مدبولي: نعمل مع الوزارات المعنية على تسهيل إجراءات التسجيل العقاري للوحدات السكنية    تعاونيات البناء والإسكان تطرح وحدات سكنية ومحلات وجراجات للبيع بالمزاد العلني    برنامج الأغذية العالمي: الوضع الإنساني بقطاع غزة كارثي.. ومخزوننا الغذائي بالقطاع نفد    بيروت ترحب بقرار الإمارات بالسماح لمواطنيها بزيارة لبنان اعتبارا من 7 مايو    رئيس حزب فرنسي: "زيلينسكي مجنون"!    فاركو يسقط بيراميدز ويشعل صراع المنافسة في الدوري المصري    سيل خفيف يضرب منطقة شق الثعبان بمدينة طابا    انضمام محمد نجيب للجهاز الفني في الأهلي    أوديجارد: يجب استغلال مشاعر الإحباط والغضب للفوز على باريس    زيزو يخوض أول تدريباته مع الزمالك منذ شهر    إسرائيل تدرس إقامة مستشفى ميداني في سوريا    التموين: ارتفاع حصيلة توريد القمح المحلي إلى 21164 طن بالقليوبية    الزمالك: نرفض المساومة على ملف خصم نقاط الأهلي    الشرطة الإسرائيلية تغلق طريقا جنوب تل أبيب بعد العثور على جسم مريب في أحد الشوارع    حرس الحدود بمنطقة جازان يحبط تهريب 53.3 كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر    استشاري طب شرعي: التحرش بالأطفال ظاهرة تستدعي تحركاً وطنياً شاملاً    المخرج طارق العريان يبدأ تصوير الجزء الثاني من فيلم السلم والثعبان    البلشي يشكر عبد المحسن سلامة: منحنا منافسة تليق بنقابة الصحفيين والجمعية العمومية    ترامب يطالب رئيس الفيدرالي بخفض الفائدة ويحدد موعد رحيله    الهند وباكستان.. من يحسم المواجهة إذا اندلعت الحرب؟    حادث تصادم دراجه ناريه وسيارة ومصرع مواطن بالمنوفية    التصريح بدفن جثة طالبة سقطت من الدور الرابع بجامعة الزقازيق    ضبط المتهمين بسرقة محتويات فيلا بأكتوبر    تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال    مفتي الجمهورية: نسعى للتعاون مع المجمع الفقهي الإسلامي لمواجهة تيارات التشدد والانغلاق    23 شهيدًا حصيلة الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم    مديرية العمل تعلن عن توفير 945 فرصة عمل بالقليوبية.. صور    رسميًا.. إلغاء معسكر منتخب مصر خلال شهر يونيو    مورينيو: صلاح كان طفلًا ضائعًا في لندن.. ولم أقرر رحيله عن تشيلسي    فيبي فوزي: تحديث التشريعات ضرورة لتعزيز الأمن السيبراني ومواجهة التهديدات الرقمية    كلية الآثار بجامعة الفيوم تنظم ندوة بعنوان"مودة - للحفاظ على كيان الأسرة المصرية".. صور    نائب وزير الصحة يُجري جولة مفاجئة على المنشآت الصحية بمدينة الشروق    مصر تستهدف إنهاء إجراءات وصول السائحين إلى المطارات إلكترونيا    الداخلية تعلن انتهاء تدريب الدفعة التاسعة لطلبة وطالبات معاهد معاونى الأمن (فيديو)    رابط الاستعلام على أرقام جلوس الثانوية العامة 2025 ونظام الأسئلة    رغم توقيع السيسى عليه ..قانون العمل الجديد :انحياز صارخ لأصحاب الأعمال وتهميش لحقوق العمال    في السوق المحلى .. استقرار سعر الفضة اليوم الأحد والجرام عيار 925 ب 55 جنيها    صادرات الملابس الجاهزة تقفز 24% في الربع الأول من 2025 ل 812 مليون دولار    كندة علوش: دخلت الفن بالصدفة وزوجي داعم جدا ويعطيني ثقة    21 مايو في دور العرض المصرية .. عصام السقا يروج لفيلم المشروع X وينشر البوستر الرسمي    إعلام الوزراء: 3.1 مليون فدان قمح وأصناف جديدة عالية الإنتاجية ودعم غير مسبوق للمزارعين في موسم توريد 2025    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : انت صاحب رسالة?!    تقرير المعمل الجنائي في حريق شقة بالمطرية    بالفيديو.. كندة علوش: عمرو يوسف داعم كبير لي ويمنحني الثقة دائمًا    بلعيد يعود لحسابات الأهلي مجددا    بدء الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة تجديد الخطاب الدينى    الأوقاف تحذر من وهم أمان السجائر الإلكترونية: سُمّ مغلف بنكهة مانجا    غدا.. الثقافة تطلق برنامج "مصر جميلة" للموهوبين بالبحيرة    وزير الصحة يبحث مع نظيره السعودي مستجدات التعاون بين البلدين    في ذكرى ميلاد زينات صدقي.. المسرح جسد معانتها في «الأرتيست»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 4-5-2025 في محافظة قنا    الرئيس السيسي يوافق على استخدام بنك التنمية الأفريقي «السوفر» كسعر فائدة مرجعي    دعوى عاجلة جديدة تطالب بوقف تنفيذ قرار جمهوري بشأن اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير    الأزهر للفتوى يوضح في 15 نقطة.. أحكام زكاة المال في الشريعة الإسلامية    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها دون علمه؟ الأزهر للفتوى يجيب    خبير تغذية روسي يكشف القاعدة الأساسية للأكل الصحي: التوازن والتنوع والاعتدال    الإكوادور: وفاة ثمانية أطفال وإصابة 46 شخصا بسبب داء البريميات البكتيري    تصاعد جديد ضد قانون المسئولية الطبية ..صيدليات الجيزة تطالب بعدم مساءلة الصيدلي في حالة صرف دواء بديل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأجنبي ..بريء حتي تثبت إدانته
نشر في آخر ساعة يوم 20 - 06 - 2012

كل الأجانب جواسيس...ملخص الفكرة التي أريد إرسالها من خلال إعلان ظهر علي شاشات التلفزيون المصري وتم رفعه علي الفور من علي الشاشات وإجراء تحقيق حول ظروف عرضه بسبب ضرره البالغ علي صناعة السياحة في مصر. ظهور هذا الإعلان لا يمكن أن يكون مصادفة، لكنه بدا توجهاً عند بعض المسئولين لخلق نوع من الشك لدي المواطن البسيط تجاه الأجانب في مصر.
