والجديد الآن هو عاصفة الرفض التي تواجه الإعلان الدستوري 2013 فالمعارضون كثيرون فعلي الرغم من وجود فصيل مهم في الحياة السياسية غير معترف بالإعلان الدستوري وعزل مرسي وغير راض عن كل شيء يظهر لنا الآن مؤيدو ثورة 30 يونيو وهم يعترضون من أجل الاعتراض وظهروا وكأنهم خبراء دستوريون. ووجهوا سهامهم إلي الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المؤقت للبلاد وفي نفس الوقت هو رئيس لأعلي محكمة في مصر . وما بين مؤيد ومعارض للإعلان الدستوري الذي يحتوي علي 33 مادة رصدت "آخر ساعة" المواد الخلافية واتضح أن الغالبية العظمي من القوي السياسية اتفقت تقريبا علي ضرورة تعديل المادة الأولي التي تنص علي مبادئ الشريعة الإسلامية، التي من شأنها تقسيم مصر. الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي كان له رأي حيث أكد فريد زهران نائب رئيس الحزب أن الإعلان الدستوري محل ترحيب من بعض القوي السياسية، ولكن هناك بعض الملاحظات عليه، ومن بينها المادة الأولي التي تنص علي أن مبادئ الشريعة الإسلامية التي تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة، المصدر الرئيسي للتشريع. وأضاف، هذه نفس الصياغة المتعصبة طائفيًا ومذهبيًا الموجودة في الدستور الذي أصدره الإخوان، وهذه المادة ستضع مصر في مأزق التناقضات بين مذاهب أهل السنة والجماعة أنفسهم، ونحن نطالب بعودتها إلي الصياغة القديمة في دستور 1971، الذي ينص علي أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع". كما انتقد زهران، عدم إصدار مادة تمنع تكوين الأحزاب السياسية علي أساس ديني، حتي لا تتكرر أزمة جماعة الإخوان المسلمين مجددًا، وقال "المادة رقم 10 من الإعلان لا تنص علي منع قيام الأحزاب الدينية التي تشكل عائقا طائفيا لتمزيق المجتمع"، كما أن هناك 6 ملاحظات أخري علي الإعلان الدستوري، ففيها ما يُضيق علي الحريات العامة، بالإضافة إلي عدم وجود نص خاص بنائب رئيس الجمهورية، قائلاً "كان لابد أن يكون هناك نص خاص بصلاحيات نائب رئيس الجمهورية، لكي يستمد صلاحياته من نص دستوري وليس قرارا جمهوريا. لكن الدكتور محمد عطية فودة، أستاذ القانون الدستوري والمستشار بهيئة قضايا الدولة يري أنه يجب التفريق بين الدستور الدائم وبين الإعلان الدستوري، الذي يناسب مرحلة مؤقتة، وينفذ خارطة طريق لمرحلة انتقالية. ويوضح فودة أن الإعلان الدستوري إنما هو نواة لاستقرار البلد وتسيير شئونها في ظل الوضع الراهن، وليس دستورا كاملا دائما، إنما هو حل انتقالي يناسب مرحلة انتقالية ليملأ الفراغ التشريعي الناشئ عن حل مجلس الشوري الذي كان يقوم بدور التشريع في غياب مجلس النواب(البرلمان)، وهو ما لم يحتج لاستفتاء عليه مثلا، ولهذا فهو لا يحتاج لتوافق شامل شعبي وسياسي عليه. وعن مواد الإعلان الدستوري نفسه ، يقول فودة، أن الإعلان تناول مواد ممتازة لا تميز بين فصيل وآخر أو تنحاز لتيار دون غيره، فالمادة الثانية التي تتحدث عن أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي الحاكمة وأنها المصدر الرئيسي للتشريع، هي ذاتها في دستور 71 ولكن مع بعض التفصيل، فمزجت بين ما جاء في دستوري 1971 و2012، أما المواد التي تتحدث عن صلاحيات الرئيس، فيجب أن ندرك أمرين؛ أولهما أن الرئيس الموجود الآن هو رئيس مؤقت لن تزيد فترة حكمه عن ستة أشهر بمجرد إجراء انتخابات رئاسية، وثانيا: هو أن الوضع القائم الآن هو أشبه بحالة الطوارئ التي تبحث الدولة خلالها عن الاستقرار بشكل عام، الأمر الذي يجب أن يكون لصاحب القرار فيه صلاحيات تمكنه من تحقيق هذا الاستقرار. وردا علي سؤال حول اعتراض البعض علي تعديل دستور 2012 الذي