. قررنا تحويل المحنة التي جاءت بنا الي غياهب السجون الي منحة ربانية حيث طبقنا قول ربنا "امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض".. وكانت نقطة التحول ان بدأنا جميعا نتسابق في حفظ كتاب الله معا وقراءة المراجع الدينية التي لم أكن أتصور انه يمكنني قراءتها لو كنت خارج السجن.. وتسلحنا بالصبر والدعاء لأنه لم يكن أمامنا سوي ذلك. رحلتي مع القرآن وعن رحلته القرآنية بعد خروجه من المعتقل قال الشيخ فارس: أول شيء فكرت فيه أن أكمل ديني وبحثت عن بنت الحلال ورزقني الله بزوجة استطعت تحفيظها القرآن كاملا رغم انها لم تكن تحفظ منه شيئا الا انني أخلصت النية لله فسهل الله لي ذلك بشكل لم أكن أحلم به ورزقني الله منها بأبناء أقوم بتحفيظهم القرآن الكريم.. والتحقت مع زوجتي وشقيقتي بمعهد سيد المرسلين لاعداد الدعاة التابع للجمعية الشرعية بقليوب واستطاعت شقيقتي حفظ القرآن أيضا.. ولم نكتف بالحصول علي الشهادات التخرج من معهد اعداد الدعاة فقط بل اننا قمنا بافتتاح مكاتب لتحفيظ القرآن في قريتنا والقري المجاورة بل ومدينة قليوب نفسها ومن خلالها أقوم بتحفيظ القرآن للأطفال والرجال في حين تقوم شقيقتي وزوجتي بتحفيظ البنات والسيدات. وقال الشيخ فارس: أؤمن بلا حدود بقول رسول الله صلي الله عليه وسلم "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" ولهذا نذرت حياتي لذلك ففي أي مكان أكون متعلما أو معلما للقرآن وعلومه.. وشاركت في كثير من مسابقات القرآن ليس للفوز بالجوائز فقط وانما لأنني أشعر انني صاحب رسالة وان التنافس في حفظ وتحفيظ القرآن خير مجال للتنافس الذي تكون نتيجته الفوز بالدنيا والآخرة. وطالب الشيخ فارس بزيادة الاهتمام بالكتاتيب ومكاتب تحفيظ القرآن التابعة للأزهر والأوقاف والجمعيات الخيرية وتقديم الدعم المادي والمعنوي لها وان نزيد الاهتمام بتدريس مادة التربية الدينية بالمدارس وان يتم تطويرها وجعلها مادة أساسية وتضاف الي المجموع حتي يهتم الطلاب بها. مستقبل مصر وعن رؤيته لمستقبل مصر في ظل اكتساح الاسلاميين للانتخابات البرلمانية قال الشيخ فارس سليم: ان نحن فيه بفضل الله بدأ بدعواتنا نحن المظلومين في غياهب السجون حيث كنا ندعو الله أن ينتقم من الظالمين وان يعلي كلمة الله في الأرض ويطبق شريعته في مصر لتكون نموذجا يحتذي به الأرض.. ولهذا كان سروري بلا حدود بفوز الاسلاميين بغالبية مقاعد البرلمان وسيكون مستقبل مصر أفضل بلاشك بشرط أن نكون جميعا علي قلب رجل واحد ونصنع مصالح البلاد قبل مصالح الأفراد لأننا جميعا في سفينة واحدة اذا غرقت لا قدر الله سندفع جميعا الثمن.