شهداء الأمن المركزى فى رفح تصدرت المواجهة الأمنية المشهد في مصر لمحاولة القضاء علي الإرهاب، لكنها لا تكفي وحدها لوقف العنف وفقاً لما أكده الخبراء الأمنيون والاجتماعيون ورجال السياسة والأحزاب، حيث تحتاج إلي مساندة تشريعية لحماية هذه القوات التي تواجه الإرهابيين، وأيضاً مساندة شعبية وسياسية ودينية وعلي الجميع المشاركة للوصول إلي حل لوقف نزيف الدماء، فالمواجهة الأمنية جعلت المخربين يلجأون إلي العمليات الإرهابية من خلال الرد بالانتقام من الجنود والهجوم علي المنشآت العسكرية، وخيردليل علي ذلك المذبحة المأساوية الثانية برفح التي راح ضحيتها 25جنديا، ومذبحة »كرداسة« التي راح ضحيتها 15ضابطا وفرد شرطة . يقول اللواء دكتور شوقي صلاح (الخبير الأمني وعضو هيئة التدريس بكلية الشرطة) إن المواجهة الأمنية وحدها للإرهاب غير كافية، حيث تتطلب بجانب المواجهة الأمنية ضرورة ارتكازها علي منظومة قانونية داعمة لجهود تلك المواجهة، تضمن قانون العقوبات المصري في جانب منه نصاً يعرف الإرهاب، ونصوصاً أخري عقابية تشدد العقوبة علي الجرائم التي ترتكب بغرض إرهابي، إلا أننا في أشد الحاجة إلي قانون مستقل لمواجهة الإرهاب، لذا تقدمت لوزارة الداخلية في 9 يوليو الماضي بمشروع مرسوم بقانون في شأن " حماية المجتمع من الجرائم الإرهابية ومخاطر الاضطرابات العامة " يتضمن أفكاراً أساسية لما يجب أن يتضمنه المرسوم المشار إليه يقع المشروع في عدد عشرين صفحة، وهو يُدرس بالفعل حالياً في الجهات المعنية بوزارة الداخلية، ونقتطف من هذا المشروع بعضاً مما ورد به من أفكار لمساندة المواجهة الأمنية تشريعياً. وذلك علي التفصيل الآتي، إنه بالنسبة للجوانب الإجرائية التي تضمنها المشروع لمأمور الضبط القضائي بالأجهزة الأمنية وفي سبيل مواجهة الجرائم الإرهابية في غير حالات التلبس أن يقبض ويفتش شخص أو أكثر، ممن تتوافر ضدهم دلائل كافية علي ارتكابهم لجرم إرهابي، أو الشروع فيه، أو قيامهم بالإعداد والتجهيز لاقترافه متي اقتضت ذلك ضرورة أمنية، ويجوز للنيابة المختصة أن تمنح الإذن بالقبض والتفتيش من خلال اتصال هاتفي مسجل في حالات الاستعجال، علي أن يعرض محضر الإجراءات خلال 24 ساعة من ساعة القبض، ويجوز للنيابة العامة بناء علي طلب الجهة الأمنية المختصة مد مدة الاحتجاز حتي عشرة أيام أخري، وذلك شريطة عرض المتهمين عليها وبعد تحقيق تستوثق فيه من كون الجرم إرهابياً، وأن ظروف القضية تتطلب من الأجهزة الأمنية مزيداً من الوقت لضبط أدلة الجريمة أو مرتكبيها، وتقوم النيابة بمتابعة المتهمين ومسار القضية من خلال إعادة فتح التحقيق وسؤال المتهمين بعد مرور مدة 98 ساعة علي الأكثر من وقت عرضهم الأول عليها، وذلك للتأكد من عدم تعرض المتهمين لأي نوع من أنواع التعذيب. ويضيف اللواء صلاح أنه جاء بمشروع القانون أنه يجوز في حالات القبض والاحتجاز السابق الإشارة إليها لمأمور الضبط القضائي في حالة الضرورة التي تقتضي منع خطر ارتكاب جريمة إرهابية، أو لضبط بعض المشتبه في ارتكابهم جرماً إرهابياً، أو للحصول علي أدلة إدانة تتعلق بالجرم المشار إليه ويخشي من ضياعها، سرعة الانتقال لتفتيش مسكن أو مساكن المشتبه فيهم أو مقار أعمالهم، ويشترط أن يتم هذا التفتيش بقوة برئاسة ضابط برتبة مقدم علي الأقل وبعد موافقة النيابة