مظاهرات ضد فساد المحليات في مفاجأة من العيار الثقيل أكد د.أحمد عبدالفتاح (عضو مجلس محلي الإسكندرية سابقاً) أن المجالس المحلية المنحلة بحكم قضائي في طريقها إلي ممارسة مهامها مجدداً، وقال في تصريحات ل"آخرساعة" إن هناك أخطاء قانونية وإجرائية لهذا القرار الذي كان مجحفاً بالأساس للمجالس المحلية التي نفي أن تكون لها أي علاقة بالفساد في العهد البائد، مشيراً في الوقت ذاته إلي أن هذا الفساد كان مرتبطاً بالمحليات وليس المجالس المحلية حيث إن هناك خلطاً بينهما، فالمحليات تتمثل في الأحياء والأجهزة التابعة للمحافظة مثل جهاز حماية أملاك الدولة والصرف الصحي والنظافة والإدارة المحلية في المحافظة نفسها، أما المجالس المحلية فهي أحد أشكال الرقابة بهيئة منتخبة علي أداء المحليات، وأوضح أن ثمة ثغرتين يدعم بهما وجهة نظره وهي أن حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بحل المحليات في يونيو 1102 لم يُنشر في الجريدة الرسمية، كما أن المجالس المحلية علي مستوي الجمهورية لم يتم إخطارها بالحل، بما يعني أن هذا القرار هو والعدم سواء وبناء عليه قرر أعضاء المجالس المحلية الانعقاد مجدداً وممارسة مهامهم بشكل تلقائي! وقال د.أحمد عبدالفتاح صاحب الدعوة لعقد جلسات المجلس المحلي مجدداً: حينما قرر الرئيس د.محمد مرسي عودة مجلس الشعب باعتباره مجلساً منتخباً، قلنا وما الذي يمنعنا أيضاً من الرجوع كوننا أيضاً مجالس منتخبة!، وبالفعل بحثنا الأمر جيداً، واكتشفنا أن الحكم الصادر بحل المجالس المحلية هو حكم سياسي وليس مستنداً علي مواد في القانون أي أنه حكم مخالف للقانون، ولكنه كلف المجلس العسكري بتنفيذ هذا الحكم والذي بدوره أصدر مرسوماً بقانون رقم 611 لسنة 1102 غير أنه لم يُنشر في الجريدة الرسمية فأصبح والعدم سواء، لأن الأحكام المتعلقة بمؤسسات الدولة المنتخبة لابد أن تُنشر في الجريدة الرسمية، كما لم تصدر مذكرة بالحل لأي مجلس محلي علي مستوي محافظات الجمهورية، وبناء عليه فالمجالس قائمة ولم تُحل فعلياً. ولذا عقدنا يوم الأربعاء الماضي 81 يوليو أولي جلسات المجلس المحلي بعد عودة الانعقاد بمقر المجلس المحلي بالإسكندرية برئاسة اللواء مجدي طايع عضو سابق بالمجلس وبمشاركتي باعتباري رئيس لجنة التنمية الاقتصادية والاستثمار بالمجلس سابقاً (وكيل المجلس المحلي فئات في التشكيل الجديد) وبحضور أعضاء المجلس المحلي وأعضاء اللجنة الدائمة بالمجلس وقررنا عودة عقد الجلسات ومناقشة أهم القضايا قريباً بعد مرور عام علي قرار حلها. وانتهي الاجتماع بعدة توصيات أهمها الإعلان عن عودة المجلس المحلي بمحافظة الإسكندرية للانعقاد، ومما يترتب علي ذلك من آثار تتمثل في عودة المجالس المحلية للأحياء، وإرسال مذكرة إلي الفريق مهاب مميش قائد القوات البحرية عضو المجلس العسكري مفسرة للمبررات القانونية والإجرائية والعملية لعودة المجلس للانعقاد، وكذا إرسال نفس المذكرة إلي د.