مصر كانت دائماً قبلة للزائرين من كل أنحاء العالم سواء من السائحين والدبلوماسيين والدارسين أو من يعملون في الصحف والقنوات العالمية التي تغطي الأحداث الساخنة المتلاحقة عندنا، لكن بعد اندلاع الثورة وتردد أنباء حول وجود أطراف مجهولة تتلاعب باستقرار وأمن الوطن بدأ التعامل مع ضيوف مصر يتغير، ولعلنا جميعاً نتذكر الحملة الشرسة ضد الأجانب من جانب النظام السابق والتي أدت إلي اعتداءات علي بعض الصحفيين الأجانب في محيط ميدان التحرير.
لقد حذر كثيرون من مغبة نشر مثل هذا الإعلان علي القنوات التلفزيونية علي السياحة المصرية التي لم تعد تتحمل أي هزات أخري، كما حذروا أيضاً من ضرره علي الأجانب العاملين في البلاد والمقيمين هنا منذ عشرات السنوات. ونحن هنا نلقي الضوء علي طبيعة الأجانب المتواجدين في مصر وهل يمثل وجودهم تهديداً بالفعل لاستقرار البلاد أم أنه في عصر الفيس بوك وتويتر وقدرة أي شخص علي معرفة كل صغيرة وكبيرة عن أي بلد من خلال بحث بسيط علي الإنترنت لم يعد مقلقاً أن نري غرباء يسيرون بيننا ويتحدثون إلينا.
أجانب والهوي .. مصري
معروف عن المصري دائماً حسن الضيافة والترحيب بأي زائر يأتي علي أرضه. لكن الظروف السياسية الأخيرة وحالة التخبط والتشكك والاتهامات التي تحيط بنا، جعلت الأجانب الذين يعيشون في مصر تحت المجهر دائماً وأثارت الشكوك حولهم خصوصاً المتواجدين منهم في أماكن الاضطرابات والمظاهرات، وظهر إعلان الجاسوس الشهير علي التليفزيون المصري ليطرح هذه القضية من جديد علي الساحة.
إيهاب علي
أثار الإعلان سخرية واسعة علي شبكات التواصل الاجتماعي، ورأي البعض فيه ضرراً جسيماً علي السياحة المصرية واستمرارا لنظرية المؤامرة والطرف الثالث واللهو الخفي الذي يدبر ويخطط لإسقاط مصر حتي لو كانت هذه الاتهامات دون أدلة أو برهان. الإعلان تم رفعه بالفعل من علي شاشات التليفزيون بعد أن تفهم المسئولون في ماسبيرو خطورته وتأثيره علي نطاق واسع، لكن الجدل حوله لم ينته حتي الآن.
الأجانب الذين يعيشون في مصر لم يظهروا فجأة، هم متواجدون دائماً وسطنا يعيشون هنا منذ سنوات طويلة. أماكن تجمع الأجانب القادمين من أوروبا وأمريكا معروفة. هم يتواجدون دائماً في مناطق الزمالك والمعادي ووسط البلد وجاردن سيتي. وكثير منهم يعملون في البعثات الدبلوماسية الخارجية والمراكز الثقافية أو يدرسون في الجامعات المصرية أو يعملون في مجال الإعلام والصحافة.
يقول أمجد سالم والذي يعمل في أحد المطاعم التي يرتادها الأجانب في وسط البلد: "مالا يعرفه كثيرون أن مصر بها أجانب كثيرون يعيشون في القاهرة لا لسبب إلا لأنهم يحبون شكل الحياة هنا. قبل الثورة كنت أسأل بعضهم لماذا تعيشون هنا ولا تعودون إلي بلادكم خصوصاً أن الحياة عندكم بالتأكيد أفضل من هنا، وكانوا دائماً يردون علي أنه غير صحيح أن الحياة في الغرب أفضل من القاهرة، فهم يحبون صخب المدينة التي لا تنام ويحبون طريقة تعامل الناس ودفء المشاعر الذي يفتقدونه في بلادهم. لذلك هم يبحثون دائماً عن أي عمل سواء في الشركات الأجنبية أو المكتبات أو الجامعات، أو في السفارات، أو حتي يعيشون بدون عمل خصوصاً أنه في الماضي كان من حق المواطنين من الدول الغربية البقاء في مصر دون تأشيرة سفر. الآن الوضع تغير بعض الشيء، في فترة من الفترات بعد الثورة ونتيجة للانفلات الأمني قل عدد الأجانب بعض الشيء في منطقة وسط المدينة، لكن الآن الوضع تحسن ومع الاستقرار بالتأكيد ستعود الأمور لطبيعتها"
ماريون جينار صحفية فرنسية تعيش في مصر منذ حوالي 5أعوام تقول: "أنا جئت في البداية ضمن برنامج تدريب للصحفيين في جامعة القاهرة والآن أعمل صحفية في راديو فرنسا.. بشكل عام أنا سعيدة للغاية بالحياة في مصر، كونت صداقات عديدة سواء مع المصريين أو مع الجالية الفرنسية التي تعيش هنا في مصر، هناك بعض الصعوبات واجهتني نتيجة لحملة بدأت ضد الأجانب في فترة يناير وفبراير 2011.. كانت وقتها الأمور صعبة جداً وكان الأجانب مستهدفين وكان عليّ التحرك بحذر. الآن زالت هذه المخاوف نسبياً خصوصاً للأجانب الذين يعملون بعيداً عن المجال الإعلامي، لكن أنا كصحفية متواجدة في أماكن الأحداث الساخنة لابد لي أن أكون حذرة دائماً"، ماريون شاهدت إعلان الجاسوس من خلال أصدقائها علي فيس بوك، وعلقت عليه قائلة "هذه النوعية من الدعاية هي التي تجعل حياتنا أصعب، لكن علي العموم من الجيد أنه تم رفعه فوراً من الإذاعة علي التليفزيونات".
