تنص الفقرة الأولي من المادة الأولي من الدستور علي أن جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطي يقوم علي أساس المواطنة. لم يتضمن الدستور أن المواطنة تعني الابتزاز، لكن المشهد داخل المجتمع يؤكد أن بعض الأقباط في مصر حولوا المواطنة إلي صورة من صور الابتزاز. ومؤخرا شهدنا بعض الأحداث التي ينطبق عليها وصف الابتزاز جملة وتفصيلا. أحد هذه المشاهد، اختفاء زوجة كاهن ديرمواس، السيدة تعمل مدرسة، ضاقت من معاملة زوجها فقررت الهرب، حصلت علي إجازة اعتيادية من عملها لمدة أسبوعين وسحبت آلاف الجنيهات من حسابها.. واختفت كاميليا، لم يفكر زوجها في الاستعانة بأهلها في البحث عنها. لم يفكر في إخطار الشرطة. بل فكر في إثارة الرأي العام لدي بعض المتعصبين من الأقباط وادعي أن زوجته خطفت وأن خاطفها هو زميلها المدرس محمد صلاح المتدين، وأن الخطف لإجبارها علي اعتناق الإسلام، ووجدت القصة استجابة لدي المتعصبين خاصة أن ابن خالة كاميليا اعتنق الإسلام منذ سنوات واختفي. اهتمت وسائل الإعلام محليا وعالميا بقصة خطف زوجة الكاهن. فالحادث لو وقع بالفعل لكان حدثا خطيرا، لكن الكاهن الذي لم يهتم بمدي الأثر الذي يترتب علي كذبه، استطاع أن يجعل كل الأجهزة الأمنية تبحث عن زوجته التي أساء معاملتها فتركت له الجمل بما حمل، وبالفعل أعلن عن عودة كاميليا، وهدأت الأمور، لكن لم ير أحد حتي الآن كاميليا. اختفت السيدة ولم نعرف سبب اختفائها، هل يتم حاليا استتابتها أي جعلها تتوب ؟ ولكن عم تتوب، هل اعتنقت الإسلام؟ وكيف اعتنقته ؟ هل يتم تعذيبها؟ المؤكد أن كاميليا اختفت بعد الإعلان عن عودتها ولكن لايعرف الرأي العام أين اختفت كاميليا؟ ولم يهتم الإعلام العالمي بالبحث عن إجابة لهذا السؤال، ولم يهتم أقباط المهجر الليبراليون المتحررون الديمقراطيون بمصير كاميليا، بل لم يهتم المجلس القومي لحقوق الإنسان ومنظمات حقوق الإنسان بمحاولة حماية مواطنة مصرية من مصير مجهول لايعرفه أحد. القصة نفسها كانت قد تكررت من قبل، فقد اختفت وفاء قسطنطين ويتصادف أنها زوجة أحد القساوسة ويتصادف أنها هربت لأنه يسيء معاملتها وبعد اختفائها أعلن البابا شنودة الثالث غضبه بعدما كذب عليه أتباعه وقالوا له إن وفاء اختطفت لأجل إجبارها علي اعتناق الإسلام، وهدد البابا بأنه سيذهب إلي الدير احتجاجا. الغريب أن وفاء عادت ولم يكن هناك من اختطفها لكي يجبرها علي الإسلام.. ولكن الذي ليس غريبا أن وفاء اختفت ولم يهتم البابا بأن يقول لنا أين وفاء؟ كما لم يهتم البابا بمعاقبة أتباعه الذين كذبوا عليه ووضعوه في موقف حرج أمام السلطات ولولا تسامح الدولة لكان موقفه في غاية السوء. لقد تكررت مثل هذه الحوادث وتكرر الابتزاز القبطي وفي كل مرة يثبت كذب المدعين الذين يهربون بفعلتهم التي يعاقب عليها القانون لمجرد أنهم أقباط. ماذا لو كذب آخرون وهيجوا الرأي العام في مسائل حساسة، هل ستقف الحكومة أمامهم موقف الذي »يطبطب .. ويدادي.. ويدلع« أم أنها ستقف موقفا حازما وتعمل قبضتها الحديدية تجاهه؟ لقد استمرأ بعض المتعصبين من الأقباط ابتزاز الدولة والمجتمع ويستقوون بالخارج وبأقباط المهجر. موقف أنبا مغاغة والعدوة بالمنيا مؤخرا يجسد هذا السلوك الذي أصبح سمة من سمات بعض رجال الكنيسة وبعض المتعصبين. لقد رفض الدكتور أحمد ضياء الدين محافظ المنيا أن يخالف القانون بشأن بناء مطرانية جديدة ومخالفة الأنبا أغاثون مطران مغاغة الشروط المتفق عليها مع المحافظ، فكانت الحرب الشعواء علي المحافظ وعلي الدولة، وكانت الاعتصامات والتهديد بقطع الطريق العام (بلطجة)، بل إن المطران هدد شخصيا بالذهاب إلي الكاتدرائية في العباسية والاعتصام والتظاهر والسعي لمقابلة الرئيس مبارك لإطلاعه علي تصرفات محافط المنيا تجاه الأقباط، لقد قصد الأنبا أغاثون ترويع المحافظ والرأي العام وقال إن البابا يتابع من أمريكا حيث يعالج هناك بحزن وغضب مايحدث وأنه يبارك كل خطواتنا. كان موقف المحافظ أحمد ضياء الدين شجاعا، فقد رفض الابتزاز وأكد تمسكه بالقانون بل حاول في سبيل دحض حملة الابتزاز القبطية ضده أن يجتمع مع أغاثون، ولكن أغاثون رفض حضور الاجتماع رغم دعوته بخطاب مسجل (إيه الدلع ده) كما وافق المحافظ في اتجاه آخر علي الترخيص ببناء جديد لمطرانية مطاي وأمر بأن تنتهي إجراءات الترخيص خلال نصف ساعة. (أخشي أن يعتقد بأن ذلك تم استجابة للابتزاز وخوفا من فتح جبهة ابتزاز أخري ضد المحافظ). وقد استجاب الأنبا أغاثون قائد فصيل الابتزاز لقيادات أمن الدولة بالمحافظة وأعلن الهدنة مع المحافظ حتي يعود البابا من أمريكا. لايقتصر الابتزاز علي بعض الكهنة والمتعصبين، بل الغريب أن الدكتور ثروت باسيلي وكيل المجلس الملي وعضو المكتب السياسي للحزب الوطني حذر وهدد بشأن النزاع علي مساحة من الأرض بعزبة الهجانة، بأن استمرار النزاع علي الأرض سيؤدي إلي احتجاجات من الأقباط في الداخل والخارج.. سيحتجون علي الدولة التي تفرط في الأرض المملوكة للكنيسة تصريح غريب من د. باسيلي وإن كنت أصنفه في بند تصاعد الابتزاز القبطي ضد الدولة والمجتمع. هذه نماذج قليلة وأنوه إلي أن هذا الابتزاز استغلال مقيت لمسألة المواطنة والحريات، فلو أن مواطنا مصريا لا أقول قبطيا أو مسلما له حقوق قانونية فإن الدولة تحميه والقضاء يؤكد حقوقه ولكن في نفس الوقت فإن للدولة هيبة وللمجتمع كله حقوقاً وعلي الدولة أن تفرض هيبتها فليس هناك مواطن أفضل من آخر.. ولايوجد مايسمي بشعب إلا شعب مصر.. وليس هناك شعب مسلم وآخر قبطي.. وليس هناك شعب مصري وآخر قبطي كما يطلق البابا .. علي الذين يعتنقون الديانة المسيحية الأرثوذكسية. وليس هناك دولة تسمي دولة الكنيسة.. فالدولة هي مصر والوطن هو مصر.. ومصر لجميع أبنائها مهما كانت دياناتهم.