إسماعيل يس في مثل هذا الشهر قبل 100 سنة ولد إسماعيل يس، ومات ليلة 15 سبتمبر عندما بلغ الستين من عمره.. لكن نهايته الفنية كانت قبل وفاته بنحو سبع سنوات.عندما أدار منتجو السينما ظهورهم لنجم الشباك الذي تربع علي عرش السينما عشرين عاما، كان خلالها النجم الوحيد الذي تحمل عناوين الأفلام اسمه، حياة إسماعيل يس تخللها كفاح مرير وجوع وتشرد وتألق ونجومية غير مسبوقة ثم انكسار وجحود تجرع مرارته خلال السنوات الأخيرة في حياته، قبل أن تعيد الفضائيات إعادة اكتشافه، ويتحول بعد سنوات من وفاته إلي نجم يتلهف الكبار والصغار علي مشاهدة أفلامه، عاش طفولته وشبابه في مدينة السويس، قبل أن يضطر في التاسعة من عمره إلي الهروب من عذاب زوجة الأب، ولم تمنح مدينة القاهرة للشاب القادم بجيوب خاوية الأمان والاستقرار، كان يجوب الشوارع طوال النهار، ويتسلل لينام في مسجد السيدة زينب، قبل أن يطارده عمال المسجد قبل صلاة الفجر، ظل يسابق الزمن ويقاوم الظروف المعاكسة ويعمل المستحيل من أجل أن يجد لنفسه مكانا بين نجوم المونولوج في الثلاثينيات من القرن الماضي، وفي عام 1939 بدأ صعود نجمه في السينما، شارك علي الكسار بطولة فيلم علي بابا، وأصبح أحد العناصر الأساسية في أفلام الكوميديا الموسيقية لفريد الأطرش ومحمد فوزي وليلي مراد وشادية، وفي الخمسينيات أختفي نجما الكوميديا نجيب الريحاني وعلي الكسار، وصعد نجم إسماعيل يس، عندما قدم عام 1954 فيلم الآنسة حنفي، وحقق إيرادات قياسية، ثم افتتح المخرج يوسف معلوف سلسلة الأفلام التي تحمل اسمه بفيلم مغامرات إسماعيل يس مع شادية وكمال الشناوي، وخلال سنوات قليلة أصبح رصيده السينمائي المشارك فيه 482 فيلما منها 200 فيلم بطولة مطلقة بخلاف 350 مونولوجا قدمها خلال الفترة من عام 1935-1945 وكلها مونولوجات تعالج بطريقة انتقادية مشاكل اجتماعية وإنسانية في قالب فكاهي، كان في حقبة الخمسينيات يسابق الزمن ويواصل العمل بالليل والنهار، وعندما أصيب بالنقرس، لم يتوقف عن العمل الشاق، كان أحيانا لايجد سوي الدموع والبكاء للتغلب علي الألم، ثم يسارع بمسح دموعه عندما يحين موعد رفع الستار، أو تصوير مشهد، يكفي أن يقول نكتة لمن حوله، وكان المسرح أحد أسباب شهرة إسماعيل يس وعذابه أيضا، أنفق كل ما حصل عليه من مكاسب في السينما من أجل استمرار فرقته المسرحية، التي كانت تضم محمود المليجي وتوفيق الدقن وعقيلة راتب وشكري سرحان والسيد بدير، تراكمت الديون والضرائب علي الفرقة، وكان غريبا أن يرفض السيد بدير عضو فرقته، بعد أن أسندت له الدولة إنشاء فرق التليفزيون، أن ينتشل فرقة إسماعيل يس من الانهيار، وظل إسماعيل يس يواجه العواصف المالية والديون، كما كان غريبا أن يتخلص التليفزيون من الخمسين مسرحية التي قدمها إسماعيل يس منذ بدء عمل فرقته عام 1954 حتي انهيارها عام 1966 وخلال نفس الفترة إدارت السينما ظهرها لإسماعيل يس، عندما تم تأميم الصناعة وإسناد إدارتها للمقربين من نظام يوليو، وقبل أسبوع فقط من وفاته، رشحه المخرج أحمد ضياء الدين لمشاركة محمود المليجي ورشدي أباظة فيلم لعبة الشيطان، بعد أن ظل في منزله سبع سنوات بدون عمل، وظل يبكي لنحو نصف ساعة بسبب حرارة استقبال العاملين بالأستديو والتصفيق له، كان إسماعيل يس رحمه الله ظاهرة فنية وإنسانية، وحياته دراما جمعت بين المأساة والعذاب والدموع والشهرة والثروة والفقر والجوع والجحود.