تري ماريون أن القلق من الأجانب واتهامهم أنهم جواسيس أمر غير منطقي "الهجوم الذي حدث لنا في الفترة الأولي من الثورة كان نتيجة الدعم الكامل الذي أبدته وسائل الإعلام الغربية تجاه الثورة المصرية وانحيازها الكامل للثوار وكان من الطبيعي أن يكون رد فعل النظام السابق هو إلقاء الاتهامات جزافاً علي الإعلاميين الأجانب لأنهم بدعمهم للثورة كانوا جزءا من تهديد النظام الذي ثار المصريون من أجل إسقاطه... لكن هنا يجب توضيح نقطة، الإعلام الغربي في مصر ينقل ما يحدث في الشارع، عندما كان المصريون كلهم متفقين علي عزل النظام القديم، كان الإعلام الغربي ينقل هذه الصورة إلي العالم، الآن مثلاً الوضع تغير وأصبح هناك خلافات في وجهات النظر بين القوي السياسية المختلفة ونحن نقوم بعرض رؤية كل طرف".
ريتشارد بندرت رجل أمريكي يبلغ من العمر 73عاما وهو يعيش في مصر منذ 15عاما كان يعمل في إحدي المجلات الاقتصادية التي تصدر باللغة الإنجليزية في مصر والآن هو يعمل في شركة تعمل في تخطيط ملاعب الجولف في مصر. ويقول إنه لم يشعر بالقلق أثناء تواجده في مصر، وقت الثورة بالطبع عاد لأمريكا لكنه الآن لا يشعر بأي قلق. ويري ريتشارد أن شعب مصر شعب مضياف في كل وقت ويحب الأجانب. مايحدث الآن أننا في مرحلة توتر، عندما تعبرها مصر ستعود الأمور إلي نصابها الطبيعي. مصر في الأصل بلد ثري جداً بتاريخه وثقافته وبالتأكيد أي شخص في العالم يتمني زيارة مصر ليري التاريخ والثقافة التي تتمتع بها هذه البقعة من الأرض"
وتقول علا توفيق التي تعمل في مركز جوتة الألماني "أنا أستغرب جداً من إعلان مثل إعلان الجاسوس، فهذا الإعلان يؤكد أن من يديرون البلاد تفكيرهم توقف عند مرحلة الستينيات، حيث كانت وقتها المجتمعات منغلقة علي نفسها وكان لابد من اختراقها من خلال اندساس عملاء أجهزة المخابرات لكي يعرفوا تفاصيل الحياة اليومية للناس وأحوالهم الاقتصادية. لكن اليوم من الممكن من خلال فيس بوك فقط أن تعرف كل شيء يحدث في مصر، العالم الآن أصبح قرية واحدة، الجميع يعرف كل صغيرة وكبيرة تحدث فيها. المعايير اختلفت تماماً وهم مازالوا يتحدثون عن عصر مات. يجب أن ينتهي هذا الأمر فوراً، إذا أردنا أن يكون في مصر سياحة ضخمة، وإذا أردنا أن نتعاون مع كل الدول علي المستوي الاقتصادي والثقافي، لابد أن نغلق باب الشك غير القائم علي حقائق. أي مصري يسافر للخارج يتحرك بمنتهي الحرية ويجلس في المقاهي والمطاعم ويتحدث مع كل الناس ولا أحد يقول عنه جاسوس أو له أغراض معينة، ولابد أن يكون هذا منهجنا أيضاً أن نرحب بكل الضيوف في مصر مادمنا لم نر منهم سوءا.
دراسة تؤكد:مصر قبلة لفقراء الشرق من الطباخين والحلاقين
ياسمين عبدالحميد
" الضحكة اللي في وشي صيني والملح اللي في مشي صيني كلنا سوري معلشي مالي عينا المضروب" صدقت كلمات الشاعر أيمن بهجت قمر وتحققت رؤيته للمشهد "الصيني" في مصر فلم يكن الوضع علي هذا السوء في 2010 بل تطور إلي أن أصبح كل ما لدينا "صيني" خاصة بعد ثورة 25 يناير.
يمكنك أن تجد الصينيين أينما ذهبت في شوارع القاهرة والجيزة و6 أكتوبر فوجودهم أصبح مفروضا علي الشارع المصري ، وبضائعهم أيضًا من "موبايلات، ماكينات حلاقة، صواعق، ناموس، عدسات مكبرة" أجهزة لا تخلو منها الأرصفة بشوارع القاهرة، خاصة لأن تأشيرة الدخول لمصر 150 جنيها فقط وغرامة كسرها لا تتعدي ال 100 جنيه ، و بصرف النظر عن أسباب وجودهم المعلن سواء كان للتعليم أو للدراسة بالأزهر أو للسياحة فجميعهم تحولوا "لاقتصاديين" في مصر من تجار لطباخين لحلاقين أو لخدم في المنازل.
