سمات الشيخوخة رصدتها هذه الدراسة الجديدة من نوعها: نقص في قدرة النشاط البدني، وكذلك في معدل العمليات الأساسية التي تؤمن الطاقة الضرورية، انخفاض في القدرة علي التنفس، قلة قدرة الأنسجة علي التجدد، وتصير العظام هشة، وتطول مدة المرض والتئام الجروح والإصابات، جفاف الجلد وقلة مرونته، نقص في قوة الإبصار، وفي القدرة علي السمع، ارتفاع في ضغط الدم، زيادة في الشحم يكون نتيجته طبعا زيادة في الوزن! وقد اتفقت جميع الآراء علي فائدة ممارسة الرياضة فيما يتعلق بالمحافظة علي الصحة لكبار السن، كما أن مايدعي بسمات الشيخوخة يمكن أن تتأخر عددا من السنين عند ممارسة الرياضة وأبرزها: السباحة، المشي، الصيد، والجولف، فمثل هذه الأنشطة تخلق ساعات صحية ممتعة، وتجعل الإنسان نشيطا، وينظر إلي الحياة نظرة كلها إشراق وتفاؤل، بجانب فوائدها الصحية المتعددة التي تؤثر في كل أجهزة الجسم، لمقاومة هجوم الشيخوخة.. ومن أهم القواعد الصحية للمسنين: الفحص الطبي الدوري علي فترات متقاربة لاكتشاف أي مرض في بدايته كتصلب الشرايين، والقلب، وبالتالي علاجه.. ثم التغذية الصحيحة، فالوجبة يجب أن تحتوي علي غالبية المواد الأساسية مثل البروتينات، والفيتامينات.. إلخ، ويلاحظ تقليل الشحوم لعسر هضمها في الكبر، وكذلك فيتامين ج، و، أ والحديد، والفواكه، والخضراوات، والكبد، وزيت كبد الحوت، والمشمش.. وممارسة الاهتمام بالرياضة في هذه المرحلة مهم جدا، ولكن بدون إجهاد ولا إسراف، حيث إنها تنشط الدورة الدموية، وتحفظ صحة العقل والبدن، وتفتح الشهية، وتمنح النشاط والحيوية، والراحة ضرورية، نصف ساعة استرخاء تام بعد كل وجبة، وأيضا في فترات متقطعة أثناء النهار، مع مراعاة تجنب الكسل، وسرعة مغادرة الفراش بعد الشفاء من أي مرض! وتعالوا إلي الجانب العملي ونتائجه الذي أجرته الدكتورة محاسن عامر في بحثها القيم ونالت عنه بامتياز درجة دكتوراه الفلسفة في التربية الرياضية: كانت عينة البحث مائتي فرد من الذين تجاوزوا سن الستين (سيدات ورجال)، مائة منهم رياضيون، ومائة غير رياضيين، وتبين أن الحالة الصحية العامة للرياضيين أحسن منها لغير الرياضيين، وأجمعت المجموعتان علي ضرورة ممارسة الأنشطة الرياضية بعد سن الستين، وأجمعوا أيضا (002 فرد) أن الناحية الصحية هي أهم النواحي التي تؤثر فيها ممارسة الرياضة، يليها الناحية الاجتماعية، ثم الناحية النفسية، يليها الناحية العقلية! وقد اتضح أن السبب الأساسي الذي أدي إلي عدم ممارسة الرياضة لأفراد العينة غير الرياضية يتعلق بالنواحي الاجتماعية، يليه أسباب متعلقة بالعمل، ثم نواح صحية ومادية، كما تبين أن درجة تفضيل الأفراد (بعد سن الستين) للأنشطة الرياضية كالتالي: المشي، فالتمرينات السويدية، فالسباحة، فالتنس، ثم تنس طاولة، وأن أفراد العينة »الرياضيين« لم يصل منهم لمستوي البطولة الدولية سوي 11٪ فقط، بينما وصل لمستوي بطولة الجمهورية 62٪.، ومستوي البطولة المحلية 03٪، وكانت نسبة الممارسين الذين لم يصلوا لمستوي البطولة 33٪، كما فضل غالبية أعضاء العينة (رياضيين وغير رياضيين) أن تكون ممارسة الأنشطة الرياضية يوميا ولمدة نصف ساعة في كل مرة، واتفق العدد الأكبر منهم أن يكون ذلك صباحا! إن معظم الدول المتقدمة تهتم اهتماما كبيرا بالمواطنين بعد سن الستين، وتوفر لهم الكثير من الوسائل التي تضمن شغل أوقاتهم في أنشطة مختلفة ومتنوعة تناسبهم في هذه المرحلة المتقدمة من العمر، لكن الدكتورة محاسن عامر تحذر في دراستها الهامة بأنها لاتحظي بالاهتمام الكافي عندنا في مصر، فغالبية الدراسات والبحوث تنصب علي الأطفال والنشء والشباب، رغم أن هناك نسبة كبيرة من المواطنين الذين تعدوا سن الستين يحتاجون إلي رعاية خاصة لأنهم يشكلون قطاعا كبيرا من المجتمع، فعندما تحكم القوانين علي أن يعتزل العمل كل من بلغ الستين، بغض النظر عن مقدار الصحة والنشاط الذي يتمتع به، فإننا نضيف إلي قائمة المتعطلين مجموعة ضخمة أخري رغم أنفهم، وقد يؤدي ذلك إلي حدوث مشاكل نفسية عندما يكون هناك شعور بأن الدولة قد استغنت عنهم، وأن أهميتهم قد قلت بالنسبة للمجتمع، وقد يصل هذا الشعور إلي الإحساس بأنهم أصبحوا غير مرغوب فيهم، وأنهم يشكلون عبئا علي المجتمع، هذا إلي جانب أن الحالة الصحية العامة لهذا القطاع تكون أقل مما كانت عليه في المرحلة السابقة، حيث تبدأ أمراض الشيخوخة في الظهور إلي جانب قلة مقاومة الجسم للأمراض ، وقلة النشاط والحيوية! وبعد عرض سطور هذه الدراسة الفريدة من الدكتورة محاسن عامر، أقول: بعيدا عن تقصير الدولة في حق من بلغوا سن الستين طوال المرحلة الماضية، فإنه يجب علي أصحاب التيجان البيضاء (كبار السن) ألا يستسلموا للشيخوخة، كل حسب ميوله وصحته وقدراته، يجب أن يضع كل منا برنامجا رياضيا خاصا، ولو برياضة »المشي« لما لها من فوائد عظيمة علي جسم الإنسان، ولا يجب أن نستسلم لتقصير المسئولين عنا أبدا.. ودع الكسل.. تحرك باستمرار، ومارس رياضتك المفضلة في أقرب مكان يناسب امكانياتك المادية: داخل مراكز الشباب المختلفة والانضمام إليها لن يكلفك الكثير لأن الاشتراك فيها بمبالغ رمزية، ولو تعذر ذلك فالمشي المستمر ولو نصف ساعة يوميا حول بيتك وداخل مربع سكنك كفيلة بإعادة الحيوية والنشاط من جديد، وبالتالي فتأخير الشيخوخة ليس عملا مستحيلا!!!