المختصة، ويجوز أن تصدر الموافقة عبر الهاتف في حالة الاستعجال شريطة أن يتم تسجيل هذه الموافقة، ويعرض محضر جمع الاستدلالات علي النيابة متضمناً ما اتخذ من إجراءات خلال 48 ساعة من بدء أعمال التفتيش، وأثناء وقوع اضطرابات عامة في البلاد يمكن أن يترتب عليها مخاطر جسيمة علي الأرواح أو الممتلكات، فللسلطات الأمنية المختصة منع التظاهرات أمام الأماكن الهامة المرتبطة بالأمن القومي (مقار الرئاسة، المخابرات العامة، وزارة الدفاع، وزارة الداخلية، وزارة الخارجية، السفارات الأجنبية، البنك المركزي، البورصة )، وأي مقار أخري مماثلة في درجة أهميتها للجهات المشار إليها، والقبض علي المنظمين والمحرضين علي أعمال الشغب التي ترتكب في ظل هذه التظاهرات، وتقديمهم لأجهزة التحقيق، كما يحق للأجهزة الأمنية فض الاعتصامات بالميادين العامة إذا كان من شأن وجودها حدوث مصادمات شعبية بالغة المخاطر، وإن اقتضي هذا استخدام القوة بما يحول وحدوث تلك المصادمات. ويشير الخبيرالأمني إلي أنه يجوز للمحافظين كل في مجال اختصاصه حال حدوث اضطرابات أمنية تهدد بمصادمات أهلية بالغة الخطورة إعلان حظر التجوال خلال فترات زمنية محددة من اليوم، وفي الأماكن التي يخشي تفاقم الأوضاع الأمنية بها، علي أن يتم التنسيق في هذا الشأن مع أجهزة الأمن والقوات المسلحة وأجهزة المحافظة المعنية، ومن يخالف هذا الأمر يتم القبض عليه واحتجازه للعرض علي أجهزة التحقيق خلال 48 ساعة من وقت القبض عليه، و اختصاص القضاء العسكري بالقضايا التي يستخدم فيها الجناة أسلحة كبيرة العيار والتي تزيد فيها عيار الطلقات علي 7.62 X 93 مم أو تستخدم فيها المتفجرات، ووضع أحكام خاصة بحماية الشهود والخبراء في قضايا الجرائم الإرهابية. ويضيف اللواء صلاح أن مشروع القانون نص في شقه الثاني علي أفكار تتعلق بالتجريم والعقاب، بحيث يتم النص علي عقوبة تكميلية للجرائم الإرهابية التي يرتكبها تنظيم معين تتمثل في إدراج هذا التنظيم علي لائحة التنظيمات الإرهابية بعد صدور حكم بات في الجرائم المرتكبة من أعضائه، ويقترح أن يطلق عليها " القائمة السوداء "، حيث يترتب علي هذا الإدراج آثار قانونية أبرزها مصادرة أموال ومقار التنظيم، وتقييد حرية أعضائه في السفر خارج البلاد، فيشترط حصول من يرغب في السفر علي حكم من المحكمة المختصة، حيث يؤخذ بعين الاعتبار في إصداره رأي الجهات الأمنية المعنية والدولة المراد السفر إليها، ويجب علي أي مؤسسة (مالية، تجارية، أهلية) مصرية أو أجنبية تباشر نشاطها علي الإقليم المصري وتعلم أن في حوزتها أموالاً تابعة لتلك التنظيمات، أو لأحد من أعضائها صدر في شأنه حكم بالإدانة أن تبقي الأموال في حيازتها وتخطر فور هذا العلم الأجهزة الأمنية أو القضائية المختصة، ويُجرم امتناع تلك المؤسسات عن الإخطار المشار إليه، ويتم نشر الحكم الصادر لجميع الجهات المعنية بالدولة، مع قيام وزارة الخارجية بموافاة سفارات الدول الأجنبية التي ترتبط مع مصر باتفاقات أمنية تقضي بتبادل المعلومات بنسخة منه، وكذا نشرة للمنظمات الأمنية الدولية المعنية، ووضع نظام قانوني يحفظ حق الدولة من ناحية والأفراد من ناحية أخري في الحصول علي التعويض الجابر للأضرار التي ترتبت علي هذا الجرم، وكذا الغرامات المحكوم بها علي الجناة في تلك الجرائم، وذلك