لا يحق لأي إنسان أن يبيح ويهدر دم أحد لمجرد خلافات فكرية أو سياسية وخاصة إذا كانت هذه الخلافات بين شخصية عامة والنظام الحاكم الذي لا يرتضي بقتل أحد لمجرد خلافه معه. ولذلك أغضبني ما أفتي به الشيخ محمود عامر رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية بالبحيرة الأسبوع الماضي بقتل أو سجن الدكتور محمد البرادعي المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية عن دعوته إلي العصيان المدني ومقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة. أنا لست ضد تدخل العلماء وحديثهم في السياسة لأن الدين لا ينفصل عن الحياة العامة والسياسة جزء من هذه الحياة. ولكن أنا ضد تسييس الفتاوي الدينية. فالفقيه يجب أن ينأي بنفسه عن أي خلافات وصراعات سياسية ولا يقحم الدين فيها ولو حتي علي سبيل المجاملة للنظام الحاكم. إن فتوي الشيخ عامر فتوي خطيرة تسييء للإسلام والمسلمين وتؤكد ما يدعيه المستشرقون والمعادون للإسلام بأن الإسلام دين دموي يساعد علي التطرف والإرهاب والإسلام بريء من كل ذلك فهو دين سلام يدعو إلي السلام. كما أن هذه الفتوي تفتح أبواب العنف والقتل وتؤدي إلي التخاصم والتقاتل بين الناس. ولذلك فإن فتوي الشيخ عامر بتحليل قتل البرادعي فتوي خاطئة ولا تجوز شرعاً ويجب علي الشيخ عامر أن يتراجع عنها ويقدم اعتذاره. وأنا هنا لا أدافع عن البرادعي أو الحركة التي يتزعمها. ولكني أدافع عن الإسلام الذي لا يقتل أحداً لمجرد خلاف سياسي. وخاصة أننا نعيش في دولة ديموقراطية تساعد علي تعدد الأحزاب وتحترم الرأي الآخر. كما أنني أحب وأحترم العلماء وأجلهم لأنني من بيت علم فوالدي عالم أزهري جليل وأستاذ أصول الفقه وعلم القراءات الدكتور شعبان إسماعيل. وأعرف جيداً منزلة العلماء الذين قال الله تعالي عنهم: "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات". ولكن يحزنني النفاق خاصة إذا جاء من أهل العلم. والله يمقت هذه الصفة البغيضة لدرجة أنه سبحانه وتعالي سمي إحدي سور القرآن بسورة "المنافقون" حيث قال تعالي: "إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون".