يشهد مجلس الذكر الذي تقيمه مساء كل ثلاثاء "دار الحمد" بمنطقة الميرغني بمصر الجديدة استقبال ضيوف جدد سواء كانوا من المحبين أو العلماء الذين يقدمون.. خلاصة علمهم وتجاربهم. لكن ما يلفت النظر هو حضور عدد لا بأس به من الشباب في بداية العشرينيات وكلهم حماس في الاقتداء بالمنهج الصوفي المعتدل الذي تتبعه دار الحمد باشراف السيد محمد شحتة حميد نائب السادة الرفاعية. وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية. عضو المجلس الأعلي لنقابة الاشراف والذي يبدأ بصلاة العشاء ثم ترديد أحد أسماء الله الحسني وبعدها الندوة العلمية ثم ختمة القرآن الكريم ليكون المجلس عاماً وشاملا لكل أنواع الذكر. وكل المراحل العمرية رجالاً ونساء. ومن كل الطبقات الاجتماعية والفئات العلمية والثقافية. دروس الهجرة وفي هذه الليلة حضر فضيلة الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر ورئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب سابقا والذي أكد أن من أهم القيم التي أرستها الهجرة النبوية الشريفة هي قيمة "المحبة" مع الله فحيث تذكر الله تكون في معيته. وقد علمنا سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بتوجيهاته كيف تكون المحبة مع الله في كل وقت ولحظة حتي قال أحد العارفين بالله ما غاب عني رسول الله. ولو غاب عني لحظة ما عددت نفسي في عداد الاحياء لذلك فالله معنا في كل حركة أو سكون وفي كل لحظة من حياتنا حتي عند دخول بيت الراحة ومعاشرة الزوجة بقولنا : أعوذ بك من الخبث والخبائث. اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا. فلا يوجد مكان ولا زمان يخلو من ذكر رب العزة سبحانه وتعالي والهجرة تذكرنا بهذا وتعلمنا أن من كان في معية الله فلا يخشي أحداً. ولا كربا ولا هماً. "ما ظنك باثنين الله ثالثهما. لا تحزن إن الله معنا". أضاف : هناك أيضاً قيمة التكافل الاجتماعي التي جعلت الانصاري يشاطر أخاه المهاجر كل ما يملك حتي كانوا يتوارثون بها إلي أن نزلت آية "وأولو الارحام بعضهم أولي ببعض". وكان الايثار هو القيمة الثالثة فلم يكتف المسلم بالمشاركة والمؤاخاة بل كان يؤثره علي نفسه وهذا ما سجله القرآن الكريم في قوله تعالي : ".. ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.." فهذه القيم وغيرها الكثير التي أرستها الهجرة المباركة خلدها الله تعالي في القرآن الكريم وعبر عنها بأنها قوة وانتصار وليست ضعفاً وانكساراً "إلا تنصروه فقد نصره الله". سلف الأمة من جانبه أكد الدكتور أحمد السايح الاستاذ بجامعة الأزهر أن الصوفية هم بحق سلف الأمة الصالح. ومصر بخير وستظل لأنها محروسة بآل البيت والأولياء والصالحين كما أنها زاخرة بالندوات الدينية والثقافية التي تؤكد قيادتها وريادتها للعالم الإسلامي كله. وعرض المهندس محمد خليفة لجهوده في بيان الاعجاز القرآني من خلال علم الاحصاء الذي دخل في إثبات أن القرآن الكريم من عند الله تعالي وهذا كأحد الأساليب المعاصرة للرد علي الغرب الذي لا يعترف إلا بما هو محسوس وعلمي لدحض ادعاءاتهم ببشرية القرآن. مشيراً إلي أن الطريقة الرقمية والرؤية الاحصائية للقرآن الكريم تخرج لنا الكثير من أوجه الاعجاز القرآني. المؤمنون إخوة وأفاض الشيخ محمد حماد إمام مسجد الرفاعي في شرح وبيان مكانة الانصار الذين تبوأوا الدار والإيمان. ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة فهم الذين آمنوا برسول الله صلي الله عليه وسلم حق الإيمان.. مشيراً إلي أننا نتعلم من الهجرة تلك الاخوة الصادقة التي نفتقدها اليوم بين الاشقاء حتي نعلم كيف أن الاسلام ينير للناس حياتهم "إنما المؤمنون إخوة" ولو أننا اخذنا بأفعال الانصار لما رأينا بيننا إلا حبا ولصار الحب بين الجميع ولاختفت البغضاء والضغينة. واختتم السيد محمد شحتة داعيا إلي تطبيق كل هذه الدروس المستفادة عملياً في حياتنا حتي نكون جديرين بالخيرية التي وصفنا المولي عز وجل بها في قوله "كنتم خير أمة أخرجت للناس".