أسامة الفولي محافظ الإسكندرية، لتحديد جلسة خلال أسبوع لوضع تصور بشأن الرقابة الشعبية علي أداء المحليات وأيضا القيام بعمل حصر للمخالفات التي حدثت في الفترة البينية منذ توقف المجلس وعودته للانعقاد. ورفض عبدالفتاح اعتبار هذا الحكم في إطار الشرعية الثورية التي أطاحت بعناصر ورموز الفساد في النظام السابق، مؤكداً أن الأمر يجب أن ينطلق من الشرعية القانونية لا الشرعية الثورية. وأضاف: القاعدة القانونية تقول "الحكم منشئ للحقيقة وليس كاشفاً لها، أما التنفيذ فهو الحكم الكاشف للحقيقة"، لذا فإن أي حكم لابد له من صيغة لتنفيذه، وفي موضوعنا الصيغة القانونية لم تنشر بالجريدة الرسمية، كما أن حكم المحكمة الإدارية العليا صدر بالمخالفة للمواد أرقام 441 و541 و641 من قوانين الإدارة المحلية التي حظرت حل المجالس المحلية بإجراء شامل، بل أن يكون الحل لكل مجلس علي حدة مع إبداء الأسباب، وأن تقام الانتخابات خلال 06 يوماً من تاريخ الحل وهو ما لم يتم حيث حكمت المحكمة بمخالفة القانون وحلت المجالس ولم توص بإجراء انتخابات خلال 06 يوماً، ولكن كان حكماً سياسياً غير منشئ أو كاشف للحقيقة، بل كان حكماً لتهدئة الرأي العام ومجافياً نصوص ومبادئ القانون. هناك أيضاً مبررات واقعية، حسبما يقول د.عبدالفتاح، أوجزها في عدم وجود شيء اسمه مجلس تنفيذي بالمحافظات وليست هناك رقابة شعبية علي المحليات، وقال: أقصد بالمحليات المحافظين والمحليات التي تشمل القري والأحياء والمراكز والمحافظات، والتي ليس لديّ أي رقابة عليها وضرب مثلاً بالأوضاع الانفلاتية في الإسكندرية مثل انهيار العقارات (في إشارة إلي حادث سقوط عمارات حي الجمرك مؤخراً) والتعدي علي أملاك الدولة وغياب الأمن والتعدي علي الأرصفة وغيرها من المخالفات المنتشرة في كل محافظات الجمهورية منذ اندلاع الثورة. واختتم صاحب الدعوة حديثه بأنه لا يتوقع انصياع أجهزة الحكم المحلي لقرار عودة المجلس وتبعات ذلك أنه لن يكون هناك تنفيذيون لتفعيل ما سوف نتخذه من قرارات، ولأن هدفنا هو مصلحة الوطن وكشف الفساد فسوف نفضح كل ما نرصده من فساد عبر وسائل الإعلام المختلفة. من جهته علق د. نجاد البرعي (المحامي والناشط الحقوقي) بقوله: من البداية لم أكن أري ضرورة لقرار حل المحليات، وأعتقد أن مشكلتنا بعد الثورة هي التركيز علي الهدم أكثر من البناء، واعتبر أن الحديث عن عودة المحليات المنحلة الآن سوف يثير أزمة ولكن ستكون أزمة لفترة محدودة لحين السيطرة علي الوضع. وعموماً هذه المشكلة تحتاج إلي اتفاق سياسي وليس قضائياً، مشيراً إلي أن الأحكام القضائية لا تُنشر في الجريدة الرسمية كما زعم د.عبدالفتاح. وأضاف البرعي: لا أعتقد أن مصر لديها طاقة الآن علي تنظيم انتخابات محليات في الوقت الراهن، وقال إن الفساد مسألة طويلة الأمد ومتجذرة في قطاعات عديدة بالدولة وبالتالي حل هذه النوعية من المشكلات يتطلب اتفاقاً سياسياً بعيداً عن ساحات القضاء. د.فوزية عبدالستار (أستاذة القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة القاهرة، ورئيسة اللجنة التشريعية بمجلس الشعب سابقاً) عبرت عن استيائها مما يحدث وقالت إن مصر دولة عريقة ويجب تجاوز هذه المسائل والالتفات إلي بناء الجمهورية الجديدة، مؤكدة أن المجالس المحلية تم حلها بحكم المحكمة الإدارية العليا وهذا لا يتطلب بأي حال نشر الحكم في الجريدة الرسمية مثلما يظن البعض خطأ، وأن حديث البعض عن عودة هذه المجالس مرة أخري يعد من قبيل المبالغة وينطوي علي جرأة شديدة، ومن شأنه أن يُحدث حالة من الجدل والبلبلة نحن في غني عنها الآن، ووصفت محاولات عودة المجالس المحلية للانعقاد مجدداً ب"اليائسة"، وقالت لا يمكن أبداً أن ينعقد مجلس تم حله، واعتبرت أن مثل هذه المحاولات هدفها هز صورة القضاء، وناشدت القانونيين أن يعملوا علي تحقيق الاستقرار في البلاد وألا تتضارب آراؤهم في مثل هذه المسائل المحسومة بأحكام قضائية.