نواصل حديثنا عن ثالث أسس الوحدة فنقول وبالله التوفيق: الأمر الثالثأن دعوة الناس إلي وحدة الأمة لا يعني بها: رفض المذاهب كلها أو بعضها. كما لا يراد بها: إدغام المذاهب والمساومة عليها. وذلك بأخذ شيء من كل مذهب ورفض شيء بحيث تكون الحصيلة صفقة مرضية لأتباع المذهب. كما لا يعني بها: تبديل مذهب بمذهب. أو إحداث مذهب جديد في الإسلام. كما لا يعني به: الاكتفاء بالمشتركات ورفض موارد الاختلاف والإعراض عنها تماماً. نعم لا يراد بالوحدة والتقريب شيئاً من هذه الوجوه المتصورة التي ربما يوجد لكل منها أنصار بين المسلمين الذين يدعون إلي وحدة الأمة. فإنا نعتقد أن هذه كلها أحلام كاذبة وآراء باطلة. ونرفض كل هذه الفروض والصور المحتملة لأنها ليست عملية. ولا سبيل إلي تحقيقها أصلا وبتاتا. والذي يدعو إلي واحدة منها لا يصل إلي تحقيقها. بل يزيد في الطنبور نقرة. ويوسع شقة الخلاف والخصام بين الأنام. وإنما السبيل الوحيد الذي نتبناه - اقتداء بالسلف الصالح من علماء المسلمين والنخبة من المصلحين في العالم الإسلامي - هو التأكيد والركون إلي المشتركات في حقل العقيدة والشريعة باعتبارها الأساسية للإسلام. وكونها - كما قلنا - معياراً للأخوة الإسلامية ووحدة الأمة. هذا مع الاحتفاظ بالمذاهب والاحترام المتقابل بين أتباعها فيما وراء هذه الأصول من المسائل الجانبية الفرعية التي يسوغ الخلاف فيها إطار الدليل والبرهان. والتي تعتبر غير ضروريةويكون باب الحوار والاجتهاد فيها مفتوحاً. البقية العدد القادم إن شاء الله