تحكي التجاعيد الواضحة علي وجه عادل امام في حلقات ناجي عطا الله عن سنوات تجاوزت السبعين وشهدت نجومية لم تتكرر في السينما والفن العربي عموما وشهدت معاناة أيضا .. تحكي التجاعيد التي أراد ابنه المخرج رامي إمام أن نحفظ مساراتها عبر استخدام اللقطات المقربة جدا أو المتوسطة القريبة لوجه والده في أغلب مشاهده عن قصة أخري موازية لحكاية ناجي عطا الله .. إنها حكاية عادل إمام نفسه.. ذلك الممثل الذي اقترب من فكرة الأسطورة بإبداعه وشعبيته وابتعد عنها بمواقفه واختياراته الأخيرة سواء في السينما أو أكاديمية الزعيم أو مسلسل ناجي عطا الله لكنه في المسلسل الورطة " ناجي عطا الله " وقع بين فكي الرحي إذ بدأ تنفيذه قبل تحول تاريخي في حياة الشعب المصري وانتهي منه في قلب هذا التحول .. وثمة مواقف في حياة الإنسان وحياة الشعوب قد لا تستغرق عاما كاملا لكن لا يعود الإنسان بعدها كما كان أبدا ولا تعود الأمة كما كانت. لم يكن من المرجح أن يقتنع عادل إمام بأن ثورة قامت في مصر وأن العودة لما قبلها صارت مستحيلة ليس لأن الثورة أصبحت واقعا لا يتعامي عنه إلا بعض من ارتبطوا بمصالح مؤقتة مع مبارك ومناخه أما الذين ارتبطوا بمصالح مع مصر بكل ظروفها وطوائفها وتوجهاتها شريطة أن تصبح دولة حقيقية فقد آمنوا بها. إما عن قناعة أو عن رغبة في المواكبة فلكل ثورة منافقوها كما لكل ديكتاتور.. ولأن عادل إمام ليس من النوعين السابقين فقد قرر أن يستمر بنمطه كممثل والذي اعتاد عليه منذ ثلاثين عاما متجاهلا ظروف الثورة وتحولات الأمة وأيضا ظرفه الشخصي الذي لا يمكن تجاهله إلا من قبل مخرج هو الابن ومنتج متورط في عشرات الملايين. أنهي عادل إمام مع مجموعة من شباب الممثلين المصريين تجربة تنتمي في حقيقتها الي زمن مضي، يقف فيها البطل النجم القديم بينما يعمل خمسة أبطال معه ك " سنيدة " في دراما بلا منطق ولا مصداقية وتصور لشخصية تقترب أحيانا من فان دام وأحيانا من ستيفن سيجال، وأحيانا من عادل إمام. في مسلسل فرقة " ناجي عطا الله " قدم يوسف معاطي ورامي إمام وعادل إمام استعراضا حقيقيا لكيفية الانتهاء من حقبة تمثيل وتأليف وإخراج وإسدال الستار عليها أنها تلك الحقبة التي يصلح إطلاق عنوان بسيط لها وهو " عرض الون مان شو " حيث تصبح العناصر – كل العناصر – في خدمة البطل بما فيها الحقيقة الفنية للأسف. راهن عادل إمام علي أن المشاهد يريد أن يصدقه وهذه حقيقة لكنها محدودة بسقف يشمل حدا أدني من الإقناع وعدم الاستهانة بالذوق والعقل البشري فالسيد العميد السابق عجووووووووووز لدرجة لا يمكن معها تصديق أنه يستطيع القيام برحلة الي بيروت في الطائرة في درجة رجال الأعمال دون أن يغفو قليلا نظرا لسنه والمعجزات المتوالية لفريق من الشباب أفسدها تسطيح السيناريو الذي كان يمكن أن يتحول لعمل جيد إذا استبعد يوسف معاطي أفلام الإم بي سي تو التي شاهدها في السنوات العشرة الماضية من ذهنه أو علي الأقل قرر ألا يعيد كتابة شخصية البطل فيها لكن معاطي ورامي إمام معذوران فلم يكن أمامهما سوي التطرف في اللعب بخيال مشاهد يري أمامه رجلا سبعينيا تيبست عضلاته حتي أن حركة ذراعيه وقدميه صارت أبطأ كثيرا من أن تظهر علي الشاشة في دور بطولة لكن عادل إمام (الرئيس المخلوع) لجمهورية السينما الشعبية في مصر هو نفسه الصورة المناظرة لمبارك الذي احترف المرض قبل خلعه بسنوات لدرجة أنه كان يسير بعشرات السنيدة ويصبغ شعرا ثمانينيا ويتحدث كأن له صلة بالعالم وهو ما لم يكن حقيقيا إلا إذا كان هذا العالم هو الهانم. ولأن الخلع كان مصير مبارك فعلي عادل إمام أن ينتهي من الأمر ويتوقف – ليس فقط عن عروض الون مان شو – ولكن عن التمثيل حفاظا علي ما بقي من تاريخه، فالأمر هنا لا يتوقف عند مسلسل فاشل لدرجة الاستفزاز ولكنه يتجاوزه الي تشويه تاريخه الذي يحتوي الكثير من النجاحات بصرف النظر عن القيمة التي يمكن أن تكون أعماله قد أضافتها لمصر وللأمة العربية وللفن.