بعد تفشي موجة الغلاء بشكل فاحش وتردي الأوضاع وازديادها سوءا.. خاصة أن معظم سكان مصر تحت خط الفقر.. طالبت دار الإفتاء المواطنين بالامتناع عن شراء السلع في حالة غلائها بشكل مبالغ.. لأن ذلك يرغم التجار علي التراجع عن الجشع.. مع أن دار الإفتاء ليس من مهامها التدخل في هذه الأمور.. لكن نظرا لازدياد الأوضاع سوءا أكثر عما كانت من قبل حاولت المساهمة في حل المشكلة. لكن هي يمكن تطبيق هذه الدعوة علي أرض الواقع وهل سيكون لها مردود إيجابي إذا تم تنفيذها فعليا؟.. وما هو الحل في مواجهة موجة الغلاء الفاحش التي تمثل خطورة علي المجتمع وخاصة الفقراء؟ وما الدور الذي يقوم به جهاز حماية المستهلك في هذه المشكلة وكذلك دور الغرف التجارية؟.. ناقشنا المختصين لمعرفة أهم الحلول المطروحة لمواجهة هذه المشكلة. عندما تسمع عن أسعار السلع في السبعينيات والثمانينيات سوف تضحك مقارنة بالأسعار الحالية.. ومع ذلك كانت السلعة عندما تزداد ولو قرشا واحدا تقوم علي إثرها ثورة حتي تتراجع الأسعار مرة ثانية فهناك حادثة شهيرة جدا ظلت تتردد حتي الآن عندما كان كيلو اللحم ب 86 قرشا قامت الدنيا ولم تقعد وخرجت مظاهرات تندد قائلة: (سيد بيه يا سيد بيه .. كيلو اللحمة بقي بجنيه).. ماذا تقول الآن عندما تقارن هذه الأسعار بسعر كيلو اللحم الذي وصل إلي سبعين جنيها بدلا من جنيه واحد في الماضي ومع ذلك لم يستطع أحد الآن عمل أي شيء.. ولكن وقتها قامت سيدة مشهورة ودعت لمقاطعة اللحوم وقادت تلك الدعوة واستجاب لها الجميع وقاموا بتنفيذها.. وكانت النتيجة أن هبطت أسعار اللحوم مرة أخري.. واستطاع المواطنون الانتصار علي جشع التجار.. رغم أن الأسعار كانت رخيصة في كل شيء. أما الآن فقد وصلت الأسعار لحد مبالغ فيه لدرجة أن هناك من لايجد قوت يومه وحديثنا الآن ليس عن اللحوم لأنها ألغيت من قاموس الكثير من الأسر سواء الفقيرة أو حتي المتوسطة. ولكننا نتحدث عن أقل القليل وهي الضروريات الغذائية الرئيسية التي لاغني عنها مثل الأرز والمكرونة والخضراوات والزيت.. فتكلفة الوجبة الغذائية حتي لو بدون لحم قد لايستطيع الفقراء الحصول عليه.. فالغلاء الفاحش سيطر علي كل شيء سواء الخضراوات أو السلع الغذائية وخاصة إذا كانت أسرة فقيرة وبها عدد كبير من الأطفال وحتي الأسر المتوسطة التي تعيش بالكاد علي أقل القليل الذي يسد جوعها فقط ولاتهتم بالعناصر الغذائية أو الجودة أو أي شيء خلاف سد الجوع القاتل.. كل هذه الأشياء جعلت البعض يحذر الآن من قيام ثورة جياع. وكذلك المخاطر التي تعود بالسلب علي المجتمع من أثر هذه المشكلات الاقتصادية.. ولكن هل هناك حلول لهذا الغلاء الفاحش.. فهل يمكن وضع تسعيرة مثلا لجميع السلع ثم معاقبة من يخرج عن هذا أو أن هذه مسألة صعبة لايمكن تحقيقها وكذلك دور الأجهزة المختصة.. فجهاز حماية المستهلك يقوم بأدوار عديدة ولكن قد لاتدركها الناس أو لاتعرفها بشكل جيد وكذلك دور الغرف التجارية وهل نستطيع الآن كمجتمع بالكامل الاستجابة لما طالبت به دار الإفتاء من مقاطعة السلع غالية الثمن لمواجهة جشع التجار؟ جهاز حماية المستهلك تحدثنا مع أحمد عادل مدير العلاقات العامة بجهاز حماية المستهلك والذي أكد ل (آخر ساعة) أن محاربة جشع التجار يكون عن طريق مجموعة من المحاور التنفيذية ويكون علي حسب طريقة التاجر الذي يقدم علي الكسب السريع وذلك عن طريق أولا: المتاجرة في السلع المقلدة ومجهولة المصدر والتي تصنع من خامات رديئة.. فالجهاز يقوم بحملات في الأسواق لمصادرة البضائع وعمل محاضر رسمية لأننا نمتلك ضبطية قضائية ورفع الموضوع للنيابة العامة لأنها جهة التحقيق.. ثانيا: التاجر الذي يقوم بإعلانات مضللة سواء كانت سلعا أو خدمات لأشياء غير حقيقية مثل الأعشاب التي تؤدي إلي الإنجاب أو التخسيس السريع وأشياء من هذا القبيل فكلها إعلانات مضللة سواء تم الإعلان عنها في وسائل مسموعة أو مرئية أو حتي مقروءة فنقوم برصدها ومتابعتها لحين التحقق منها ثم نحيل الشركة المعلنة للنيابة العامة.. ثالثا المحور الثقافي: نقوم علي توعية المستهلك حتي يكون المواطن المصري واعيا وعلي دراية ووعي بحقوقه وواجباته وقادر علي التنظيم والتصدي لممارسات غير عادلة من جانب التاجر الجشع.. وهناك أمثلة مثلا كالدعوة للمقاطعة للمنتجات التي يتعسف التجار في أسعارها.. وكذلك نأتي من ناحية ثانية أننا نحاول كجهاز بالتعاون مع الجمعيات الأهلية لمقاطعة هذا المنتج وتستخدم البدائل المتاحة عند ارتفاع أسعار اللحوم فتكون هذه البدائل الدواجن والأسماك وهكذا في كل السلع وكذلك نقوم كجهاز يتلقي شكاوي المواطنين علي الخط الساخن أو موقع الجهاز علي الإنترنت أو البريد أو حضور الشاكي إلي مقر الجهاز.. ولكن لايمكننا بكشل مباشر التدخل في مسألة الغلاء أو الأسعار لأن البلد في حالة اقتصاد حر ونحن نسعي جاهدين لتعديل القانون ووضعه في الدستور لحماية حقوق المستهلك. هذا بالنسبة للأدوار التي يقوم بها جهاز حماية المستهلك الركن الأول في حل هذه المشكلة ولكن ماذا عن دور الغرف التجارية وهي المحور الثاني في مواجهة هذه المشكلات؟ الغرفة التجارية يقول محمد المصري نائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية: إن دور الغرف يكون بالقانون ولكننا أبدا لن نخرج عن القانون.. فمشكلة تحديد الأسعار هذه كيف تتم ونحن في سوق حر وفيه حرية منافسة.. ولكننا نستطيع القول بمنع الاحتكار.. ويكون وقتها دور الغرف التجارية منع الممارسات الاحتكارية.. أما موضوع الأسعار فأي تاجر يريد أن يبيع ويكسب حتي لو باع بمكسب بسيط وأن ينتهي من بضاعته حتي لاتفسد وخاصة المواد الغذائية لأن لها صلاحية معينة.. فلو قامت الدولة الآن بوضع تسعيرة جبرية لم يأت أي مستثمر من الخارج لأن هوية الاقتصاد الآن أنه اقتصاد حر.. ولكن ليس كل التجار علي شاكلة واحدة فمنهم الصالح ومنهم الطالح.. وهناك جهاز حماية المنافسة وجهاز حماية المستهلك ويمكن أن يكون عن طريقهما الدعوة للمقاطعة.. هذه هي الآليات التي يمكن أن يستخدمها عالم الاقتصاد الحر.. وهي الدعوة للمقاطعة وتجريم الممارسات الاحتكارية.. فلا يتفق ثلاثة أو أربعة معا علي احتكار للسوق أو احتكار سلع معينة أو إخراج شخص معين من السوق وأشياء من هذا القبيل.. بالإضافة إلي أن هناك نقطة هامة جدا وهي موضوع الإضرابات في كل مكان ومع كل الفئات فهذا تعطيل ودمار للبلد وليست ظاهرة إيجابية ولكنها تؤدي لخسائر وتوقف عجلة الإنتاج وتؤثر علي مصالح الناس والبلد ونحن لانريد أن تزداد الأمور سوءا من أجل صالح الجميع.