النقابات المستقلة تخدم الحركة النقابية أم تفتتها! النقابات المستقلة انشئت في ظل الاحتجاجات والاعتصامات العمالية وبعد أحداث 25 يناير انضم إليها ما يسمي بالائتلافات الثورية للعمال وحتي الآن لايوجد قانون يسمح بإنشاء هذه النقابات مثل القانون رقم 100 بشأن النقابات المهنية أو القانون 35 لسنة 1976 بشأن النقابات العمالية التابعة للاتحاد العام لنقابات عمال مصر.. جاء تأسيس النقابات المستقلة بقرار إداري من وزير القوي العاملة الأسبق الدكتور أحمد البرعي يستند في ذلك إلي الاتفاقية الدولية للعمل والتي تطالب بمنح العمال حرية إنشاء نقابات لهم.. البعض اتهم الوزير السابق بأنه فسر الاتفاقيات علي هواه وهوي أصحاب النقابات المستقلة.. حيث يري هؤلاء أن الهدف من إنشاء هذه النقابات هو تمزيق وحدة التنظيم النقابي وبالتالي يصبح للعامل جهات متعددة تتبني مشاكله ويصبح حقه في مهب الريح.. البعض الآخر يري أن الهدف سياسي هو تفكيك كيان اتحاد العمال الذي يمثل القوة الأكبر الرافضة للتطبيع مع اتحاد عمال إسرائيل الهيستدروت. وفي ذلك تقدم الاتحاد العام لنقابات عمال مصر بالعديد من البلاغات ضد النقابات المستقلة وتنظر الآن أمام محكمة القضاء الإداري واحدة من هذه الدعاوي وهي الدعوي التي رفعها إبراهيم بيومي إبراهيم رئيس اللجنة النقابية بهيئة النقل العام إلي محكمة القضاء الإداري والتي تحمل رقم 88193/66ق ضد وزير القوي العاملة والهجرة بصفته، والذي قام بقبول وإيداع أوراق تأسيس ما يسمي بالنقابات المستقلة لعمال هيئة النقل العام واستنادا لهذه الخطابات تم التصريح لهم بخصم الاشتراكات الشهرية للعضوية النقابية لصالح هذه النقابات المستقلة وهو يعد مخالفة للقانون 35 لسنة 1976 وتعديلاته. وذكر في بلاغه أيضا أن الوزير السابق قام بمخاطبة السيدة المهندسة رئيس هيئة النقل العام بتاريخ 14 فبراير الماضي بشأن إجراء انتخابات لما يسمي بالنقابات المستقلة وحدد الوزير السابق موعد 17 إبريل 2012 لإجراء الانتخابات وهو مايعتبر تحديا للقانون الحالي ومخالفا للمرسوم العسكري بقانون مد مدة الدورة النقابية الحالية لمدة 6 شهور. وكان هذا أهم ما تضمنته الدعوي المقدمة ضد النقابات المستقلة وأهم ما جاء في معظم الدعاوي والبلاغات المقدمة. في البداية وصف الدكتور أحمد عبدالظاهر رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر النقابات المستقلة بالنبت الشيطاني الذي وجد علي الساحة دون سند قانوني ينظم نشاطه النقابي أو كيفية الانضمام لهذه النقابات.. فهناك قانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 ينظم نشاط وعمل هذه النقابات التابعة لاتحاد العمال الذي له مواقفه القومية والوطنية منذ أكثر من 110 سنوات.. وقال إن الهدف من إنشاء ما يسمي بالنقابات المستقلة جاء لضرب الكيان النقابي الوطني وتفتيت وحدته في الدفاع عن مصالح العمال والقضايا القومية في كافة المجالات التنموية. مشيرا إلي أن النقابات المستقلة كيانات عشوائية يقودها قلة من العمال الذين يبحثون عن تحقيق أهداف شخصية ويتعمدون إثارة البلبلة والفوضي داخل مواقع العمل، وهو ما أكده العاملون الذين اكتشفوا انهم في ورطة مع الإدارة بسبب ما تقوم به النقابات المستقلة من أفعال في هيئة النقل العام. ويبدو مؤخرا أن العمال بدأوا يعانون من كثرة الاعتصامات والاحتجاجات التي تدعو لها النقابات المستقلة، فقد أبدي العاملون بهيئة النقل العام استياءهم من دعوات النقابات المستقلة، لتنظيم وقفات احتجاجية