يعاني الكثير من المصريين من أمراض العظام المختلفة التي يصابون بها نتيجة العادات السيئة والعيوب والتشوهات الخلقية ومن أشهرها ما يحدث للأطفال أثناء الولادة ، وما يتعرض له الكثيرون من إصابات العمل نتيجة عدم توافر الأمن الصناعي وخاصة الصبية الذين يعملون في الورش ويزيد علي كل هذا زيادة الإصابات الخطرة التي يتعرض لها المواطنون من تفشي ظاهرة البلطجة والبلطجية وانتشار أنواع الأسلحة المختلفة التي ينتج عنها إصابات خطيرة وشديدة القسوة كما سيحدثنا عنها وعن غيرها من جراحات العظام واستخدام الاكتشافات الحديثة لعلاجها الدكتور محمد مصطفي الماحي أستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس ورئيس الجمعية المصرية لجراحات اليد والجراحات الميكروسكوبية. كانت القضية التي تشغله وتهم الكثيرين الآن هي عمالة الأطفال التي ينتج عنها إصابات خطيرة تصل بهم إلي العجز وفقدان الأطراف نتيجة تعرضهم لإصابات شديدة الخطورة وتمثلت تلك المشكلة حاليا مع "الطفل أحمد " الذي فقد أربعة من أصابعه أثناء عمله في إحدي الورش وحالته ستكون هي بداية الحوار معه ولكن في البداية لابد أن نتعرف علي بعض الإحصائيات عن عمالة الأطفال في مصر والتي تصيبنا بصدمة وتعد مؤشرا واضحا عن الفقر وسوء الأحوال الاقتصادية لدي شريحة عريضة من المجتمع المصري تزداد ولاتقل ، فطبقا لنتائج المسح القومي لعمالة الأطفال يقدر عدد الأطفال العاملين في مصر بحوالي مليون وثمانمائة ألف من إجمالي عدد الأطفال وأن نسبة أعداد الأطفال العاملين تتزايد لتصبح في أعلي معدلاتها في المرحلة العمرية من 51 - 71 سنة وأن نسبة الذكور ثلاثة أضعاف الأناث وكلها أرقام مخيفة لأنها ترتبط بالتسرب من التعليم والفقر والمرض وكلها أسباب تؤدي في النهاية إلي غرف العمليات وتضع الأطفال في أقصي درجات الخطورة ومن هنا بدأ الحوار مع الدكتور محمد مصطفي الماحي. هل يمكن أن نقول إن عمالة الأطفال هي السبب الأول فيما يتعرض له الأطفال من إصابات في أطرافهم؟ - هي أحد أسباب الإصابات وأخطرها علي الإطلاق لأنها تتسبب في حالات عجز كامل وعلاجها لكي تصل إلي القدرة علي استخدام الأطراف مكلفة للغاية وسأضرب مثالا بحالة الطفل أحمد (31 عاما) طالب في المرحلة الإعدادية، كان يعمل علي منشار كهربائي لمساعدة أسرته وأثناء عمله بتر المنشار أربعة أصابع من يده اليمني وتبقي له إصبع الأبهام فقط وتم نقله للمستشفي فقاموا بتغطية الجرح فعادة لا يمكن إعادة الأصابع في حالات البتر بالمنشار الكهربائي ، ورأيت أحمد بعد التئام الجرح وكان لابد من البحث عن حل له بعد عجزه وعدم قدرته علي مواصلة الدراسة ولا العمل بطبيعة الحال وفي مثل هذه الحالات تتم معالجة الأمر بطريقتين ، أولاهما هي نقل أصابع القدم وزرعها في كف اليد وهي تسبب لدي الكثيرين حالة نفسية سيئة لغرابة الشكل وصعوبة استخدام الأصابع فيما بعد أما الحل الثاني فيأتي عن طريق "عملية إطالة للعظم " . ماذا تعني بذلك وكيف تتم العملية ؟ - في حالات البتر يتم تركيب جهاز في غرفة العمليات يدخل عن طريق الشق داخل كف اليد في حالة أحمد ويقوم بسحب العظام من المنطقة التي يتم التركيب فيها بنسب معينة بمقدار نصف مللي في اليوم ربع مللي في الصباح ومثله في المساء ويسحب مع العظم الأوردة والجلد أيضا وهو أمر يتم بالتحكم في الجهاز والمطلوب في حالته أن تتم الإطالة لثلاثة سنتيمترات حتي يكون قادرا بعد ذلك علي استخدام يده والكتابة بها وفي نفس الحالة تم تركيب جهازين حتي يتم سحب أصبعين ولايمكن تركيب أربعة أجهزة في نفس الوقت وإنما يمكن بعد ذلك تركيبهما مرة أخري لتعويض الإصبعين الآخرين أو نقوم بإجراء جراحة أخري لشق الأصبع الذي تم سحبه من العظام إلي أصبعين، المشكلة أن هذا الجهاز صاحب الفضل فيه هو الطبيب الروسي "إلي زاروف" الذي يعد مكلفا للغاية ويتراوح سعر الواحد ما بين ألفين إلي سبعة آلاف جنيه ولا يستخدم إلي مرتين وبالطبع يستخدم هذا الجهاز في حالات أخري منها إطالة ذوي القامات القصيرة وحتي في حالة الطفل أحمد تم التبرع من أهل الخير بثمن الأجهزة وتكلفة غرفة العمليات والمستشفي، وأنا شخصيا أمام الحالة الصعبة التي كان يمر بها الطفل تنازلت عن أتعابي، فالمشكلة التي تقابلنا هي غياب معايير الأمن الصناعية وخاصة في الورش الخطرة فيكفي أن يشرد ذهن العامل للحظة حتي يتعرض لإصابة مخيفة يمكن تلافيها ببعض الحذر وتطبيق قواعد الأمن الصناعي. أشرت إلي إمكانية استخدام هذا الجهاز لإطالة أصحاب القامات القصيرة، فكم تبلغ نسبة الإطالة؟ - يمكن أن تتم الإطالة حتي 62 سنتيمترا بنسب معينة مع مراعاة إطالة الأوردة والأعصاب في نفس الوقت وتتم العملية بنجاح كبير مع مراعاة تنظيف الجهاز بمطهر حتي لا تحدث التهابات في موضع زرع الجهاز. تنتشر حالات التشوهات الخلقية بين الأطفال وخاصة نتيجة أخطاء أثناء الولادة فهل يمكن علاج مثل هذه الحالات؟ - من أشهر حالات التشوهات الخلقية ما يعرف "بملخ الولادة" وتتعرض فيها الأم لولادة صعبة فيتم شد الطفل من الرقبة أو الذراع وتتسبب في قطع مجموعة من الأعصاب فقد تسبب شللا في الطرف العلوي ومن الشائع لدي الكثيرين أنه لايتم التدخل الجراحي في مثل هذه الحالات ويكتفون بالعلاج الطبيعي وهو خطأ شائع فمن المفترض أن تجري جراحة في خلال السنة الأولي تستخرج فيها الأعصاب المقطوعة وتعطي نتائج جيدة وكلما تأخر إجراء الجراحة أصبحت أصعب والنتيجة أقل، وهناك إصابات أخري يتعرض لها الأطفال وتحتاج إلي تدخل سريع منها بتر أصابع الأطفال أثناء غلق الأبواب وتعرضهم إلي إصابات خطيرة نتيجة قطع أوتار الأصابع بسبب إصابات الزجاج وتعرضهم لمثل هذه الإصابات نتيجة عدم الرعاية ومراقبة تصرفات الأطفال في تلك السن. تنتشر مابين المصريين الآن أمراض الخشونة وخاصة التي تصيب المفاصل ونجد نسبة الإصابة بها مرتفعة لدي السيدات تحديدا فما هي أسباب الإصابة وهل يمكن تلافيها؟ - تنتشر خشونة المفاصل الكبيرة مثل الركب والظهر بين الناس، والطريف أن الخشونة عند الأجانب مختلفة عنها عند المصريين، حتي المصريين من أصول أجنبية أو تركية أو شامية يعانون من أنواع خشونة مختلفة عن المصريين الذين لا تختلف أجناسهم بآخرين، ورغم معاناة كثيرين من أمراض الخشونة إلا أنها أقل ألماً لدي المصريين من الأجانب. وهناك عدة أسباب للإصابة بآلام المفاصل منها (جلسة التربيع علي الأرض)، ووضع القدم أسفل الجسد أثناء الجلوس، وغالباً ما يرتكب هذا الخطأ من النساء، وزيادة الوزن وعدم ممارسة الرياضة. وتلافي هذه الأخطاء تمنع الإصابة بالخشونة لدي الكثيرين. تزداد نسبة التشوه في المفاصل لدي المصابين بمرض الروماتويد مما يمنعهم من الحركة، فهل هناك تدخل جراحي لحالتهم؟ - يسبب الروماتويد تشوها في المفاصل حتي أن المريض لا يستطيع استخدام يديه في كثير من الحالات، ومع العلاج بالأدوية يصل المريض إلي حالة لابد فيها من التدخل الجراحي، بعد أن يصاب بتآكل في المفاصل ، فيتم تغيير المفصل وترقيع للأوتار ويتم أيضا تدخل جراحي في حالة إصابة رأس عظمة الزند والكتف، وفي حالة مريض الروماتويد لابد أن يتم تقييم كامل لحالته من أول الكتف حتي أصابع اليد، وبعد التدخل الجراحي يمكن لمريض الروماتويد أن يستخدم يديه بشكل أفضل ويقترب من الطبيعي. قرأت إحصائية عن زيادة نسبة الحوادث ما بين السائقين كانت واحدا من بين ثلاثة يتعاطي المخدرات، فهل اختلفت الإصابات الجراحية بسبب ذلك؟ - لا يمر علينا يوم بدون مشاهدة عدة إصابات حادة يتم فيها بتر للأطراف وكسور للعظام شديدة الخطورة بسبب زيادة نسبة حوادث السيارات التي يأتي بعضها نتيجة السرعة الشديدة وقيادة شباب صغير السن معظمهم لا يمتلكون رخص قيادة هذا غير ما تأتينا به الحوادث بسبب عدم وعي السائق نتيجة تعاطي المخدرات أو الخمور، وكل هذا يعود إلي الانفلات الأمني خاصة بعد الثورة وعدم التزام الكثيرين بتعليمات المرور وعدم خوفهم من التعرض للتوقيف بسبب مخالفة المرور، فحتي نوعية الإصابات نفسها قد تغيرت ونراها شديدة الوضوح في غرف العمليات وخاصة في المشاجرات. ذكرت أن نوعية الإصابات اختلفت كثيراً بعد الثورة وأصبحت أكثر تعقيداً، فهل الانفلات الأمني وحده هو السبب؟ - ليس وحده السبب ولكن الحالة التي تمر بها مصر تنعكس بوضوح داخل غرف العمليات فانتشار الأسلحة في أيدي الجميع وزيادة سطوة البلطجية واستخدامهم أنواعا مختلفة من الأسلحة الحادة وأنواعا شديدة الخطورة من الأسلحة البيضاء تنتج عنها أيضا إصابات جديدة لم نكن نراها بمثل هذه الكثرة، فانتشار البلطجة والبلطجية مسئول بشكل كامل عن زيادة الإصابات وظهور أنواع جديدة منها بعد الثورة. في نهاية الحوار يدعو الدكتور محمد مصطفي الماحي إلي ضرورة التوعية للأمهات ومراقبة أطفالهن جيداً وعودة الأمن إلي الشارع حتي تقل الإصابات والالتزام بقواعد المرور واتباع التعليمات السليمة للتعامل مع الجسد الإنساني والوعي بضرورة اللجوء إلي الطبيب المختص لمعالجة الداء حتي لا يتسبب في عجز أو إعاقة مستديمة.