من أجمل الكتب التي قرأتها أخيرا كتاب (فرسان الإسلام وحروب المماليك) وهو من تأليف جيمس واترسون وتقديم جون مان، وترجمة يعقوب عبدالرحمن، ومراجعة حاتم الطحاوي ومن إصدارات المركز القومي للترجمة. والكتاب ممتع للغاية، إذ يأخذك في رحلة باهرة لأيام المماليك.. ودورهم الخالد في حماية الإسلام، فمن أبطالهم قطز بطل (عين جالوت) الذي هزم فيها التتار، ومن أبطالهم الظاهر بيبرس ودوره في الحروب الصليبية وحروب التتار. فقد ظهر بيبرس علي الساحة كواحد من عباقرة القادة العسكريين في العصور الوسطي.. شديد القسوة، ومتوقد الذكاء سواء في الشئون العسكرية أو السياسية شأنه شأن جينكيز خان نفسه، وخاض العديد من الحروب وفي جبهات متعددة، ضد مغول فارس، وأرمينيا والدول الصليبية والنوبة كما كان دبلوماسيا حاذقا يتواصل مع بيزنطة، ومع القبيلة الذهبية كما يقول جون مان في مقدمته للكتاب.. ويورد المؤلف قول ابن إياس المتوفي عام 1524، عن مقتل طومان باي الذي انتهت صفحة السلطنة المملوكية بوفاته": انتابت السلطان العثماني (سليم) مشاعر الغضب عندما وجد أن الناس لايصدقون وقوع طومان باي في الأسر، وأرسله ليتم عرضه في شوارع القاهرة، وأخد طومان باي يحيي الناس وهو يطوف بشوارع القاهرة طوال الطريق حتي وصل إلي باب زويلة، وكان غير مدرك بما سيكون عليه مصيره.. وعندما علم بأنه سيتم شنقه طلب من الناس حوله: (قوموا بقراءة الفاتحة من أجلي ثلاث مرات) وبسط راحة يديه وأخذ في قراءة الفاتحة ثلاث مرات والناس يرددون وراءه، ثم التفت إلي جلاده قائلا" قم بإنجاز عملك وعندما قام بوضع الأنشوطة حول عنقه ورفع الحبل، فإنها انقطعت وسقطت جثته علي مدخل باب زويلة، وقيل إن الحبل قد انقطع مرتين وسقط هو علي الأرض، وعندما مات وفاضت روحه إلي بارئها أخذ الناس في الصراخ والعويل وكان هناك الكثير من الحزن والأسي لوفاته. ومعروف أن للماليك دورا في التصدي للحملات الإنجليزية والفرنسية، إلي أن انتهي الحال بهم بالقضاء عليهم في عهد محمد علي باشا في مذبحة القلعة الشهيرة. ويقول المؤلف: إن التاريخ لم يبتلعهم بصفة نهائية. فمصابيح المساجد المملوكية البالغة الجمال والبالغة الرقة، تحمل الآيات القرآنية برهان مناسب لايقبل الشك لرجال وصلوا إلي ذروة الكمال في الفنون العسكرية. وهذا الكتاب التاريخي الممتع ينصف المماليك الذين قدموا من دروب آسيا واعتنقوا الإسلام ديانة لهم، ودافعوا عنه دفاعا مجيدا في مواجهة أخطار بالغة تحيط بالإسلام والمسلمين، وكانوا سببا في تغيير خريطة العالم آنذاك وبالتالي حتي الوقت الحاضر.