لاشك أننا سعدنا جميعاً بفوز توكل كرمان الصحفية والناشطة اليمنية بجائزة نوبل هذا العام.. لكن الجميع يؤكد أن هناك الكثير من العوائق التي تحول دون وصول المرأة العربية عامة والمسلمة خاصة لهذه الجائزة العالمية من هذه العوائق كما يقول المتخصصون. قيود المجتمع التي تضطهدها وتنظر إليها نظرة أدني وتقاعس المؤسسات الإسلامية عن القيام بدورها في تقديم المرأة العربية للمؤسسات العالمية. أكدت الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر علي أن عدم إعطاء المرأة فرصتها اللازمة رغم تميزها لنيل الجوائز العالمية التي تستحقها وراءه عوامل كثيرة أهمها ظروف المجتمع التي تقف حائلاً بين المرأة ووصولها لما هي جديرة به.. فالتمييز ضد المرأة لا أحد ينكره وهو موجود في المجتمعات الشرقية والغربية علي السواء فحتي الغرب الذي يتغني بأنه معقل الديمقراطية به تمييز ضد المرأة لكنه ليس بالشكل الفج الموجود لدينا فمسألة التمييز ضد حواء مسلم بها وقديمة قدم البشرية منذ الحضارة اليونانية والرومانية كما أن التمييز هذا كان جلياً أيام الجاهلية وقبل الإسلام وإلي اليوم هناك اضطهاد للمرأة رغم الدعاوي الكثيرة المطالبة بتحرير المرأة ومساواتها بالرجل في الحقوق والواجبات. مجتمع ذكوري أضافت: للأسف الشديد هناك البعض ممن يرفعون راية الدين يأخذون من النصوص الدينية ما يصادف هواهم ويؤولونه حسب رغباتهم وأهدافهم هذا بجانب ظروف المجتمع الذكوري بجانب تعدد مسئوليات المرأة كزوجة وأم كونها راعية لأطفالها وأسرتها وامرأة عاملة مسئولة عن عمل تؤديه يومياً.. كل هذا أدي إلي تراجع دور المرأة وحجم قدرتها علي الإبداع والتفوق والتميز الذي يدفع بها إلي العالمية من هنا لم تصل إلي الدرجة التي وصل إليها الرجل ولم تنل حظها من التكريم والتقدير وإتاحة الفرصة. أشادت د.آمنة بفوز الناشطة اليمنية توكل كرمان بجائزة نوبل هذا العام فهذا التكريم ليس تكريماً لشخصها وحدها إنما تكريم لبني جنسها لكن لا أحد ينكر والكلام للدكتورة آمنة إن اختيار توكل بالذات يرجع لأسباب سياسية خاصة بالقائمين علي هذه الجائزة لأن هناك المئات بل الآلاف من النساء العربيات والمسلمات المتميزات في شتي المجالات الفنية والفكرية والعلمية ولم يلتفت أحد إليهن لكن اختيار توكل اليمنية له بعد سياسي قد يكون أنها خرجت من منطقة ليست كاملة الأهلية بالنسبة للمرأة فمن هنا جاء الانهيار ونالت الجائزة.. لكننا في النهاية سعدنا بحصول عربية علي جائزة نوبل ونتمني أن يكون للمرأة المزيد من الإبداع العالمي سواء في الفكر أو في مجالات العلوم المختلفة لأنها جديرة بذلك بشرط توفير المناخ المناسب لها. عابت د.آمنة علي المؤسسات الإسلامية والعربية التي تعد بمثابة حلقة الوصل بين المرأة وبين القائمين علي جائزة نوبل تقاعسها وعدم القيام بالدور الذي ينبغي أن تقوم به وعدم ترشيحها للنساء المسلمات من الأساس. خلل في المعايير ووافقتها الرأي الدكتورة مهجة كامل درويش أستاذ تاريخ الأدب بجامعة الأزهر قائلة: لاشك أن المرأة العربية والمسلمة مضطهدة علي مر التاريخ رغم ما استطاعت تقديمه من ابداعات وارهاصات لا حصر لها استطاعت بها خدمة البشرية لكنها للأسف الشديد لم تأخذ حقها من التكريم والتقدير. استطردت: لا أدري ماذا قدمت أسماء محفوظ كي يتم ترشيحها لهذه الجائزة العالمية فهذا إن دل علي شيء يدل علي وجود خلل في المعايير وتخبط القائمين علي هذه الجائزة. كما أنه يعكس مدي تقصير الجهات والمؤسسات العربية والإسلامية في عدم قيامها بدورها وترشيحها للمبدعين والمبدعات العرب في نيل هذه الجائزة.. فهناك شخصيات نسائية مسلمة نجحت بجدارة في إثراء الفكر العربي والعالمي مثل الدكتورة عائشة عبدالرحمن الملقبة "ببنت الشاطئ" ورغم ذلك لم يلتفت إليها أحد ولم ينظر إلي إبداعها ولم يقدر ما قدمت.. لذا نتمني حيادية القائمين علي جائزة نوبل والنظر بعين الاعتبار والتقدير لما تقدمه المرأة العربية من إبداع وتميز وإعطائها حقها كما ينبغي. أضافت: لاشك أن الإعلام يلعب دوراً كبيراً في تلميع البعض وإلقاء الضوء عليهم لمصالح شخصية وليس بسبب تميزهم فمثلاً شخص مثل علاء الأسواني لم يوصله إلي العالمية إلا الإعلام فهو لم يقدم ما يفيد ويثري الأدب سوي خوضه في العلاقات الجنسية.. لذا نطالب بإعلام محايد ومنصف وهذا لن يتحقق طالما أن القائمين عليه أصحاب أعمال وتجارة وليسوا أصحاب رسالة حقيقية. المرأة معطاءة أشارت الدكتورة رقية إبراهيم أستاذ النقد