عن العمل في شهر رمضان. وفي السياق نفسه اتفق جبالي محمد المراغي رئيس النقابة العامة والنائب الأول لرئيس اتحاد العمال مع الحكومة علي تنفيذ مطالب العمال علي عدة مراحل هذا الاتفاق لقي ترحيبا واسعا من د. مرسي رئيس الجمهورية في دعوة منه للعودة إلي التنمية والبناء لدعم الاقتصاد الوطني من خلال إرجاء المطالب لمدة عام واحد فقط. وعن آراء خبراء في القانون حول شرعية هذه النقابات المستقلة من عدمه. يقول سيد أبو زيد المحامي والمستشار القانوني: البلاغات المقدمة ضد النقابات المستقلة بلاغات صحيحة لأن هذه النقابات كيانات غير شرعية لاسند لها في القانون.. وإن قانون الحريات النقابية لم يقر حتي الآن.. والقانون المعمول به والساري الآن هو قانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 وهو أيضا القانون الذي يستمد بموجبه الاتحاد العام والنقابات العامة شرعيتهما. مضيفا أن وجود هذه النقابات هو انتحال صفة واغتصاب سلطة والقانون الذي يؤكد شرعيتها غير موجود ولم يقر حتي الآن.. وتأسيس هذه النقابات جاء ضمن مخطط الفوضي لمصر والذي لانستطيع أن نقول إننا قد تجاوزناه، وكان أول أهداف هذا المخطط هو النقابات العمالية والمهنية حتي يحدث انقسام بين العمال ويحدث بالتالي نوع من أنواع الفوضي يكون المستفيد الأوحد والأكبر منها هو الاتحاد الحر الذي تسيطر عليه أمريكا وإسرائيل. الآن يجب علي وزير القوي العاملة الجديد خالد الأزهري إلغاء قرار د.البرعي وبشكل سريع وحاسم لأن هذا تفتيت للعمال.. فنجد الآن النقل الجوي له نقابتان نقابة مستقلة تدعو للإضراب ونقابة رسمية ترفضه وأيضا عمال النقل العام. أما محمد طه الرفاعي محام بالنقض ونائب رئيس الاتحاد العام للعمال للشئون القانونية. فيقول: د.البرعي لم يصدر أي قرار بإنشاء النقابات المستقلة وكل ما أصدره هو قرار بقبول أوراق أو السماح لمديرية قوي عاملة القاهرة بقبول إيداع أوراق النقابات المستقلة.. وهذا قرار غير قانوني ومخالف لقانون النقابات العمالية نفسه مضيفا أن إنشاء أي نقابة لايجوز قانونا أن يتم بناء علي قرارات ولكن يتم بحرية وتنظيم الاتفاق بين أعضائه. أما قضية بطلان تشكيل النقابات المستقلة الذي يفصل فيها هو القضاء والأمر يترك له، أما من الناحية القانونية وفي ظل القانون الساري حتي الآن 53 لسنة 6791 لايجوز لهم تشكيل النقابات المستقلة. ولكن في الحقيقة القضية أكبر من ذلك فهي قضية متعلقة بقضية الحريات النقابية وهو إطلاق حرية الأشخاص في تكوين النقابات. وهذا موجود وكان يناقش في لجنة القوي العاملة بمجلس الشعب المنحل وهذه النقابات المستقلة يصبح حقها ثابتا فقط إذا أقر قانون الحريات النقابية ولذلك تم تعويق إصدار قانون الحريات النقابية، لأن هناك وجهتي نظر إما وحدة الحركة النقابية أو تعدد الحركة النقابية، مصر ودول كثيرة تسعي لوحدة الحركة النقابية لكي تمثل قوة للحركة العمالية في مواجهة الطرف الثاني في العلاقة وهم أصحاب العمال. طه يؤيد الوحدة النقابية والدول لكنها الآن تسعي للوحدة فهو ضد التفتيت الذي يؤدي لوجود بؤر عمالية لاتساعد الحركة العمالية علي التقدم. وفي مصر كل النقابات المستقلة التي تأسست نشأت نتيجة خلافات شخصية وليست لأسباب قانونية. مؤكدا أن منظمة العمل الدولية لم توص بهذا ولكنها أوصت بحرية الحركة النقابية لأن غالبية الدول النقابات فيها حركة واحدة والأقل هو التعدد، وهذه التوصيات يمكن تحقيقها بتعديلات بسيطة في القانون الحالي فنحن لسنا في حاجة لإنشاء قانون جديد.