تتراءي أمام أعيننا الأحلام جميلة . يزداد اشتياقنا إليها تمر السنوات وتفقد بريقها داخلنا فإذا ماتحققت مر وقعها علي قلوبنا دون أن نشعر بتلك الفرحة والنشوة التي كانت تحدثها في قلوبنا . ببساطة لأنها جاءت بعد فوات الأوان . هذه السطور تلخص قصة حبي التي ظننتها لن تنتهي. تفتحت عيناي علي صورته وتشكلت ملامحه في قلبي منذ أن وعيت علي الحياة . هو ابن عمتي الذي شاركني طفولتي وصباي وشبابي . أحببته ربما بحكم التعود والعشرة . وظننت أنه يبادلني نفس الشعور حتي فاجأني بقصة حبه لصديقة عمري أفقدني بإعترافه هذا القدرة علي التفكير. وأعترف أن اختياره كان موفقا فكانت صديقتي جميلة في كل شيء كانت توأما لروحي مثلما كان هو توأما لقلبي. كتمت آلامي وتابعت قصة حبهما في صمت وانسحبت بعيدا لأتخذ من دراستي وعملي عزاء وسلوي وعوضني الله بنجاحي قدرا من الثقة، لكني فوجئت به بعد عامين من زواجه يزيد من زياراته إلينا والتي يتعمد فيها أن يكون بمفرده لم يكن من الصعب علينا معرفة أن خلافات بدأت تدب بينه وبين زوجته حاول هو إخفاءها علي الفور اتصلت بزوجته صديقتي لتفتح بسرعة لي قلبها وتحكي عن عذاباتها مع زوج لاتربطها به أي مشاعر سوي النفور وشعورها بالندم لأنها تركت من دق له قلبها بقوة بعد أن حالت الظروف المادية دون زواجهما وارتبطت بابن عمتي. لم تجد كلماتي مع صديقتي وكذلك مع ابن عمتي الذي صدمني بمفاجأته الكبري عندما اعترف لي عن أن سبب مشكلته هو تلك المقارنة التي يعقدها بيني وبينها ليميل ميزان حكمه لصالحي. اعترف أنه تسرع في الزواج منها . أما لماذا لم يتزوجني أنا وكنت دائما أمام عينيه هذا السؤال الذي أبي كبريائي وضميري أن أطرحه بصوت عال لكنه قرأه وأجاب بأنه أحيانا لا يدرك الإنسان حقيقة مشاعره إلا بالابتعاد قليلا. فرحة غمرتني رغما عني لكني أخفيتها بعد وخز من ضمير . وللمرة الثانية أشعر بالشلل ولاأدري كيف أتعامل مع قرار ابن عمتي بالانفصال عن زوجته . تركت مهمة ذلك لأبي وأخي الأكبر .وحاولت من جهتي تهدئة زوجته وشعرت أنني كدت أنجح في ذلك إلا أن ملاحقات ابن عمتي لي وتدفق مشاعر ثانية تجاهي تجعلني أشعر بالضعف والعجز عن اتخاذ أي قرار سليم . خاصة بعدما طلب مني الزواج. فهل جاء الحلم متأخرا أم أنه جاء بعد فوات الأوان ؟ لصاحبة هذه الرسالة أقول : طبيعي أن تشعري بهذه الحيرة فذكرياتنا عن الحب الأول في حياتنا هو أجمل مايربطنا بالحياة ومشكلتك أن حبك الأول لم يغب عن عينيك بل ظل أمامك بحكم القرابة ومع ذلك دعيني أصارحك أنه لم تقنعني كثيرا تبريراته في اكتشافه المتأخر لحبه لك فلو أحبك حقيقة ما ضيعك من يده . وأعتقد أنه شخص أناني لايبحث سوي عن مصلحته ولايبذل جهدا في إسعاد غيره والدليل علي ذلك زوجته التي فشل في إسعادها وبدلا من أن يحبها بكل مافيها من صفات طيبة تحدثت أنت عنها أخذ يبحث فيها عن صورة لأصل كان أمام عينيه طول الوقت كأنه يريد أن يحملها ذنبا لادخل لها به . ربما أكون قاسية في حكمي عليه وربما يكون قد اكتشف حبه لك لكني مازلت أري أن هذا الحب لن يكتب له النجاح لأنه جاء كما قلت أنت بعد فوات الأوان. هو مجرد وهم فاطردي شبح الماضي فليس له مكان سوي مقبرة النسيان.