نقيب الأشراف فى حواره مع أحمد دياب الفترة الحالية مؤقتة ومصر تنقي نفسها والخير قادم نحتاج إلي المصارحة بين الحاكم والمحكوم لتسير الأمور في نصابها الطبيعي ضاعت القيم في النزاع علي الدستور واختفي الحوار لتحقيق المكاسب التاريخ لن ينسي للأحزاب والقوي المتصارعة ما تفعله بمقدرات الشعب التصارع يكشف عدم رغبة الأحزاب في تحمل المسئولية رجل الدين أقوي من السلطان علي المنبر لأنه يحلل ويحرم وصف المشهد السياسي الذي تمر به البلاد وتردي الأوضاع التي ألقت بظلالها علي المواطنين بأن ذلك أمر طبيعي لافتاً إلي أن القارئ للتاريخ يعرف أن مصر تنقي نفسها من حين لآخر ولابد من تضافر الجهود والاعتصام بحبل الله حتي تنهض البلاد. داعياً الأحزاب بالنزول إلي الشارع من أجل الوقوف علي هموم المواطنين والعمل علي إيجاد حلول لها في الوقت الذي ناشد الجميع الاحتكام إلي الشرعية والإنصات إلي صوت العقل وحكمة السنين لافتاً إلي أن الرئيس مرسي وحده لن يتمكن من القيام بكل شيء ولذلك من الأفضل حصول الرئيس علي فرصته لتنفيذ برنامجه ووعود قطعها علي نفسه وعدم استباق الأحداث بمظاهرات تنطوي علي أهداف مملوءة بسوء النوايا لبعض الفئات التي لا تريد أن تقوم لمصر قائمة وخاطب المؤسسات الدينية لتعود إلي صدر المشهد وتؤثر في الأفراد وتدفعهم نحو التخلي عن معتقداتهم الخاطئة. أراد نقيب الأشراف في هذا الحوار إبراء ضميره أمام الله والوطن ليرسل شعاع نور.. فيشق عتمة الأفكار المظلمة التي طمست هوية الشعب المصري الذي أصبح يجري وراء السراب محذرا من حدوث مغبة الفتنة في سلوكيات المجتمع فتؤثر عليه في ارتكابه أفعالاً لا يحمد عقباها.. فقام نقيب الأشراف بوضع روشتة علاج لكافة القلاقل في حواره التالي. كيف تري الأوضاع السياسية التي تمر بها البلاد الآن ؟ أعتبر أن ما يحدث هو أمر وارد وطبيعي والقارئ الجيد للتاريخ يعرف أن مصر سوف تظل بخير وسوف تنقي نفسها وتطهر نفسها من حين لآخر.. مثلا في العصرين »القديم والوسيط« من المماليك والتتار وكل المعتدين حدث هجوم عليها وتصدت له.. والفترة الحالية هي فترة مؤقتة.. وما بعدها سوف يحمل الخير الكثير لمصرنا والمناخ الذي نعيشه يدعو للتساؤل إلي أين ذهب المصريون بكل ما يملكونه من قيم وتقاليد راسخة هل أطاحوا بهما من الحياة وبددوا قواعد قوية تعد جزءا أصيلا من نسيج المجتمع وهل انفرط العقد ولم نعد نملك القدرة علي إعادة الأشياء إلي طبيعتها.. هل فرطنا في الوطن ووضعناه في حلبة مصارعة لنقتله في اليوم ألف مرة طمعا في أشياء مصيرها إلي زوال فضلا أن هذا عادة ما كان يحدث عقب كل الثورات بداية من الثورة الفرنسية من حالة عدم الاستقرار والتشكيك وغيرها من الأمور التي تزعزع أركان الوطن والبيت المصري من الداخل. هل من الممكن أن تسير الأمور بدون أن يتحمل كل فرد مسئوليته ولم يؤد الأمانه التي يحملها في عنقة؟ الرسول الكريم كان ينزل عليه الوحي من السماء، ومع ذلك لم يفرط قيد أنملة في الاهتمام والاعتماد علي أتباعه من المؤمنين ليناصروه في دعوته التي جاء من أجلها للبشرية كلها وساعدوه علي أداء رسالته وإذا كان ذلك حال النبي الكريم. تلك هي المعضلة الأساسية التي يواجهها رئيس الجمهورية وغيره ممن يتولون موقع المسئولية لابد من تكاتف الشعب معه حتي يحقق الرخاء.. ولابد أن يتقي الله في الوطن وأن يري المسئولية أمانة وتكليفاً من الله قبل أن يكون تشريفا بالمنصب وقلت لكل مرشحي الرئاسة الذين حضروا إلي النقابة إن المسئولية لديكم كبيرة تجاه الأمة المصرية والعربية وإن القيادة مسئولية كبيرة أمام الله وتحتاج إلي تكاتف جميع أبناء الوطن حتي ننهض ببلدنا فضلا كيف يستطيع هؤلاء العمل وأداء الرسالة وتغيير الواقع بينما المواطنون في غفلة ويلقون بكامل العبء فوق عاتق ولاة الأمر. لن تستطيع القيادة وحدها تغيير الواقع المؤلم الذي نعيش فيه دون مشاركة حقيقية من كل المواطنين.. العامل في مصنعه والموظف في عمله وكل صاحب مهنة أو حرفة.. القضية تحتاج إلي مشاركة وما نشاهده الآن يعكس حالة من الفوضي ورغبة لدي الكثيرين في عدم تحمل المسئولية وتقدير الظروف الراهنة التي يقع تحت وطأتها المجتمع. كيف يتم تغيير ذلك الواقع المؤلم الذي نعيش فيه ؟ أولا نتفق »أن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم« والأمم التي نهضت من التخلف والعدم وصلت إلي قمة الهرم عندما ساد الحق والعدل فيها وتحمل كل مواطن مسئوليته عن طيب خاطر.. فلسنا أقل من هذه الشعوب التي شيدت لنفسها حضارة راسخة وتقدم ينظر إليه الآخرون بكل احترام وتقدير الآن.. إن أخطر ما يمر به المجتمع حالياً هو هذه الحالة من الضبابية الداكنة التي تحجب النصيحة، وتصبح القلوب فيها محتقنة وتسكنها الكراهية والبغضاء. نحتاج إلي مناخ تسود فيه المصارحة بين الحاكم والمحكوم وإظهار الحقائق حتي وإن كانت مؤلمة حتي تسير الأمور في نصابها الطبيعي نحو الاستقرار والتنمية. كيف تشخص حالة المجتمع المصري في الانقسام عقب الاستفتاء علي الدستور مؤخرا؟ من الخطأ الجسيم أن تستخدم العبارات التي فيها مشاعر دينية في العمل السياسي ويجب أن نأخذ من خلق الدين لتقويم السياسة حتي تأخذ المسار الصحيح في الأخلاق وخير مثل السياسي الأول الرسول الكريم ماذا كان يفعل عندما يقابل الوفود التي تأتي إليه وماذا فعل مع نصاري نجران عندما حان وقت صلاتهم وهم بالمسجد النبوي سمح لهم بالصلاة في ركن من أركان المسجد.. هذا الخلق السامي للرجل السياسي ولن تستقيم الأمور إذا ظلت هذه الحالة من الانقسام والتناحر، فهذه الحالة تنذر بكارثة وبخطر جسيم وتدفع المجتمع صوب مصير مجهول. ويجب علينا الانتباه أن زيادة حدة الصراع وانقطاع قنوات الحوار، ويذهب كل فريق في اتجاه فتتسع الهوة وسنجد في لحظة أننا أمام مجتمع مفتت وأصبح أشلاء بلا هدف. نحن نعيش في وطن ينبغي أن يتسع للجميع بكل انتماءاتهم وتوجهاتهم ومعتقداته. ليس في مصلحة أحد عدم الوصول إلي نقطة اتفاق والإطاحة بكل ما من شأنه إعلاء قيمة المصلحة الوطنية، لابد أن نلتقي عند نقطة نبدأ فيها حوارا قويا يقوم علي الاحترام وتبادل وجهات النظر ولن تثمر المناقشات عن طرح طيب إذا أصبحت صدورنا ضيقة حرجة لاتقبل الآخر. كيف تري الخلاف علي نصوص الدستور التي تم الاستفتاء عليها مؤخرا وجاءت بنعم؟ أولا الدستور ليس قرآناً.. وضاعت ملامح الحقيقة في ظل الصراعات القائمة علي تحقيق مكاسب خاصة، وقد ضاعت أشياء ذات قيمة وسط نزاع جري علي نصوص ومواد الدستور واختفي طريق الحوار وتمسك كل طرف بموقفه دون الوضع في الاعتبار بأن هذا الدستور يأتي لمصلحة الوطن والمواطن وليس لتحقيق مكاسب للأفراد ولم تستطع الأطراف المتصارعة إيجاد لغة مقبولة للحوار والوقوف علي أرضية مشتركة تستطيع عليها تقريب وجهات النظر.. فضلا عن أن الدستور عمل بشري يمكن في أي مرحلة إعادة النظر في نصوصه وتغييره علي نحو أو آخر.. الدستور ليس نصا أبديا يمكث في الأرض أبد الدهر، ولست أجد منطقا في حالة النزاع الناشبة حوله. كان من الممكن الوصول إلي توافق علي كثير من نصوصه لو أخلصنا النوايا وتحمل كل طرف مسئوليته وأراد أن تسير مركب الحياة دون تعطيل، فنحن أحوج مانكون للتلاحم والتماسك. هل نضع فوق عاتق الأحزاب والقوي السياسية مسئولية الحالة الراهنة؟ أي حزب من الأحزاب السياسية لابد أن ينزل إلي الشارع ويعرف هموم المواطن وأي مسئول يقترب من الجماهير ترتفع أسهمه.. فضلا عن أن الكل أخطأ في حق الوطن، ويتحمل كل فرد في المجتمع مسئوليته تجاه مايحدث.. من يتخذون وسائل من الاعتصامات والمظاهرات وتعطيل مرافق الحياة وسيلة للتعبير عن آرائهم التي يرون أنها لتحقيق مطالبهم المشروعة وغير المشروعة ولم يكن في أي عرف.. ذلك المشهد وسيلة للحرية والتعبير عن الرأي، ومن يرفضون الحوار ويضعون شروطهم التعجيزية ويفرضون الأمر الواقع دون النظر إلي المصلحة الوطنية والدولة التي أوشكت علي الانهيار جراء دخول أطراف عديدة إلي حلبة الصراع السياسي.. إن التاريخ لن ينسي للأحزاب والقوي السياسية ما تفعله بمقادير الوطن ومقدرات الشعب وإني أحذر من مغبة مايحدث علي الساحة السياسية، واستمراره علي النحو السائد.. فلن تجد هذه الأحزاب غير وطن ضعيف وقد مرض جسده.. الوضع لم يعد يحتمل مزيداً من الصراع وما تفعله الأحزاب يكشف عن رغبتها في عدم تحمل المسئولية الحقيقية. هل الأحزاب ضلت الطريق نحو معالجاتها لآلام المواطن التي قامت أهدافها علي ذلك؟ الأحزاب السياسية لديها مشكلة حقيقية تتعلق بالمنهج الذي تسير عليه، فحتي الآن لم تستطع الإمساك ببداية الخيوط التي تقودها للوصول إلي المواطن.. فما زالت تعمل في جزر منعزلة عنه ولم تنزل إليه للتعرف علي احتياجاته ومتطلباته وإيجاد حلول جادة لمشاكله ومعاناته اليومية وكرست كل وقتها وجهودها لصراع سياسي قد يجرف البلاد إلي أخطار لا يحمد عقباها وتخلق حالة من الفوضي بينما المواطن يحتاج إلي الاستقرار والشعور بالأمان. كيف تري من يستخدم الدين في التأثير علي المواطنين البسطاء ودفعهم لاعتناق أفكاره السياسية؟ بلا جدل يوجد أناس أقحموا الدين في أمور سياسية طمعا في توجيه الناس صوب اعتناق أفكار بذاتها لتحقيق أهداف بعينها والشعب المصري بطبيعة تكوينه يميل تجاه الدين ويتأثر بالحلال والحرام.. لذلك كان يتعين علي الذين استخدموا الدين في السياسة أن يحجموا عن الدخول في هذه المناطق الشائكة.. حتي نحفظه، ونبعده من حدة الصراعات السياسية التي لا تصون حرمة الدين. ولا يجوز خلط الدين بالسياسة والعكس.. ولكن من الممكن اتخاذ الأمور الدينية في الأمور السياسية كما فعل الرسول الكريم. بعض الخطباء دأبوا علي مخاطبة الناس من فوق المنابر في محاولة لاستمالتهم إلي تيار سياسي بذاته.. ألا يعد ذلك انحرافا عن دورهم الديني ؟ أعلنت كثيرا أن رجل الدين علي المنبر أقوي من السلطان بقوله الذي يستمده من سماحة الأديان وواجب علينا ونحن مسئولون عن التقدم والرخاء مطالبة جميع المسئولين عن الهيئات الدينية أن يتوسعوا في نشر الدعوة في ربوع الوطن ونشر خلق الرسول الكريم وكذلك القساوسة بأن يشرحوا المنهج السماوي الذي نزلت به الرسالات السماوية علي أنبيائه ورسله ورجل الدين يملك أدوات قوية في رسالته يفتقد إليها غيره.. كونه يتحدث في أمور الدين ويرشد إلي الحلال والحرام وإلي الخطأ والصواب، ووفق ذلك يحمل في عنقه مسئولية جسيمة وأمانة يجب أداؤها علي نحو طيب، وإذا انحرف عن مساره فإنه يتحمل وزر ما فعل. الدعاة منوط بهم دور واضح في تعليم الناس أصول وقواعد الدين الإسلامي التي تقوم علي التسامح والمودة والرحمة ونحن في هذه الأيام أحوج ما نكون إلي نوعية من الدعاة تدعو إلي تماسك الأمة ووحدة صفها كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا والحديث من فوق المنابر في أمور سياسية يعد انحرافا شديدا بإقحام الدين في أمور يتعين الابتعاد عنها وتشجع الناس علي الجدال في مكان لا يحتمل فيه الجدل.. بل وتشجعهم علي انتهاك حرمة المساجد. كيف يمكن علاج مظاهر العنف التي تعددت بالشارع تحت ستار الدين؟ أحذر من مغبة الفتنة التي تلقي بظلالها علي سلوكيات المواطنين وتدفع بهم إلي ارتكاب أفعال إجرامية الدين منها براء، فالوطن يحتوي الجميع بكل أطيافهم وانتماءاتهم السياسية ويستظل بسمائه كل من يعشق ترابه وحالة العنف التي نراها مسيطرة الآن علي المشهد السياسي تضع الدين الإسلامي الذي يقوم علي المودة والرحمة في صورة تنال منه أمام العالم.. لذلك علينا استشعار حجم الخطر. ليس علي الوطن وحده وإنما علي الدين الإسلامي. إنه من الأهمية بمكان النظر إلي أخلاق الحبيب صلي الله عليه وسلم عندما دخل فاتحا مكة.. فقد وقف يخطب في الناس ليؤكد علي عمق الدين الإسلامي وسماحته، وقال: اليوم يوم الرحمة، والآن فإننا أحوج ما نكون في هذه الأيام الصعبة إلي اعتناق الرحمة والمودة وأن يسمع بعضنا بعضا ونتقبل الاختلاف في الرأي وأن نشعر بما يعانيه البسطاء ونطرح الخلاف جانبا ونتحلي بأخلاق النبي الكريم وقتها سيتلاشي كل صراع ندخل في دوامته. كيف السبيل للخروج من الأزمة والتئام جراح الوطن وتقارب الأطراف المتباعدة؟ كل الأطراف تجمعني بهم علاقة صداقة وإذا خاطبت فيهم ضميرهم الوطني وأعلن أنهم جميعا لديهم عشق لهذا الوطن ولن يرضيهم حالة الشقاق والخلاف الدائرة التي ندفع ثمنها جميعا من أمن واستقرار الحياة وعلي يقين بأن النوايا طيبة ولكن يسيطر الخلاف في وجهات النظر علي الموقف ويري كل طرف أنه يقف علي أرضية صلبة يملك فيها الحقيقة وحده.. وأدعوهم إلي النظر لأخلاق النبي الكريم.. وكيف كان ينظر إلي الآخر ويدير معه حوارا. لن نخرج من دوامة الأزمة ونصل إلي مرفأ آمن إلا بالجلوس علي مائدة الحوار دون شروط مسبقة والوضع في الاعتبار إعلاء المصلحة الوطنية.. وأدعو الجميع إلي مبادرة للم الشمل ونبذ الخلاف وتدارك الموقف قبل استفحال الخطر وإني أقف إلي جوار الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب في مبادرته التي طرحها وما زالت قائمة.. فالوطن لن تلتئم جراحه إلا بالحوار الجاد وليس بالمغالبة والصراع.. علينا الاحتكام إلي صوت العقل. المبادرة التي طرحتها.. هل تراها كافية لجمع الفرقاء علي طاولة المفاوضات؟ المبادرة جاءت من منطلق حبي وخوفي علي الوطن والمصلحة العامة والرئيس مرسي تم انتخابه بطريقة شرعية وواجبنا الشرعي مساندته والوقوف بجواره وعند الخطأ لابد من تقديم النصح والإرشاد وأدعو الجميع إلي النظر بعين الاعتبار إلي إعلاء المصلحة الوطنية وكل طرف من الأطراف المختلفة يسكن في داخله ضمير وطني يحركه لتحقيق الأمن والاستقرار ولكن يبقي الاختلاف في الوسيلة للوصول إلي ذلك.. ما طرحته بشأن المبادرة يكفي لجمع الشتات المتفرقة كونه يقوم علي قواعد عادلة وواضحة يضمن لكل طرف حقوقه.. الوقت يداهمنا وما لا نستطيع إيجاد الحلول له بالحوار اليوم فقد لا نتمكن غدا من تداركه.. كل طرف لديه مسئولية وعليه تحملها فسوف يأتي يوم ويسأل عما اقترفت يداه. الوطن لديه شرعية وعلينا الاحتكام إليها وإني أجد الرئيس مرسي علي بينة من أمره برغبة حقيقية في تقبل مبادرة الحوار المطروحة لتجاوز عقبات المرحلة ولم أتلمس والإمام الأكبر شيخ الأزهر منه شيئا يكشف عن رغبة في غلق باب الحوار. لابد للأحزاب والقوي السياسية من فتح نوافذ الحوار كونها تحمل فوق عاتقها مسئولية في هذا الشأن والنظر للمبادرة المطروحة من منطلق تغليب المصلحة الوطنية والانتصار لها. كيف تري ما تدعو به بعض القوي الثورية للتظاهر في الذكري الثانية لثورة يناير الشهر الجاري؟ لو كانت هناك أسباب مقنعة لهذه التظاهرات لكنت أول الداعمين لها لكني أجد المجتمع في حاجة شديدة إلي تحقيق الاستقرار والعبور بالمرحلة الراهنة إلي أفق أوسع.. حتي يمكن علاج آثار الماضي وتجاوز المصاعب التي ضربت المجتمع في مقتل.. لن يستقيم الوضع ويعود الناس آمنين علي أنفسهم ومستقرين في أحوالهم.. إلا إذا عاد كل فرد في المجتمع يؤدي دوره علي نحو جاد. إن الاستمرار في التظاهرات علي النحو الذي تدعو إليه بعض القوي السياسية يعمق الفوضي ويزيد من حدة الصراع السياسي.. المجتمع لم يعد في حاجة إلي التظاهرات وإنما يتعين عليه السعي بجدية نحو مزيد من العمل والإنتاج... لابد أن يعود الناس إلي رشدهم ويتحلون بالإيمان بأن مصر قوية وصلبة ولن تنكسر تحت أنواء الصراعات السياسية.. فقط علينا الانتباه لما يدور حولنا ونعلي المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار. البعض يعتبر أن التظاهر حق من الحقوق التي كفلها الدستور وإجهاض الدعوة إليه يعد عودة لكبت الحريات؟ علينا أن نفرق بين الحرية والفوضي وأيضا تحديد الهدف من التظاهر واستخدام الوسائل المشروعة لتحقيقه وأن الدعوة لا تحمل في ثناياها أهدافا وطنية وتعكس صراعا سياسيا يذهب بكل جهود البناء وتحقيق الاستقرار أدراج الرياح.. ليس من المنطقي الدعوة للتظاهر علي النحو الذي يدعو إليه هؤلاء.. فذلك يكشف عن قصور في الفهم وضعف للوعي بقيمة وحقيقة التظاهر.. المسألة ليست استعراضا للقوة بقدر ما هي تحقيق للمصلحة الوطنية وإعطاء الفرصة لبناء واستقرار المجتمع.. ليس هناك من يقف ضد التظاهر بمعناه الحقيقي إذا اقتضت الضرورة ذلك. كيف تري الأوضاع السياسية التي تمر بها البلاد الآن ؟ أعتبر أن ما يحدث هو أمر وارد وطبيعي والقارئ الجيد للتاريخ يعرف أن مصر سوف تظل بخير وسوف تنقي نفسها وتطهر نفسها من حين لآخر.. مثلا في العصرين »القديم والوسيط« من المماليك والتتار وكل المعتدين حدث هجوم عليها وتصدت له.. والفترة الحالية هي فترة مؤقتة.. وما بعدها سوف يحمل الخير الكثير لمصرنا والمناخ الذي نعيشه يدعو للتساؤل إلي أين ذهب المصريون بكل ما يملكونه من قيم وتقاليد راسخة هل أطاحوا بهما من الحياة وبددوا قواعد قوية تعد جزءا أصيلا من نسيج المجتمع وهل انفرط العقد ولم نعد نملك القدرة علي إعادة الأشياء إلي طبيعتها.. هل فرطنا في الوطن ووضعناه في حلبة مصارعة لنقتله في اليوم ألف مرة طمعا في أشياء مصيرها إلي زوال فضلا أن هذا عادة ما كان يحدث عقب كل الثورات بداية من الثورة الفرنسية من حالة عدم الاستقرار والتشكيك وغيرها من الأمور التي تزعزع أركان الوطن والبيت المصري من الداخل. هل من الممكن أن تسير الأمور بدون أن يتحمل كل فرد مسئوليته ولم يؤد الأمانه التي يحملها في عنقة؟ الرسول الكريم كان ينزل عليه الوحي من السماء، ومع ذلك لم يفرط قيد أنملة في الاهتمام والاعتماد علي أتباعه من المؤمنين ليناصروه في دعوته التي جاء من أجلها للبشرية كلها وساعدوه علي أداء رسالته وإذا كان ذلك حال النبي الكريم. تلك هي المعضلة الأساسية التي يواجهها رئيس الجمهورية وغيره ممن يتولون موقع المسئولية لابد من تكاتف الشعب معه حتي يحقق الرخاء.. ولابد أن يتقي الله في الوطن وأن يري المسئولية أمانة وتكليفاً من الله قبل أن يكون تشريفا بالمنصب وقلت لكل مرشحي الرئاسة الذين حضروا إلي النقابة إن المسئولية لديكم كبيرة تجاه الأمة المصرية والعربية وإن القيادة مسئولية كبيرة أمام الله وتحتاج إلي تكاتف جميع أبناء الوطن حتي ننهض ببلدنا فضلا كيف يستطيع هؤلاء العمل وأداء الرسالة وتغيير الواقع بينما المواطنون في غفلة ويلقون بكامل العبء فوق عاتق ولاة الأمر. لن تستطيع القيادة وحدها تغيير الواقع المؤلم الذي نعيش فيه دون مشاركة حقيقية من كل المواطنين.. العامل في مصنعه والموظف في عمله وكل صاحب مهنة أو حرفة.. القضية تحتاج إلي مشاركة وما نشاهده الآن يعكس حالة من الفوضي ورغبة لدي الكثيرين في عدم تحمل المسئولية وتقدير الظروف الراهنة التي يقع تحت وطأتها المجتمع. كيف يتم تغيير ذلك الواقع المؤلم الذي نعيش فيه ؟ أولا نتفق »أن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم« والأمم التي نهضت من التخلف والعدم وصلت إلي قمة الهرم عندما ساد الحق والعدل فيها وتحمل كل مواطن مسئوليته عن طيب خاطر.. فلسنا أقل من هذه الشعوب التي شيدت لنفسها حضارة راسخة وتقدم ينظر إليه الآخرون بكل احترام وتقدير الآن.. إن أخطر ما يمر به المجتمع حالياً هو هذه الحالة من الضبابية الداكنة التي تحجب النصيحة، وتصبح القلوب فيها محتقنة وتسكنها الكراهية والبغضاء. نحتاج إلي مناخ تسود فيه المصارحة بين الحاكم والمحكوم وإظهار الحقائق حتي وإن كانت مؤلمة حتي تسير الأمور في نصابها الطبيعي نحو الاستقرار والتنمية. كيف تشخص حالة المجتمع المصري في الانقسام عقب الاستفتاء علي الدستور مؤخرا؟ من الخطأ الجسيم أن تستخدم العبارات التي فيها مشاعر دينية في العمل السياسي ويجب أن نأخذ من خلق الدين لتقويم السياسة حتي تأخذ المسار الصحيح في الأخلاق وخير مثل السياسي الأول الرسول الكريم ماذا كان يفعل عندما يقابل الوفود التي تأتي إليه وماذا فعل مع نصاري نجران عندما حان وقت صلاتهم وهم بالمسجد النبوي سمح لهم بالصلاة في ركن من أركان المسجد.. هذا الخلق السامي للرجل السياسي ولن تستقيم الأمور إذا ظلت هذه الحالة من الانقسام والتناحر، فهذه الحالة تنذر بكارثة وبخطر جسيم وتدفع المجتمع صوب مصير مجهول. ويجب علينا الانتباه أن زيادة حدة الصراع وانقطاع قنوات الحوار، ويذهب كل فريق في اتجاه فتتسع الهوة وسنجد في لحظة أننا أمام مجتمع مفتت وأصبح أشلاء بلا هدف. نحن نعيش في وطن ينبغي أن يتسع للجميع بكل انتماءاتهم وتوجهاتهم ومعتقداته. ليس في مصلحة أحد عدم الوصول إلي نقطة اتفاق والإطاحة بكل ما من شأنه إعلاء قيمة المصلحة الوطنية، لابد أن نلتقي عند نقطة نبدأ فيها حوارا قويا يقوم علي الاحترام وتبادل وجهات النظر ولن تثمر المناقشات عن طرح طيب إذا أصبحت صدورنا ضيقة حرجة لاتقبل الآخر. كيف تري الخلاف علي نصوص الدستور التي تم الاستفتاء عليها مؤخرا وجاءت بنعم؟ أولا الدستور ليس قرآناً.. وضاعت ملامح الحقيقة في ظل الصراعات القائمة علي تحقيق مكاسب خاصة، وقد ضاعت أشياء ذات قيمة وسط نزاع جري علي نصوص ومواد الدستور واختفي طريق الحوار وتمسك كل طرف بموقفه دون الوضع في الاعتبار بأن هذا الدستور يأتي لمصلحة الوطن والمواطن وليس لتحقيق مكاسب للأفراد ولم تستطع الأطراف المتصارعة إيجاد لغة مقبولة للحوار والوقوف علي أرضية مشتركة تستطيع عليها تقريب وجهات النظر.. فضلا عن أن الدستور عمل بشري يمكن في أي مرحلة إعادة النظر في نصوصه وتغييره علي نحو أو آخر.. الدستور ليس نصا أبديا يمكث في الأرض أبد الدهر، ولست أجد منطقا في حالة النزاع الناشبة حوله. كان من الممكن الوصول إلي توافق علي كثير من نصوصه لو أخلصنا النوايا وتحمل كل طرف مسئوليته وأراد أن تسير مركب الحياة دون تعطيل، فنحن أحوج مانكون للتلاحم والتماسك. هل نضع فوق عاتق الأحزاب والقوي السياسية مسئولية الحالة الراهنة؟ أي حزب من الأحزاب السياسية لابد أن ينزل إلي الشارع ويعرف هموم المواطن وأي مسئول يقترب من الجماهير ترتفع أسهمه.. فضلا عن أن الكل أخطأ في حق الوطن، ويتحمل كل فرد في المجتمع مسئوليته تجاه مايحدث.. من يتخذون وسائل من الاعتصامات والمظاهرات وتعطيل مرافق الحياة وسيلة للتعبير عن آرائهم التي يرون أنها لتحقيق مطالبهم المشروعة وغير المشروعة ولم يكن في أي عرف.. ذلك المشهد وسيلة للحرية والتعبير عن الرأي، ومن يرفضون الحوار ويضعون شروطهم التعجيزية ويفرضون الأمر الواقع دون النظر إلي المصلحة الوطنية والدولة التي أوشكت علي الانهيار جراء دخول أطراف عديدة إلي حلبة الصراع السياسي.. إن التاريخ لن ينسي للأحزاب والقوي السياسية ما تفعله بمقادير الوطن ومقدرات الشعب وإني أحذر من مغبة مايحدث علي الساحة السياسية، واستمراره علي النحو السائد.. فلن تجد هذه الأحزاب غير وطن ضعيف وقد مرض جسده.. الوضع لم يعد يحتمل مزيداً من الصراع وما تفعله الأحزاب يكشف عن رغبتها في عدم تحمل المسئولية الحقيقية. هل الأحزاب ضلت الطريق نحو معالجاتها لآلام المواطن التي قامت أهدافها علي ذلك؟ الأحزاب السياسية لديها مشكلة حقيقية تتعلق بالمنهج الذي تسير عليه، فحتي الآن لم تستطع الإمساك ببداية الخيوط التي تقودها للوصول إلي المواطن.. فما زالت تعمل في جزر منعزلة عنه ولم تنزل إليه للتعرف علي احتياجاته ومتطلباته وإيجاد حلول جادة لمشاكله ومعاناته اليومية وكرست كل وقتها وجهودها لصراع سياسي قد يجرف البلاد إلي أخطار لا يحمد عقباها وتخلق حالة من الفوضي بينما المواطن يحتاج إلي الاستقرار والشعور بالأمان. كيف تري من يستخدم الدين في التأثير علي المواطنين البسطاء ودفعهم لاعتناق أفكاره السياسية؟ بلا جدل يوجد أناس أقحموا الدين في أمور سياسية طمعا في توجيه الناس صوب اعتناق أفكار بذاتها لتحقيق أهداف بعينها والشعب المصري بطبيعة تكوينه يميل تجاه الدين ويتأثر بالحلال والحرام.. لذلك كان يتعين علي الذين استخدموا الدين في السياسة أن يحجموا عن الدخول في هذه المناطق الشائكة.. حتي نحفظه، ونبعده من حدة الصراعات السياسية التي لا تصون حرمة الدين. ولا يجوز خلط الدين بالسياسة والعكس.. ولكن من الممكن اتخاذ الأمور الدينية في الأمور السياسية كما فعل الرسول الكريم. بعض الخطباء دأبوا علي مخاطبة الناس من فوق المنابر في محاولة لاستمالتهم إلي تيار سياسي بذاته.. ألا يعد ذلك انحرافا عن دورهم الديني ؟ أعلنت كثيرا أن رجل الدين علي المنبر أقوي من السلطان بقوله الذي يستمده من سماحة الأديان وواجب علينا ونحن مسئولون عن التقدم والرخاء مطالبة جميع المسئولين عن الهيئات الدينية أن يتوسعوا في نشر الدعوة في ربوع الوطن ونشر خلق الرسول الكريم وكذلك القساوسة بأن يشرحوا المنهج السماوي الذي نزلت به الرسالات السماوية علي أنبيائه ورسله ورجل الدين يملك أدوات قوية في رسالته يفتقد إليها غيره.. كونه يتحدث في أمور الدين ويرشد إلي الحلال والحرام وإلي الخطأ والصواب، ووفق ذلك يحمل في عنقه مسئولية جسيمة وأمانة يجب أداؤها علي نحو طيب، وإذا انحرف عن مساره فإنه يتحمل وزر ما فعل. الدعاة منوط بهم دور واضح في تعليم الناس أصول وقواعد الدين الإسلامي التي تقوم علي التسامح والمودة والرحمة ونحن في هذه الأيام أحوج ما نكون إلي نوعية من الدعاة تدعو إلي تماسك الأمة ووحدة صفها كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا والحديث من فوق المنابر في أمور سياسية يعد انحرافا شديدا بإقحام الدين في أمور يتعين الابتعاد عنها وتشجع الناس علي الجدال في مكان لا يحتمل فيه الجدل.. بل وتشجعهم علي انتهاك حرمة المساجد. كيف يمكن علاج مظاهر العنف التي تعددت بالشارع تحت ستار الدين؟ أحذر من مغبة الفتنة التي تلقي بظلالها علي سلوكيات المواطنين وتدفع بهم إلي ارتكاب أفعال إجرامية الدين منها براء، فالوطن يحتوي الجميع بكل أطيافهم وانتماءاتهم السياسية ويستظل بسمائه كل من يعشق ترابه وحالة العنف التي نراها مسيطرة الآن علي المشهد السياسي تضع الدين الإسلامي الذي يقوم علي المودة والرحمة في صورة تنال منه أمام العالم.. لذلك علينا استشعار حجم الخطر. ليس علي الوطن وحده وإنما علي الدين الإسلامي. إنه من الأهمية بمكان النظر إلي أخلاق الحبيب صلي الله عليه وسلم عندما دخل فاتحا مكة.. فقد وقف يخطب في الناس ليؤكد علي عمق الدين الإسلامي وسماحته، وقال: اليوم يوم الرحمة، والآن فإننا أحوج ما نكون في هذه الأيام الصعبة إلي اعتناق الرحمة والمودة وأن يسمع بعضنا بعضا ونتقبل الاختلاف في الرأي وأن نشعر بما يعانيه البسطاء ونطرح الخلاف جانبا ونتحلي بأخلاق النبي الكريم وقتها سيتلاشي كل صراع ندخل في دوامته. كيف السبيل للخروج من الأزمة والتئام جراح الوطن وتقارب الأطراف المتباعدة؟ كل الأطراف تجمعني بهم علاقة صداقة وإذا خاطبت فيهم ضميرهم الوطني وأعلن أنهم جميعا لديهم عشق لهذا الوطن ولن يرضيهم حالة الشقاق والخلاف الدائرة التي ندفع ثمنها جميعا من أمن واستقرار الحياة وعلي يقين بأن النوايا طيبة ولكن يسيطر الخلاف في وجهات النظر علي الموقف ويري كل طرف أنه يقف علي أرضية صلبة يملك فيها الحقيقة وحده.. وأدعوهم إلي النظر لأخلاق النبي الكريم.. وكيف كان ينظر إلي الآخر ويدير معه حوارا. لن نخرج من دوامة الأزمة ونصل إلي مرفأ آمن إلا بالجلوس علي مائدة الحوار دون شروط مسبقة والوضع في الاعتبار إعلاء المصلحة الوطنية.. وأدعو الجميع إلي مبادرة للم الشمل ونبذ الخلاف وتدارك الموقف قبل استفحال الخطر وإني أقف إلي جوار الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب في مبادرته التي طرحها وما زالت قائمة.. فالوطن لن تلتئم جراحه إلا بالحوار الجاد وليس بالمغالبة والصراع.. علينا الاحتكام إلي صوت العقل. المبادرة التي طرحتها.. هل تراها كافية لجمع الفرقاء علي طاولة المفاوضات؟ المبادرة جاءت من منطلق حبي وخوفي علي الوطن والمصلحة العامة والرئيس مرسي تم انتخابه بطريقة شرعية وواجبنا الشرعي مساندته والوقوف بجواره وعند الخطأ لابد من تقديم النصح والإرشاد وأدعو الجميع إلي النظر بعين الاعتبار إلي إعلاء المصلحة الوطنية وكل طرف من الأطراف المختلفة يسكن في داخله ضمير وطني يحركه لتحقيق الأمن والاستقرار ولكن يبقي الاختلاف في الوسيلة للوصول إلي ذلك.. ما طرحته بشأن المبادرة يكفي لجمع الشتات المتفرقة كونه يقوم علي قواعد عادلة وواضحة يضمن لكل طرف حقوقه.. الوقت يداهمنا وما لا نستطيع إيجاد الحلول له بالحوار اليوم فقد لا نتمكن غدا من تداركه.. كل طرف لديه مسئولية وعليه تحملها فسوف يأتي يوم ويسأل عما اقترفت يداه. الوطن لديه شرعية وعلينا الاحتكام إليها وإني أجد الرئيس مرسي علي بينة من أمره برغبة حقيقية في تقبل مبادرة الحوار المطروحة لتجاوز عقبات المرحلة ولم أتلمس والإمام الأكبر شيخ الأزهر منه شيئا يكشف عن رغبة في غلق باب الحوار. لابد للأحزاب والقوي السياسية من فتح نوافذ الحوار كونها تحمل فوق عاتقها مسئولية في هذا الشأن والنظر للمبادرة المطروحة من منطلق تغليب المصلحة الوطنية والانتصار لها. كيف تري ما تدعو به بعض القوي الثورية للتظاهر في الذكري الثانية لثورة يناير الشهر الجاري؟ لو كانت هناك أسباب مقنعة لهذه التظاهرات لكنت أول الداعمين لها لكني أجد المجتمع في حاجة شديدة إلي تحقيق الاستقرار والعبور بالمرحلة الراهنة إلي أفق أوسع.. حتي يمكن علاج آثار الماضي وتجاوز المصاعب التي ضربت المجتمع في مقتل.. لن يستقيم الوضع ويعود الناس آمنين علي أنفسهم ومستقرين في أحوالهم.. إلا إذا عاد كل فرد في المجتمع يؤدي دوره علي نحو جاد. إن الاستمرار في التظاهرات علي النحو الذي تدعو إليه بعض القوي السياسية يعمق الفوضي ويزيد من حدة الصراع السياسي.. المجتمع لم يعد في حاجة إلي التظاهرات وإنما يتعين عليه السعي بجدية نحو مزيد من العمل والإنتاج... لابد أن يعود الناس إلي رشدهم ويتحلون بالإيمان بأن مصر قوية وصلبة ولن تنكسر تحت أنواء الصراعات السياسية.. فقط علينا الانتباه لما يدور حولنا ونعلي المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار. البعض يعتبر أن التظاهر حق من الحقوق التي كفلها الدستور وإجهاض الدعوة إليه يعد عودة لكبت الحريات؟ علينا أن نفرق بين الحرية والفوضي وأيضا تحديد الهدف من التظاهر واستخدام الوسائل المشروعة لتحقيقه وأن الدعوة لا تحمل في ثناياها أهدافا وطنية وتعكس صراعا سياسيا يذهب بكل جهود البناء وتحقيق الاستقرار أدراج الرياح.. ليس من المنطقي الدعوة للتظاهر علي النحو الذي يدعو إليه هؤلاء.. فذلك يكشف عن قصور في الفهم وضعف للوعي بقيمة وحقيقة التظاهر.. المسألة ليست استعراضا للقوة بقدر ما هي تحقيق للمصلحة الوطنية وإعطاء الفرصة لبناء واستقرار المجتمع.. ليس هناك من يقف ضد التظاهر بمعناه الحقيقي إذا اقتضت الضرورة ذلك.