لم يكن سهلاً علي "آخر ساعة" أن تتناقش مع الصينيين الموجودين بمختلف أنحاء القاهرة حول أسباب تواجدهم ومدة بقائهم في مصر وكيفية تعامل المصريين معهم ، فمعظمهم لا يرغب في أن يفصح عن تلك المعلومات خوفًا من التعرض للمساءلة القانونية ، وهناك آخرون لم يلقوا بالا لأي خطر عليهم نظرًا لوجودهم لأكثر من 3 أعوام في مصر دون سؤال ، وآخرون ظلوا أكثر من 7 سنوات وتزوجوا من مصريين .
"نيلا شوفي" تعمل كوافيرة بأحد مراكز التجميل بالمهندسين ، ولم تلبث في مصر 11 شهرا وبسؤالها عن أسباب تواجدها قالت إنها تدرس في الجامعة الألمانية بمصر وعملت "كوافيرة لكي تساعد نفسها علي المعيشة" مشيرةً إلي أن مالك المركز قام بالاستغناء عن 2 من موظفيه لأنها قامت بالعمل مكانهما.
وأضافت أنها قامت بعمل "كروت" دعاية لها وتقوم بتوزيعها علي الزبائن لأنها تذهب لهم في أوقات فراغها .
"سو ينا" يبيع هواتف محمولة بشارع طلعت حرب بوسط البلد ، أكد أنه وجد صعوبة في إثبات وجوده في تلك المنطقة نظرًا لوجود منافسين مصريين له ولكنه استطاع أن يكسب ودهم بإعطاء كل واحد منهم 10 جنيهات يوميًا وبعد أن أصبح زميلا لهم لم يعد يدفع تلك الإتاوة.
"شيلان موياكن" تعمل خادمة لدي عدة أسر بمنطقة المعادي ، أكدت سميرة فايز "موظفة" أنها لجأت لتلك الخادمة بعد أن نصحها أصدقاؤها بها، فمرتبها لا يتعدي ال 500 جنيه ، ومن وجهة نظر هذه الأسر أن الخادمة الصينية أفضل لأن مرتبها يعد أقل بكثير من مرتب المصريات علاوة علي أنها لها مبيتها الخاص ولا تقييم مع الأسرة وقليلة المطالب ، وتتمتع بالأمانة حسب قولهم- .
وقالت "ديليتا" تبيع تليفونات محمولة إنها جاءت إلي مصر بغرض السياحة لمدة ستة أشهر وتحمل يوميا شنطة بها الكثير من أجهزة التليفونات المحمولة المصنوعة في الصين والتي تجد سوقا كبيرا في مصر وأغلب المناطق التي تتوجه إليها وسط البلد علي المقاهي هناك.
أما عن المصريين فيقول إسلام الشيخ طالب بكلية العلوم : أثناء جلوسي مع مجموعة من الأصدقاء في وسط البلد فوجئت بدخول شاب صيني يحمل في يديه شنطة أنيقة ويتحدث العربية بصعوبة قائلاً : حد يحب يحلق وعارضاً أسعاره المغرية 5 جنيهات للشعر و2 جنيه للذقن.
وأضاف انصرف الشاب في هدوء متوجهاً إلي آخرين، الملفت للنظر مدي حماسه وروحه العالية وإيمانه بما يفعله حتي ولو كان شيئا يخجل منه من يبحثون عن فرصة عمل.
كثيراً ما كان يشغلني" الميدالية الفانوس " هذه الميدالية المكونة من حجر ساعة ولمبة صغيرة وبها ميدالية تباع في رمضان بمبلغ جنيه وهي صينية الصنع. في حين أنك لو ذهبت لتغيير حجر لساعة يديك فعليك دفع أكثر من 7 جنيهات لهذا الحجر.
والنماذج الصينية كثيرة وعديدة ويكفي أن تنظر إليها وتنظر إلي نظيرتها في مصر لتعرف الفارق بيننا وبينهم.
دراسة أمنية
"نصف مليون أجنبي دخلوا سائحين وأصبحوا خدمًا وحلاقين" هذا ما تضمنته دراسة أمنية قام بها باحثون في مطار القاهرة، وأرسلوها إلي كل من مجلس الشعب ووزارتي الخارجية والداخلية وتضمنت الدراسة : "الأجهزة الأمنية وإدارة الجوازات بالمطار، المتابعة لحركة السفر والمغادرة، رصدت دخول ما يقرب من نصف مليون أجنبي للبلاد منذ اندلاع ثورة يناير بحجة السياحة، لكنهم لم يعودوا لبلدانهم رغم انتهاء فترات إقامتهم، وفقاً للتأشيرات الحاصلين عليها، وتوجهوا للعمل في داخل مصر بالتجارة والخدمة في المنازل، بل وصل الأمر ببعضهم - وأكثرهم من الصينيين - إلي العمل كمصففين للشعر حلاّقين يذهبون للزبائن في المنازل، غير عابئين بأي جزاءات أو غرامات".
تحذير انتهت إليه دراسة رسمية تؤكد تزايد الإقامات غير الشرعية للأجانب، الذين يعانون في دولهم من تردي الأوضاع المعيشية، داخل مصر، موضحة أن هؤلاء الأجانب الذين ينتمي غالبيتهم إلي دول القرن الأفريقي وبنجلاديش والصين، يستغلون ثغرات في القانون رقم 89 لسنة 1960 الخاص بدخول وإقامة الأجانب في مصر، وتعديلاته بالقانون رقم 88 لسنة 2005.
