لاشك أن النظام البائد خلّف وراءه العديد من المشكلات والأزمات سواء أكانت اقتصادية أو سياسية أو حتي اجتماعية وبالطبع تعتبر مشكلة تأخر سن الزواج إحداها أو كما يحلو للبعض تسميتها "العنوسة" فالمشكلة اقتصادية من الطراز الأول فقد عمد مبارك وحاشيته إلي إنفاق أكثر من نصف ميزانية الدولة علي الجهات الأمنية بحجة تأمين سلطانهم وجاههم وقد يكون هذا هو السبب في انهيار الاقتصاد وعدم تمكن الشباب من الحصول علي فرصة عمل و تأسيس عش الزوجية فانتشرت أمراض اجتماعية خطيرة كالزواج العرفي وزيادة حالات الاغتصاب وزني المحارم وماخفي كان أعظم.. وحتي الأهل فقد تواطئوا بشكل غير مباشر مع ذلك النظام بعاداتهم وتقاليدهم البالية التي عاهدوا أنفسهم ألا ينحوها جانبا من مغالاة في المهور ومؤخر صداق وغيرها من الشكليات بحجة تأمين مستقبل ابنتهم الغالية فخلقوا أزمة كبري لم يكونوا ببالغي خطورتها. وبالطبع تظل تلك المشكلة من المشكلات الحيوية التي أرقت الباحثين وأساتذة الاجتماع وحاولوا كثيرا وضع حلول عملية لها وقد كان خالد بدير الباحث بكلية الدعوة الاسلامية أحدهم فعكف علي دراسة المشكلة من كافة جوانبها في رسالة الدكتوراه التي حصل عليها بتقدير امتياز وتوصل إلي حل قد يكون غريبا علي مجتمعنا إلا أنه وجده أفضل الحلول ألا وهو فرض ضريبة علي غير المتزوجين من الشباب لتشجيعهم أو تخويفهم للإقدام علي تلك الخطوة. فبحسب دراسة بدير هذه التي أكدت أن نسبة العوانس وصلت إلي 13 مليون عانس تجاوزت أعمارهن 35 عاما وهذه النسبة في تزايد مستمر وتختلف من محافظة إلي أخري. فهل ستفلح تلك الفكرة في الحد من نسب العنوسة المرعوبة هذه بمجتمعنا؟ وما المعوقات التي قد تقف في طريق تطبيقها؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في هذا التحقيق. طرحنا ذلك الحل الذي وضعه الباحث علي بعض الشباب وهل إذا تم تطبيقه سيسهم فعليا في حل الأزمة. تقول فاتن سمير 26 سنة: مما لاشك فيه أن العنوسة هي مشكلة هذا الجيل فالأوضاع الاقتصادية هي سبب تلك الأزمة وليس أحجام الشباب عن الإقدام عن تلك الخطوة فإذا تحسنت تلك الأوضاع وعزف الأهالي عن المبالغة في طلباتهم سيتشجع الشباب للدخول في قفص الزوجية دون فرض ضرائب عليهم.. أما أحمد طه33سنة فيري: أن هناك بعض العوانس وخاصة من الشباب الذين يريدون اصطياد الفتيات والإيقاع بهن في حبالهم دون الزواج وهذا بالطبع يخلق أزمة أخلاقية بالمجتمع وهنا يكمن ذلك الحل والذي سيساهم في اثنائهم عن تلك الأفكار وتطبيق شرع الله ولابد من تناسب الضريبة مع الظروف الاقتصادية لكل شاب فكلما زاد دخل الشاب زادت الضريبة والعكس وهذا يتأتي بعمل دراسة وافية عن كل غير المتزوجين. نشوي الشربيني (ربة منزل) تقول هناك أسباب كثيرة للعنوسة دون النظر فقط للظروف الاقتصادية وأهمها العروس الصيني التي غزت عقول شبابنا نظرا لتكلفتها الاقتصادية التافهة