تم إصداره في عهد حكم الإخوان، والمطالبة بعمل دستور جديد تماما، أكد فودة أنه لسنا بحاجة لعمل دستور جديد يدخلنا في إشكاليات عدة مثل تشكيل جمعية تأسيسية جديدة وما يستهلكه ذلك من جهد ووقت وأموال، في الوقت الذي لا يحتمل فيه البلد ذلك، فضلا عن أنه لدينا دستور توافقت عليه كل فئات وتيارات الشعب وفقا لاستفتاء شعبي، فيما عدا ما بين 12 20 مادة كانت محل خلاف، ولهذا ستقوم لجنة ال60 التأسيسية المنشأة، بالعمل علي هذه التعديلات. أما الدكتور محمد شوقي -أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- فوصف الإعلان الدستوري الذي تم إصداره قبل بضعة أيام بالمتوقع، خاصةً ما جاء في مواد "28، 29، 30، وشدد علي أنه من الممكن حدوث انقسام في القوي السياسية حوله، قائلاً "ربما يكون هذا الإعلان الدستوري بداية انقسام القوي السياسية، وهو ما سيدخلنا في دائرة مفزعة لا نريدها". وأضاف: "الإعلان الدستوري نص فقط علي تعديل الدستور في 30 يومًا، في حين أن الدستور يحتاج لإعادة تشكيل من البداية، فهذا دستور إخواني وباطل من بدايته،لا يجوز أن نسير علي خطي الإخوان". أما الدكتور أحمد عبدالهادي رئيس حزب شباب مصر فلا يري أن صلاحيات الرئيس في الإعلان الدستوري مطلقة كما لوح البعض؛ لأنه لابد من صلاحيات تتيح للرئيس المؤقت التحرك بمرونة وقال: "العبرة بالنتائج خاصة أن هناك تسارعا ورغبة في إنهاء المرحلة المؤقتة عبر جدول زمني صارم ومحدد وهو مايضمن نقلنا لمرحلة الاستقرار بسرعة". ويري أن مواد الإعلان كافية علي المستوي الدستوري والقانوني وإن كنا نري أنه لابد من عدم الاستسلام للمزيد من الجدل في ظل الأوضاع الحالية والدخول مباشرة لمرحلة التنفيذ، وأوضح أنه لايمكن للإعلان أن يلبي كل المطالب مؤكداً ان حزب شباب مصر تحديداً يتعامل مع الإعلان الدستوري من منطلق أنه يقوم بتسيير مرحلة مؤقتة في البلاد. ومع ذلك يري أن أحد أهم الملاحظات التي تؤخذ علي الإعلان الدستوري تعامل الإعلان مع الإعلام بسوء نية حيث قيده وهو مافعله الدستور الأخير حيث أطاح بالصحافة من موقعها كسلطة رابعة وسط تهكم من اللجنة التأسيسية التي كانت تناقش النصوص المقترحة من قبل بالإضافة إلي وضع قيود علي تحركات الأفراد ومظاهراتهم وإجبارهم علي الحصول علي موافقة من الجهات الأمنية مما يخضعها للأهواء ولابد أن تلغي التعديلات الدستورية هذه السلبيات باعتبار أن الإعلام أصبح أحد أهم الأسلحة التي تستخدمها الدول في حروبها وتحقيق أهدافها وهو مايجب أن تهتم به التعديلات المقترحة. ومن جانبها، تري عبير سليمان عضو المكتب السياسي لتكتل القوي الثورية الوطنية، أن الإعلان الدستوري جيد ومحدد لمسار الفترة الانتقالية بشكل متوازن وأصيل حيث إنه أقر الدستور أولا ثم البرلمان وصولا في نهاية الستة أشهر لإجراء انتخابات رئاسية وهذا مسار جيد للفترة الانتقالية. ولكن من سلبيات الإعلان أنه لم يلغ الأحزاب القائمة علي أساس ديني ولكن المادة التي ذكر فيها الأحزاب نظمت عمل و مسار الأحزاب واشترطت "ألا يدعو أي حزب للطائفية أو يدعم التمييز ضد المواطنين"، وأكدت عبير أن هذا أمر ليس هو أقصي طموحنا حيث إننا نرغب في عدم جواز إنشاء أحزاب علي أساس ديني ولكن الظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد وإصرار تيارات الإسلام السياسي وخاصة حزب النور أن يكون في المعادلة، يجعل التصرف الأرقي الحالي هو تشجيع التواجد السياسي حتي يتم الاتفاق أو التفهم أن الدين الإسلامي بخير وهو أصيل داخل المجتمع وتشريعاته وقوانينه ومنظماته دون الزج به في المعادلة السياسية او استثماره علي المستوي السياسي حيث إننا لازلنا نعاني من هذا الزج بشكل فج.