الوضع القانوني
قال الدكتور مختار غباشي، أستاذ القانون الدولي، إن القوانين التي تحكم عملية دخول وإقامة الأجانب بمصر، تحتاج الي تعديلات فورية، "لأنه من غير المعقول أن تقر الدول العربية والأجنبية غرامات رادعة علي المخالفين لشروط الإقامة، وتضع قائمة سوداء بمطاراتها ومنافذها البحرية والبرية تمنع دخول من خالفوا الإقامة بها قبل ذلك ومصر التي أصبحت ممرا للهجرة الأفريقية والآسيوية لإسرائيل وأوروبا، سواء كانت شرعية أو غير شرعية لا يوجد بها تشريع يحمي أمنها واقتصادها".
وأضاف أن القانون رقم 88 لسنة 2005 الخاص بشأن دخول وإقامة الأجانب في مصر وكذلك القانون رقم 136 لسنة 2003 الصادر بشأن شروط وإجراءات الترخيص بالعمل للأجانب بهما الكثير من العوار، ولا بد من تغليظ العقوبات، سواء بالسجن أو الغرامة أو الاثنين معاً، وتابع: "القول بأن أي تعديلات تضر بالسياحة قول مبتور، لأن الفئات التي تكسر الإقامة في مصر تعيش علي دعم المواطن الفقير، ولا تفيد الاقتصاد في شيء، ولا تتردد علي المزارات أو المنشآت السياحية".
وأضاف غباشي قائلاً: "إنه من غير المعقول أن تكون تأشيرة الدخول للبلاد 150 جنيها، وغرامة كسرها لا تتعدي 100 جنيه، وأن أي أجنبي، سواء كان أفريقيا أو آسيويا يبقي بمصر لمدة تزيد علي خمس سنوات يأكل أكلا مدعما ويركب وسائل مواصلات مدعوماً وقودها، ويعمل ويكسب ولا يدفع ضرائب وعند خروجه من البلد محملا بما ربح خلال مدة إقامته بالبلاد يدفع غرامة 35 جنيها عن كل سنة عاشها في مصر، في حين أن دولا أغني من مصر تحسب غرامة التخلف باليوم، ونفس الأمر يفعله أبناء الجاليات الأوروبية، الذين يعملون بالسياحة كمترجمين وفي بعض الأعمال الأخري."
وعلي جانب آخر أكد محمد أسعد نائب رئيس مجلس إدارة الشعبة العامة للمستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، إلي أن السلع الصينية تعد فرزا ثالثا ورديئة جداً، فالصين لديها قدرة علي توفير السلعة وفقاً للجودة المطلوبة، ونظراً لأن مستوي الدخول في مصر ما بين المتوسط وتحت المتوسط، فإنها تسوق لنا السلع الأقل جودة، مما يجعل تكلفتها أقل من تكلفة السلع المعروضة بالمحلات، مضيفا أن المنافذ الجمركية هي المسئولة عن هذه السلع، حيث أن هذه السلع من النوع الرديء المحظور تداوله أو تجارته لأنه لا يطابق شهادة سي آي كيو، التي يشترط علي المستورد القياس عليها وتسليم هذه الشهادة عن المنتجات التي يقوم باستيرادها، موضحا أن نسبة تأثرهم بهذه التجارة تتراوح بين 10 إلي 15 ٪ وتم الاتفاق بينهم وبين مصلحة الجمارك بعدم مرور بضاعة لا تحمل شهادة الجودة.
خبراء النفس والاجتماع:الشخصية المصرية محبة للأجانب
عندما يسمع الناس أنه تم القبض علي مجموعة أجانب في مصر يعملون لحساب جهاز من أجهزة المخابرات علي سبيل المثال، تذهب فوراً عقولهم إلي أن كل الأجانب جواسيس، مما يدفعهم إلي البعد عن أي أجنبي يرونه، ليس ذلك فقط بل إنهم يعاملونه معاملة خاطئة، فضلاً عن أن ذلك يعتبر ضربة قاضية للسياحة، مع العلم أنه ليس بالضرورة معني القبض علي سائح أجنبي اتضح أنه جاسوس مثلاً أن كل السياح والأجانب جواسيس لأن ذلك يعتبر حادثة فردية وليست ظاهرة، لكن بطبيعة الشخصية البشرية وتركيبتها النفسية والاجتماعية هي التي تخلق نوعاً من الخوف والقلق لدي الناس مما يجعلهم حذرين في التعامل مع أي أجنبي.. سألنا أساتذة الطب النفسي وعلم الاجتماع عن هذا الإحساس ومدي صحة هذه الأفكار عند المصريين، وما هي النظرة الحقيقية من المصريين إلي الأجانب .
محمد مخلوف
في البداية يوضح د.سعيد عبدالعظيم (أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة القاهرة) أن هناك أكثر من شكل للأجانب، فهناك الأجنبي العربي الذي نعتبره الأقرب لنا بسبب وجود عوامل تجمعنا سواء كانت عادات وتقاليد أو لغة، كما أن هناك دوائر إسلامية وهي تشمل شعوبا كثيرة ومنتشرة في العالم فعدد المسلمين علي مستوي العالم يزيد علي المليار مسلم وكل هؤلاء ما يجمعنا بهم هو الدين، والأزهر يعتبر رمزا مهما جداً في مصر للإسلام المعتدل ؛حيث يأتينا من مختلف الدول الإسلامية مبعوثون للدراسة والأزهر أيضاً يرسل علماء للتنوير ومساعدة الشعوب الإسلامية علي تعلم صحيح الدين كما أن المقرئين المصريين ينتشرون في الدول الإسلامية، فالدائرة الإسلامية واسعة في دول مثل أندونيسيا وماليزيا في قارة آسيا، كما هناك دول في إفريقيا إسلامية أيضاً ف50٪ من سكان نيجيريا مسلمون وغيرها من الدول الإفريقية، كما إن هنا جاليات إسلامية في كافة دول العالم يتم التواصل معها مثلاً في القارة الأوروبية في فرنسا وفي ألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية وقارة أمريكا الجنوبية .
