الهجرة النبوية ستبقي معانيها متجددة وسراجا منيرا علي مر العصور والأيام وإلي أن يرث الله الأرض ومن عليها.. فكلما هل علينا عام هجري جديد يتذكر المسلم هذا الحادث الجلل الذي غير وجه التاريخ إذ لولا ان من الله علي صاحب الرسالة العصماء به ما عرف الاسلام طريقه إلي العالم ولكن عناية الله عز وجل هي التي اختارت رسالة الاسلام لتخرج العالم من الظلمات إلي النور وحادث الهجرة مليء بالعظات والعبر والدروس المستفادة من أهمها: ** صدق العزيمة والصبر علي المكاره فقد تحمل الرسول صلي الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين الأوائل الصعاب والمشاق في سبيل نشر الدين الاسلامي وتعرضوا لأشد أنواع العذاب والتنكيل.. روي الإمام أحمد وابن ماجة عن ابن مسعود قال: أول من أظهر الاسلام سبعة: رسول الله صلي الله عليه وسلم وأبوبكر وعمار وأمه سمية وصهيب وبلال والمقداد. فأما رسول الله صلي الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه وأما أبوبكر فمنعه الله بقومه وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدرع الحديد وصهروهم في الشمس فما منهم من أحد إلا وقد واتاهم علي ما أرادوا إلا بلالا فإنه هانت عليه نفسه في الله وهان علي قومه فأخذوه فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول: أحد أحد ووصل بهم الأمر ان اشتدوا علي المسلمين كأشد ما كانوا حتي بلغ المسلمون الجهد واشتد عليهم البلاء وجمعت قريش في مكرها أن يقتلوا رسول الله صلي الله عليه وسلم علانية فرأي أبوطالب ان يدخلوا رسول الله صلي الله عليه وسلم شعبهم وأمرهم أن يمنعوه ممن أرادوا قتله.. فأجمعوا أمرهم ألا يجالسوهم ولا يبايعوهم ولا يدخلوا بيوتهم حتي يسلموا رسول الله صلي الله عليه وسلم للقتل وكتبوا في مكرهم صحيفة وعهودا ومواثيق لا يقبلون من بني هاشم صلحا أبدا ولا تأخذهم بهم رأفة حتي يسلموه للقتل فلبث بنو هاشم في شعبهم ثلاث سنين واشتد عليهم البلاء والجهد وقطعوا عنهم الأسواق فلا يتركون لهم طعاما يقدم مكة ولا بيعا إلا بادروهم اليه فاشتروه يريدون بذلك أن يدركوا سفك دم رسول الله صلي الله عليه وسلم "سيرة ابن كثير ج2 ص43" ووصل بهم التعذيب مبلغه حتي ان المسلم كان يأتي لرسول الله صلي الله عليه وسلم يشكو قسوة التعذيب.. كما روي ان خبابا يقول: أتيت النبي صلي الله عليه وسلم وهو متوسد ببردة وهو في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة فقلت: ألا تدعوا الله؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال: قد كان من كان قبلكم ليمشط بأمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه ويوضع المنشار علي مفرق رأسه باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه وليتمن الله هذا الأمر حتي يسير الراكب من صنعاء إلي حضر موت ما يخاف إلا الله عز وجل "زاد بيان" والذئب علي غنمه وفي رواية "ولكنكم تستعجلون" انفرد به البخاري دون مسلم.