من وراء قتل أسماك النيل ؟ تتجدد مأساة اللحوم البيضاء والحمراء في مصر بين حين وآخر، ومؤخرا وقعت كارثة نفوق الأسماك في منطقة الساحل بإمبابة وتابع الأهالي طفو كميات كبيرة من الأسماك علي سطح المياه، بما ينذر بحدوث كارثة بيئية، بخلاف وجود مخاوف من وصول هذه الأسماك إلي المستهلك عبر الأسواق أو تلوث مياه النيل.. التفاصيل في سياق التحقيق التالي. اكتشف مؤخرا أهالي إمبابة والساحل نفوق كميات كبيرة من الأسماك وطفوها علي سطح المياه أسفل كوبري إمبابة والساحل وقام الأهالي والصيادين بالتقدم بالعديد من البلاغات، وتبين صحة البلاغ ووجود عدد هائل من الأسماك النافقة التي تطفو علي سطح المياه. وبعد قيام وزارة الصحة بتحليل مياه الشرب بالقاهرةوالجيزة وأخذ عينة من أسماك النيل بمنطقة إمبابة وعينة من محطات مياه الشرب لتحليلها، كما شملت حالة نفوق الأسماك محافظتي القاهرةوالجيزة بالكامل، وخلال الفحص والمعاينة المبدئية تبين وجود تسمم. ونفوق الأسماك أمام مآخذ شركة مياه الساحل، التي ظهرت أمام المأخذ المغذي لمحطة مياه الشرب الرئيسية التي تمد الوراق والساحل والتي كشفت التحاليل أنها نتيجة لإلقاء غاز السينور بالمياه من أحد الصيادين في الجيزة، مما أدي إلي تسمم الأسماك ونفوقها . وظاهرة نفوق عشرات الأطنان من الأسماك، بأحد الروافد الرئيسية لنهر النيل، والتي تم إرجاع سببها إلي إصابة الأسماك بغيبوبة سكر، و ألقي بالمسئولية علي مصنع للسكر، يقوم بصرف مخلفاته في نهر النيل. من جانبه صرح الدكتور خالد وصيف (المتحدث الرسمي لوزارة الموارد المائية والري) إن نتائج التحاليل الميكروبيولوجية لعينات المياه ونتائج فحص عينات الأسماك التي تم جمعها بمعرفة المعامل المركزية للرصد البيئي التابعة للمركز القومي لبحوث المياه بوزارة الري أشارت إلي جودة نوعية مياه العينة الممثلة لمأخذ محطة شرب امبابة وباقي العينات علي مسافات متفاوتة قبل وبعد المأخذ ومطابقتها للضوابط والمعايير الخاصة بمسطحات المياه العذبة المنصوص عليها بالقانون 48 لسنة 1982. وأوصي التقرير الوارد من المعامل المركزية بقيام محطة المياه بإمبابة بالمداومة علي تطهير شبكة حجز الأجسام الطافية والعمل علي إزالة جميع صور التلوث علي مجري النيل عامة وعند مأخذ محطات مياه الشرب خاصة، إلا أن الأهالي مازالوا متخوفين من تلوث المياه، وكذلك من تسرب هذه الأسماك إلي الأسواق . يقول محمد مجدي (صياد): نظافة مياه النيل في مصر تحتاج إلي إعادة نظر، فكثيرا ما نفاجأ بنفوق الأسماك بالإضافة إلي تلوث مياه سطح النيل، وعادة ما نقوم بتقديم البلاغات، وتأمر النيابة وزارة الصحة بعمل التحليلات اللازمة للمياه والأسماك لمعرفة الأسباب، ولكن غالبا ما يتم الإعلان أن المياه لا يوجد بها شيء ويستمر الوضع ونفقد نحن مورد الرزق الذي نعيش به، وطالب الصيادون بضرورة إيجاد حل فوري لمنع التلوث عن البحيرات التي هي مصدر رزقهم الوحيد كما طالبوا بصرف إعانات عاجلة لهم تعويضا عن الخسائر التي لحقت بهم وأصبحوا بدون عمل لنفوق الأسماك. بينما يقول مصطفي عبد الرازق (من أهالي منطقة إمبابة): ما يحدث شيء طبيعي ومتوقع نتيجة لعدم الاهتمام بمياه النيل والنظافة والتطهير والمصانع التي تلقي بمخلفاتها في المياه، ولا يوجد أي رد فعل من المسئولين، والمياه رائحتها كريهة، ويمكن أن نتأذي بسبب هذه المياه، كما أننا في تخوف شديد من إمكانية تسرب هذه الأسماك الي الأسواق، وكثيرا ما نستغيث من خطورة هذه المخلفات القادمة من مياه صرف أو مخلفات المصانع، ولكن دون فائدة . من جانبه يقول خطاب عبد العليم (خبير المزارع السمكية): من أهم خطوات النهوض بالثروة السمكية الحفاظ علي المسطحات المائية الحالية المتاحة للصيد والاستزراع، حيث إنها تعد مصدرا من مصادر تشغيل عمالة بالمؤسسات والشركات والمصانع التي تعمل في مجال المنتجات السمكية ويقدر عدد العاملين بقطاع صيد الأسماك أكثر من 400 ألف عامل يمثلون العاملين بجميع القطاعات الاقتصادية للصيد والتوزيع والتصنيع هذا الكم الهائل من الأيدي العاملة تعتمد في كسب قوتها اليومي علي العمل في هذا المجال، ذلك غير الصيادين المنفردين الذين يعتمدون علي صيد الأسماك لتوفير قوت يومهم، لذلك يجب الاهتمام بالثروة السمكية، بالمحافظة علي المسطحات المائية والبحيرات ومياه النيل، كما يجب حماية البيئة من التلوث الناجم عن إلقاء المخلفات الصناعية والزراعية والبشرية لما لها من تأثير علي الثروة السمكية، وإلا سيكون لهذه المخلفات أثره السيئ علي الثروة السمكية والاقتصاد المصري. ويضيف: يجب تكليف المعامل المركزية بوزارة الري بالوقوف علي أسباب مشكلة نفوق الأسماك بشكل متكرر في معظم البحيرات ومياه النيل. وأوضح المهندس محمد الفقي (رئيس مجلس إدارة الاتحاد التعاوني للثروة الحيوانية) أن من الأسباب الرئيسية لنفوق الأسماك بكميات كبيرة في نهر النيل من وقت لآخر ارتفاع نسبة التلوث في مياه النهر.. كما يتم صرف العديد من مخلفات المنازل، وكذلك المساجد المنتشرة علي طول مجري النهر في مياهه، حيث يؤدي ارتفاع درجة حرارة الجو إلي زيادة نسبة "الأمونيا" التي تتحول في المياه إلي "نتريت" مما يؤدي إلي تكسير كرات الدم الحمراء لدي الأسماك، وتؤدي إلي اختناقها ونفوقها علي الفور وتلوث المياه، بخلاف صرف مخلفات المصانع الخاصة في مياه النهر، وكذلك قيام الشركات الصناعية بصرف مخلفاتها إلي جانب الصرف الصناعي في مياه نهر النيل فرع رشيد بدون أي معالجة، أو اتخاذ الإجراءات المناسبة تجاه هذه المصانع، لتفادي خسائر الثروة السمكية وتلوث مياه الشرب.