ويشير د.عبدالعظيم إلي أن هناك أيضاً دوائر أخري إفريقية وبالتالي هناك تواصل يجمعنا بهذه الدول علي اختلاف اللغات والأديان، وبالتالي فإن نظرة المصري إلي العربي لا تعتبره أجنبيا لأن هناك كثيرا من الأشياء التي تجمعنا كمصريين به، ومن يحضر أيضاً من الدائرة الإسلامية نعتبر أن هناك عنصرا هاما يجمعنا به وهو عنصر الدين، أما الدائرة العالمية أذكر هنا ما توصف به مصر "مصر أم الدنيا" لأنها هي التي بدأت الحضارة الإنسانية ضاربة في التاريخ بآلاف السنين والشعب المصري يتميز بالاعتدال وعدم التطرف ومصر بلد جاذب للسياحة العالمية لما تحويه من آثار وتاريخ هام لجميع الشعوب، ومن هنا فإننا نعتبر أي زائر لمصر هو ضيف عزيز، ومن هنا فإن التواصل بين مصر والعالم وبين كلمة أجانب عموماً لها معان عديدة.
ويعلق د.عبدالعظيم علي ما يروج بأن مصر ليست آمنة وبها عنف قائلاً: الإحصائيات العالمية تفيد بأن مصر بها أقل قدر من حوادث العنف ومن هنا جاءت كلمة الأمن والأمان لتوصف بها مصر، كما أن ما يثار حول خوف المصريين من الأجانب واعتبارهم جواسيس أو قادمين للاعتداء علي خصوصيتنا فهذا فيه قدر كبير من التجني لأن الشعب المصري ينظر إلي الأجانب بود وترحاب، أما النظرة الأمنية والتشكيك في نوايا بعض الزائرين لمصر فهذا ليس بشأن الجمهور من الناس لكنه شأن الجهات الأمنية، والفوضي النفسية والسياسية التي مر بها الشعب المصري في العقود الأخيرة هي سبب الإحساس بهذه الأفكار الخاطئة، والبشائر قادمة لتصحيح هذه الأخطاء في استعادة الروح للشعب والاهتمام بالمستوي التعليمي وتحسين الحالة الاقتصادية .
كما تستنكر د.فادية أبوشهبة (عضو مركز البحوث الإجتماعية والجنائية ) ما يثار حول خوف المصريين من الأجانب، أو اعتبارهم جواسيس بالنسبة للشخصية المصرية قائلة : ينظر المصري إلي الأجنبي بكل حب واحترام وتقدير، ويحاول أن يحميه من أي شيء ويوفر له حلا للمشاكل التي تقابله، فأياً كان الأجنبي سواء كان عربيا أو إنجليزيا فإن الشخصية المصرية تنظر له نظرة سعيدة وجيدة وذلك لعدة أسباب منها، أننا نحتاج إلي السياحة فهي قطاع مهم للدولة وعلينا جميعاً الوقوف بجانب الحكومة والمسئولين لتنشيطها، كما أن وجود الأجانب في مصر يعني توافر الأمن في البلاد مما يجلب أعداداً كبيرة من مختلف الدول لزيارة مصر، فعلينا أن نحافظ علي سمعة مصر والمصريين لانتعاش السياحة، وعلينا أن نبرز لهم الصور الجميلة وأن مصر آمنة، وخاصة أن الأجانب أنفسهم يحبون مصر فعلينا اغتنام ذلك وعدم الترويج للشائعات والأكاذيب المغرضة التي تنعكس بالسلب علينا جميعاً .
وتضيف د. أبوشهبة : إذا نظر المصري إلي الأجنبي علي أنه جاسوس فهذا يعني اهتزاز الدولة بالكامل، وهناك مواقف نبيلة نراها في الأماكن السياحية والأماكن التي توجد بها سياحة، عندما يري المصري أجنبيا فإنه يكون سعيدا به وإذا كان بائعاً فإنه يحاول أن يبيع له السلع التي معه ويقدمها له، وإذا كان شخصاً عادياً فإنه يطلب من الأجانب أن يأخذ صوراً تذكارية معهم، فهذه صورة جميلة وعلينا أن نحارب كل من يحاول تشويه هذه الصورة .
ويحلل د.هاشم بحري (رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر) نظرة الشخصية المصرية إلي الأجنبية قائلا: طول عمرها كانت مرتبطة بالحب والاحترام، لكن المصري لا يحب الأجنبي المستعمر، الذي يدخل بلاده رغماً عنه ويحتلها، ويسفك الدماء ويقتل فيها الأبرياء، لأن المصري بطبيعته يحب السلام، والود والتعاون مع الآخرين، أما أي شخصية أجنبية أياً كانت غير المستعمر يراها المصري فهو يرحب بها ويكون سعيدا جداً برؤيتها، لأن المصري لديه حسن نية.
ويضيف د.بحري: أن هناك أشخاصا نتيجة للتهويل الإعلامي الحكومي، غيرت نظرتها تجاه الأجانب، وأصبحت تنظر إليهم باعتبارهم شخصيات غير جيدة، لذلك تولد إحساس عند الناس أنه لابد من استغلال الأجنبي، وكان النظام السابق يضحي بأي شيء حتي قطاع السياحة الذي يدخل المليارات للدولة حتي يستمر الحكم، فلا تهمه سوي مصلحته الخاصة، وأري أن الحل الوحيد موجود في يد الحكومة الجديدة، ومرهون بنجاح الثورة في تصحيح هذه الأفكار الخاطئة، ولا أحمل الإعلام وحده المسئولية، بل كافة مؤسسات الدولة مسئولة عن تصحيح كل الأفكار الخاطئة التي تصل للمواطنين، وذلك من خلال تزويدهم بالمعلومات المؤكدة والصحيحة الواقعية، حتي يتقبلها الناس ويقتنعوا بها .
