أعرف الدكتور محمود حمدي زقزوق عن قرب منذ حوالي 15عاما، عالما يصحح المفاهيم، ومفكرا يضيء الطريق، وشجاعا يدحض الأباطيل والأفكار الهدامة بكل حزم وعلم واقتدار، وسلاحه في ذلك المنطق الهادئ، وعفة اللسان، والصدر الرحب المتسامح، فهو ينقد التخلف، والجهل، والقضايا التافهة، لكنه لا يجرح أحدا أبدا، فشخصيته الطيبة تكره العنف والتصادم، ولأجل هذا محبوب من الرأي العام: مسلمين وأقباطا.. وهو مسئول لا يهتم بصغائر الأمور، ولا يقف عندها، فالحياة عنده فيها ما هو أهم لرفعة الدين والوطن، ولا يقوي عليها إلا كبار النفوس، كما أن الدكتور زقزوق مثال للنزاهة المطلقة واحترام الذات، فقد لا يعلم البعض أن جميع مؤلفاته التي يتم طبعها في المجلس الأعلي للشئون الإسلامية يرفض أن يتقاضي أي مقابل أو مكافآت عنها، وتصله شهريا دعوات عديدة من دول العالم لزيارتها باعتباره شخصية لها ثقلها ووزنها وترجمت أعماله إلي معظم لغات العالم، وبلغت مؤلفاته 35 كتابا في الفلسفة والأخلاق والدراسات الاستشراقية والفكر الإسلامي، لكنه لا يوافق علي قبول أي دعوة منها إلا في المحافل الدولية التي ترفع راية الإسلام، ومصر عالية، وما إن ينتهي ذلك المؤتمر حتي تراه علي أول طائرة قادمة للقاهرة، فلا وقت عنده للنزهة أو التسوق أو الترفيه، فشخصيته تميل للزهد وإنكار الذات، ورغم عالمية فكره، شديد البساطة، واضح.. لا يتلون.. ولا ينافق، فهو يعرف قدره جيدا، ولم يتملق في حياته من أجل كرسي أو منصب زائل، وهذا سر شموخه.. ويكفيه علمه، وأبحاثه ودراساته التي تلقي من الحفاوة والتقدير في مصر وخارجها، لما فيها من عمق الفكرة، ورصانة الأسلوب، وقوة الحجة، وسلامة المنطق، فضلا عما تتركه من أثر واضح في تجلية قيم إسلامنا العظيم.. وآخر مؤتمراته العالمية ما تم في الأسبوع الماضي عندما سافر إلي الفلبين ليلقي كلمة مصر أمام الجلسة الوزارية لحركة عدم الانحياز حول حوار الأديان. الدكتور محمود حمدي زقزوق من أكبر المفكرين والمصلحين، وأعتبره امتدادا طبيعيا للإمام محمد عبده.