من خلال منظومة تلاحق ذمم الإرهابيين المالية حال حياتهم، وتتابع أيضاً تحركاتهم ما بعد الموت لاقتضاء هذه الديون أو الغرامات، فلا جرم أن النيل من ملكية الجاني مرتكب الجرم الإرهابي ليس أعز من النيل من حريته أو نفسه من خلال العقوبات التي يحكم بها عليه. ويشير اللواء محمد ناجي يوسف (مديرالإدارة العامة لحقوق الإنسان بوزارة الداخلية) إلي أن التضييق علي الإرهابيين أمنياً غاية في الأهمية، والدليل الجهود الكبيرة التي تبذلها قوات الشرطة بالتنسيق مع القوات المسلحة، وبسبب هذا التضييق نري الرد من قبل الإرهابيين باستهداف الأكمنة والمنشآت الحيوية ورجال الأمن،وهذا يؤكد أن المواجهة الأمنية وحدها ضد العنف لا تكفي فيفترض أن يساند هذه المواجهة المجتمع بأكمله وبجميع مؤسساته، فالمؤسسات الدينية لابد أن توضح سماحة ووسطية الدين الإسلامي ورفضه للأعمال الإجرامية، وعلي المؤسسات الإعلامية دور كبير فيجب ألا ينسي الإعلاميون الذين يتعمدون تضليل الرأي العام بنشر الشائعات والأكاذيب أنهم يعملون وفق ميثاق شرف إعلامي ودورهم أن يكونوا موضوعيين في كتابتهم ولا ينحازوا لطرف علي حساب آخر، ولابد من سن تشريعات تساند رجل الأمن في مواجهة الإرهاب . ويقول عصام زغلول (رئيس حزب الأمة) الحل الأمني يأتي في المقدمة لمواجهة العنف لكنه لا يكفي وحده، حيث يأتي بعده الحل الشعبي والسياسي،وهو ما قامت به القوي السياسية، حيث تجمعت للرد علي الغرب وأوباما راعي الإرهاب وتذكيره بأن الشعب خرج لتفويض الجيش والشرطة للقضاء علي الإرهاب، وتم تدشين جبهة جديدة أطلقنا عليها إسم "جبهة إرادة شعب مصر" وهي تضم 35حزبا و16حركة سياسية وعدة نقابات، وقامت الجبهة بعدة مسيرات وقابلنا رئيس الاتحاد الأوروبي بالقاهرة وأبلغناه برسالة القوي السياسية ورفضها لتهديدات أوباما بقطع المعونة الأمريكية لإيصالها للغرب،وأن ما حدث في مصر يوم 30 يونيو إرادة شعبية حماها جيش مصرالوطني بدون أي أطماع في السلطة وأكد رئيس الاتحاد الأوروبي بالقاهرة للقوي السياسية أن ما حدث ليس انقلاباً عسكرياً وإنما هي إرادة شعبية حماها الجيش وأنه غير مطروح بالمرة من قبل الاتحاد الأوروبي منع أي دعم أو معونة عن مصر. ويقول د.سالم أبوغزالة (نائب رئيس الحزب العربي للعدل والمساواة ونائب المجلس الأعلي للقبائل العربية) لن يقبل أحد أن تسقط مصر أمام هذه الغوغائية التي يفعلها الإرهابيون، مطالباً الأزهر بأن يمارس دوره في نشر وتعريف المواطنين بسماحة ووسطية الدين الإسلامي. وتري د.فادية أبوشهبة (عضو المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية) أن الحل الأمني مهم وكان لابد منه وخاصة أن عملية القبض علي رموز وقيادات الإخوان تأخرت كثيراً، وما كان يفترض أن يكونوا موجودين في الشارع كل هذه المدة، لكن في الوقت نفسه الحل الأمني وحده غير كاف لمواجهة العنف وحل الأزمة، ونحن رصدنا التزام الشعب بمواعيد حظر التجوال، وهذه الاستجابة تعتبر حلاً اجتماعياً وتعاوناً من الشعب مع رجال الجيش والشرطة حتي يتمكنوا من آداء مهامهم. وعلقت أبوشهبة علي واقعة "أبوزعبل" التي قتل فيها 36شخصا من المحبوسين احتياطياً أثناء ترحيلهم للسجن بأن قانون السجون يعطي الحق لضباط الشرطة بقتل من يحاول الهرب لأنهم إذا هربوا ستتحمل الشرطة المسئولية وتتهم بالتقاعس.