وتؤكد د.سامية الساعاتي (أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس) أن مصر بلد جميل والمصريون يستقبلون الأجانب بحب وسعة صدر، فالشخصية المصرية محبة للشخصية الأجنبية بكافة أطيافها وتمتاز بحسن ضيافتها، ومجتمعنا يعطي للأجانب مساحة جميلة في قلبة، نستنتج من ذلك وجود ظاهرة اجتماعية قوية ومنتشرة وهي حب المصريين للأجانب.
وتضيف د.سامية : لكن في حالة القبض علي أجنبي مثلا ويتضح بعد ذلك أنه جاسوس فهذا شيء عادي ولا يؤثر علي علاقة الود بين المصري والأجنبي فهي حوادث فردية، وخير دليل علي ذلك عندما يري المصري أجنبيا فإنه يكون شديد الفرح به، وفي حالة نزول السياح إلي الأماكن الريفية فإننا نري التفاف الرجل البسيط والفقير حولهم حباً فيهم، ويحاول أن يبحث علي من يجيد الكلام باللغة الإنجليزية حتي يعرف ما يريدونه ويحاول مساعدتهم، وكما نراه يقدم لهم المشروبات ويلتقط معهم صوراً ليحتفظ بها.
إعلانات الجواسيس تثير سخرية الشباب وتكشف فكر ماسبيرو !
حسن حافظ
كشفت الإعلانات التي تحذر من الجواسيس وأذاعها التليفزيون الرسمي موجة من النقد والتهكم من قبل الشباب الذين رأوا فيها وسيلة تعود بالإعلام إلي سنوات من القمع والتوجيه الإعلامي، إلا أن الأهم أنها كشفت آلية التفكير لدي المسئولين التي ما تزال تراوح مكانها في فكر الخمسينيات والستينيات عندما كان الفكر الشمولي هو السائد في العالم آنذاك، فمن الستار الحديدي الذي أسدل علي دول الكتلة الشرقية الشيوعية، مرورا بلجنة مكارثي في واشنطن وليس انتهاء بظاهرة الحزب الواحد والإعلام الموجه في عدد من الدول العربية ومن ضمنها مصر، كانت كلها تتبع سياسة الفكر الواحد الإقصائي يتم خلاله إخضاع أجهزة الدولة الإعلامية لتمرير رسائل تخدم هذا الفكر وذلك التوجه، يتم خلالها معاملة البشر علي أنهم دمي خيوطها التي تحركها تمتد إلي خارج البلاد حتي يثبت العكس.
كان وضعا رغم قسوته له ما يبرره في قديم الزمان فلم يكن هناك تليفزيون أو وسائل اتصالات حديثة باستثناء الراديو، فكان لجلوس شخص غريب علي مقهي في منطقة "وسط البلد" فرصة ذهبية للاطلاع علي أحاديث مرتادي المقاهي ومعرفة أحوال البلد من خلالها.
الآن في ظل عالم السموات المفتوحة اتسعت طرق نقل المعلومات وتطورت، فثوّرت عالم الجاسوسية ولم يعد العنصر البشري منفردا بهذا المجال، وتضاءلت أهميته عما كانت في الماضي، فمن يمتلك جهاز تحكم عن بعد يستطيع أن يقلب بين برامج التوك شوك مساء كل يوم، ويستطلع ما يجري في الشارع المصري من أحداث وقضايا ومشاكل وأزمات.
لم يعد علي الجاسوس أن ينزل إلي الشارع ويجلس علي مقاهي القاهرة في المناطق الشعبية ليستمع لأحاديث المصريين، فالجرائد علي اختلاف توجهاتها ومواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر، والفضائيات بضيوفها، كلها عوالم تقدم معلومات جاهزة لمن يطلبها، إذا أخذنا بالتفسير التآمري الذي يجعل المرء يشك في أخيه ويهرب من أمه وأبيه، فكل هذه العوالم جديدة لها رجالها في دنيا المخابرات يتابعونها في كل دول العالم. لأن عالم المخابرات ببساطة قد تغيرت قواعده مع ثورة التكنولوجيا انفجار دنيا الميديا، بعيدا عن غطيط الإعلام الرسمي.
إعلانات الجاسوسية كشفت ضحالة فكر بعض المسئولين الذين لم تصل إلي أسماعهم أصوات شباب الثورة رغم أن مقر التليفزيون الرسمي قريب جدا من ميدان التحرير لا يبعد إلا خطوات، لكن عقولا في إدارة البلاد لم تتغير علي الرغم من رحيل الرئيس المخلوع حسني مبارك، وكبار رجال دولته ممن تحجرت عقولهم فعاملوا الشعب كمراهقين في حاجة إلي من يخطط ويفكر وينفذ لهم، لا رأي إلا رأيه.
الإعلانات التي حملت خطابا مباشرا بطريقة مبتذلة، ظهر في أحدها شخص تبدو علي ملامحه علامات الألمعية، ويشبه الأجانب في لون عينيه فقط، يدخل إلي أحد المقاهي وهو يتفرس الوجوه، وعيناه تبحثان عن فريسة ساذجة ستدلي له بمعلومات خطيرة، وبالفعل يجد بعض المغفلين من الشباب الذين يدعونه لجلستهم، ويتطوعون في الإدلاء بمعلومات عن أحوال البلاد ويشكون له عن مشكلاتهم وسوء الأوضاع بالبلاد، ويجد الجاسوس المفترض في هذه المعلومات كنزا استخباراتيا، فيقرر التضحية بسرية مهمته بالاتصال بجهاز الاستخبارات التابع له من قلب المقهي ويرسل له رسالة علي تليفونه المحمول بما تحصل عليه من معلومات خطيرة.