والأدب بجامعة الأزهر إلي أن المرأة المصرية بشكل خاص والعربية عامة دائماً معطاءة ولها الفضل في إخراج كبار العلماء في شتي المجالات مثل العقاد وطه حسين وأمين الخولي فهؤلاء لم يتميزوا بمفردهم إنما بفضل أمهاتهم اللاتي وقفن بجوارهم وشددن من أزرهم وأوصلنهم إلي العالمية. أضافت: إذا وجدت المرأة الجو المناسب للإبداع والتميز قدمت الكثير.. لذا ندعو إلي تكريس دور المرأة وأن تنل حظها من العلم وأن نتخلص من كل القيود المكبلة لها كي تستطيع الإبداع والتميز وتخرج أفضل ما عندها. حصار مجتمعي تناولت خيط الحديث الدكتورة خديجة النبراوي الباحثة الإسلامية قائلة: هناك عوائق كثيرة تعوق دون وصول المرأة للجوائز العالمية من هذه العوائق الحصار المجتمعي المفروض عليها منذ سنوات طويلة فكيف لها أن تبدع وهي مكبلة ومقيدة.. كما أن المرأة عليها أعباء كثيرة تمنعها من التفرغ للبحث العلمي هذا مع إهمال الدولة للبحث العلمي وعدم إعطائه حقه في التمويل والاهتمام بالباحثين وليس هذا فحسب فلا توجد لجنة علمية تقوم بتقييم الأبحاث المقدمة من الرجال والنساء علي السواء للحكم علي مدي جودتها.. وفي حالة المسابقات فإنه للأسف الشديد يتم الاختيار علي حسب الأهواء والمصالح والعلاقات الشخصية هذا في ظل الاختفاء التام لأعمال الترجمة للغات الأجنبي لإبداعات العرب والمسلمين فكيف يتعرف الغرب علي أعمالنا وإنتاجنا إن لم تترجم. أضافت: نحن نعيش في مجتمع ذكوري لذلك فرصتها في نيل الجوائز المحلية وليس العالمية ضعيفة للغاية فالاختيار دائماً يكون لصالح الرجل ويتم تجاهل المرأة تماماً. المرأة والقرار السياسي قالت الدكتورة هالة أمين الداعية الإسلامية: الإسلام دين شامل يشمل جميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية ويحث المسلمين رجالاً ونساء علي المشاركة في العمل الاجتماعي والسياسي بما يحقق اعمار الأرض علي منهج الله وشريعته ولم تمنع المرأة من ممارسة العمل الاجتماعي والسياسي إلا بسبب غياب الفهم السليم للإسلام وسيطرة العادات والتقاليد البيئية علي فهم المسلمين وأضافت: التاريخ الإسلامي مليء بالنماذج النسائية المشرفة التي كان لها بصمتها البارزة وأثرت البشرية بعملها وعلمها ومشاركتها وتميزت علي الرجال من هؤلاء أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها التي تلقي العلم علي يديها الكثير من الصحابة والتي قال عنها النبي صلي الله عليه وسلم: "خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء" كما أنها شاركت في موقعة الجمل في عهد علي بن أبي طالب.. وكذلك السيدة أسماء بنت أبي بكر التي وقفت في وجه الحاكم الظالم الحجاج بن يوسف الثقفي ولا ننسي السيدة الشفاء وزيرة الحسبة "أي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في عهد عمر بن الخطاب والتي كانت تمشي في الأسواق ومعها أعوانها من الشرطة لفحص البضاعة والسيدة نفيسة التي تتلمذ علي يديها الإمام الشافعي أحد الأئمة الأربعة الذي يأخذ العالم كله عنه الفقه تتلمذ علي يدي امرأة.. وهذا يعد أكبر تقدير للمرأة وتكريم لها علي مر التاريخ.. لكن إخفاق المرأة المسلمة اليوم في التميز وعدم وصولها للعالمية ليس بسبب الظروف المجتمعية كما يردد البعض إنما بسبب تكاسلها وعدم استغلال قدراتها والقيام بواجباتها كما ينبغي لأنها إذا أخلصت في تربية أبنائها صاروا نافعين لهذه الأمة وإذا أتقنت عملها تميزت فيه ووصلت لأرفع الدرجات لكنها للأسف الشديد تريد من يقدم لها كل شيء وتعلق تخاذلها علي شماعة المجتمع.. لذا وجب عليها أن تستمر وتجتهد ولا تترك الصفوف الأوائل ليتقدمها غير المسلمات كما كان عهدها في الماضي. أضافت: لا فرق في الإسلام بين الرجل والمرأة في الإبداع والتميز وعمل الخير والمشاركة السياسية والاجتماعية فهي لم تغب عن العمل السياسي قديماً وهذا ليس بجديد عليها وليس وليد الظروف الحالية فقد كان لها الحق في الإجارة "أي اللجوء السياسي" مثل أم هانئ والتي قال لها النبي صلي الله عليه وسلم: "قد أجرنا من أجرتي يا أم هانئ" وليس هذا فحسب فقد بايعن النبي صلي الله عليه وسلم ومنهن من شاركت في الهجرة إلي الحبشة كما أنها شاركت في صنع القرار السياسي مثل موقف أم سلمة يوم الحديبية عندما أشارت علي النبي صلي الله عليه وسلم أن يخرج ولا يكلم أحداً ثم ينحر ويحلق ففعل المسلمون مثل ما فعل النبي.. لذا أتمني أن تحذو المرأة اليوم حذو أمهات المسلمين وتقلدهن ووقتها ستلفت أنظار العالم كله إليها.