مما يجعلها خطرا يواجه بناتنا كذلك علاقات الإنترنت التي تدفع الشاب أن يستعيض بها عن الزواج أو الزواج بسن متاخرة للغاية وقد تساهم تلك الضريبة في القضاء علي تلك الأوضاع القبيحة. وبعد أن سردنا آراء الشباب اتجهنا للحوار مع الدكتور خالد بدير صاحب تلك المبادرة الذي برر أسباب اختيار هذا الموضوع لدراسته قائلا: الرغبة في المساهمة في دعم الدراسات الميدانية، والتأكيد علي معالجة الدعاة لواقع المجتمع المعاصر، وكشف النقاب عن ظاهرة من أهم وأخطر الظواهر التي تهدد كيان المجتمع وهي ظاهرة "العنوسة"، والواقع المؤلم للشباب والفتيات ممن هم في سن الزواج ومحاولة الباحث المساهمة في معالجة الظاهرة، وذلك من خلال وضع الحلول والعلاجات لمشكلة العنوسة من منظور إسلامي، وبيان المنهج الإسلامي القويم في علاج هذه الظاهرة. وعن أسباب العنوسة التي توصل اليها في دراسته قال:تأتي المغالاة في المهور من قبل الأهل علي رأس أسباب المشكلة دون النظر إلي ظروف العريس الاقتصادية وتفشي البطالة بين صفوف المجتمع وسيادة مفاهيم اجتماعية بعينها كرفض تزويج الابنة الصغري قبل الكبري ورفض رؤية المخطوبة من قبل خطيبها مما يؤدي لعزوف العريس عن الزواج وكلما زادت نسب العنوسة زاد الانفلات الأخلاقي بالمجتمع ناهيك عن الآثار النفسية السيئة علي العانس كالإصابة بأمراض الاكتئاب والقلق الحاد والعزلة المرضية . الضريبة تراعي الفروق الاجتماعية بين الشباب وقد وضع بدير حلولا عدة لتلك المشكلة منها الإقبال علي إنشاء صناديق الزواج ومساعدة المقبل علي تلك الخطوة ماديا من قبل الدولة وتوفير فرص عمل وبالطبع تأتي فرض ضريبة علي العزاب كنوع من أنواع حثهم علي الزواج خاصة أن الكثير منهم تكمن أسباب عنوسته في الاغترار بالمال والجمال والعلم وآخرون يتشاءمون بالنساء ولايريدون رابطا لهم دون النظر إلي ارتفاع تلك النسب المرعبة وهنا يأتي دور الضريبة للزج بهم في قفص الزوجية. ويستكمل بدير: ولابد من مراعاة تباين الظروف الاقتصادية للشباب وكلما ارتفع المستوي الاجتماعي للشاب زادت الضريبة المفروض عليه والعكس وبهذا نستطيع المساهمة في القضاء علي تلك المشكلة. وعن رأي علماء الاجتماع في هذا الحل يري الدكتور علي المكاوي أستاذ الاجتماع: قد يساهم هذا الحل في تراجع نسب العنوسة ولكن بتحسن الأحوال الاقتصادية للمجتمع فالشاب الذي لايستطيع إيجاد عمل يقتات منه فمن الصعب عليه أن يطالب بدفع ضريبة نقدية علي عدم زواجه فهو مقتنع بأن الزواج نتيجة للعمل. يتابع: وقد تجدي تلك الضريبة مع الشباب الذي يعاني ترفا في الحياة كما أنها ستساهم فعليا في القضاء علي غزو العروس الصيني مصر وإقبال الشباب عليها نظرا لتكلفتها البسيطة كذلك مواقع الزواج الإلكترونية والتي تقوم بعرض فتيات أوربيات أو حتي عجائز لتحقيق حلم السفر لهؤلاء الشباب ولكنها في حقيقة الأمر ماهي إلا مواقع نصب الكترونية.