أما الإعلان الثاني، فكان حول شاب يدعي إبراهيم، اقترب من الأربعين، فاتته قطارات الزواج والعمل والحياة نفسها، فلم يجد حلا إلا أن يبحث عن وظيفة، قبل أن يبحث عن قبر يختتم فيه حياته التي لم يعشها أصلا. علي كل حال يقوم الأخ إبراهيم، بطل الإعلان، بإرسال سيرته الذاتية عبر مواقع التوظيف، التي يحذر منها الإعلان باعتبارها قد تكون مواقع وهمية مرتبطة بأجهزة استخباراتية، لكن الإعلان تهرب من تقديم الحل لشباب كثر لايجدون عملا رغم اقترابهم من سن الأربعين.
فاصل من السخرية
لذلك لم يكن غريبا أن سيطرت موجة من السخرية بين نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك وتويتر"، ضد إعلانات الجاسوسية ووصفها في سخرية ب"الإعلان الذي أرهب إسرائيل"، وقاموا بعمل مقاطع فيديو مضادة توضح تأثير الإعلانات التي بثّها التليفزيون سلبياً علي إقبال السائحين علي زيارة مصر.
وكان من ضمن تعليقاتهم الساخرة " ميدان التحرير مليان جواسيس اللي بياكل ذرة واللي بيشرب عصير واللي متخفي وشايل علم مصر فيما اعتبرت صفحة "كلنا خالد سعيد" هذه الإعلانات عودة لنظام الإعلام الموجه لتخويف الشعوب بنفس أسلوب الإعلام الأمريكي للتخويف من الشيوعيين في الستينيات.
سخرية النشطاء علي مواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك وتويتر، فأغرقت صفحات العوالم الافتراضية بسيل من التعلقيات الظريفة لواقع يزداد كآبة. فمن مَن رآها إعلانات تدشن "للفاشية وترهيب الناس" علي طريقة "خلي بالك الحيطان ليها ودان" إلي أصحاب نظرية المؤامراتية الذين اعتبروا تلك الإعلانات بداية لمرحلة تشويه الثوار محذرين الشباب قائلين "متضحكوش واعرفوا هم بيخاطبوا لأيه"، مرورا بفريق الساخرين الذين قالوا: "أي صحفي أجنبي في الشارع هيتهري ضرب وتهمة الجاسوسية لأي ناشط يعرف أجانب"، كانت تحديثات مواقع التواصل الاجتماعي تحمل الجديد كل لحظة.
فيما رأي العالمون ببواطن الأمور، علي الفيس بوك، أن الهدف من حملة الإعلانات "عشان تخوف الناس من بعضها وأنهم ميتكلموش في السياسة". أما أحد النشطاء، واضح أنه كان يعمل في مجال السياحة، فقد قال: "الإعلان بتاع الجواسيس ده هيخرب لنا السياحة أكتر ما هي خربانة..ربنا يخدنا إحنا يا شيخ!". أما أبرز أشكال السخرية فقد جاءت في شكل إعلان غير مدفوع الأجر من قبل الناشطين عندما قرروا العمل مع الأجهزة الأمنية فقالوا: "اللي يقولك أنا حبيتك قوي وبعدين قال لك "Really" تقفش في زمارة رقبته وتسلمه للمخابرات الحربية تكسب كارت شحن ب 50 جنيها".
تراجع ماسبيرو
موجه النقد والسخرية اللاذعة أجبرت التلفزيون علي التراجع ووقف هذه الإعلانات بعد التأكد من فشلها، وسط تسريبات تؤكد أن التراجع جاء بتدخل شخصي من جنرال ماسبيرو وزير الإعلام اللواء أحمد أنيس، خوفا من إساءة فهمه.
ورأي الخبير الإعلامي، ياسر عبد العزيز، أن هذه الإعلانات "تعبر عن تصوّر مختل لفكرة الأمن القومي، يحمل أحدهما اتهاما مبطنا لبعض الشباب الناشطين في الثورة والحركات الاحتجاجية، ويستعدي قطاعات من المواطنين البسطاء علي السياحة والسائحين باختزالهم في صورة العميل الراغب في جمع المعلومات".
وأضاف عبد العزيز "إذا كانت السلطات المعنية لديها وقائع وأدلة مثبتة عن حالات اختراق للأمن القومي عبر السياحة أو شركات التوظيف عبر الإنترنت فإن الحل الأفضل لمواجهتها هو الإعلان عنها بالتفاصيل، أما إشاعة هذا الجو من التشكيك غير المبرر فلا يخدم المصلحة الوطنية ولا السياحة ولا التوظيف".
من جانبها، قالت دكتورة ماجي الحلواني، أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة، ل"آخر ساعة": "إن محاولة التليفزيون الرسمي العمل علي توعية الشارع المصري في ظل الظروف التي نمر بها كمرحلة انتقالية حساسة، أمر مشروع"، ولكنها اعترضت علي أسلوب الدعاية وشكلها التي خرجت به تلك الرسائل بشكل اتسم بالمباشرة والفجاجة، فأدي إلي نتائج عكسية وانفض المشاهد من حولها لأنها لم تحترم عقليته.
وأضافت الحلواني: البعض يري في هذه الإعلانات انتكاسة عن موجة الحريات التي انطلقت منذ مطلع الألفية مع ثورة التكنولوجيا والميديا، وترسخت بعد ثورة 25 يناير، لأنها ترسخ مفهوم كراهية الآخر وتقصيه، في وقت تمر السياحة المصرية بفترة ركود واضحة، هذا علي المستوي الاقتصادي أما إعلاميا فمثل هذه الحملات تأتي بنتائج عكسية في غير ما يريد المعلن لها أن تؤثر، لذلك كانت الخطوة الإيجابية هي سحب هذه الإعلانات من وسائل الاتصال بعد التأكد من فشلها.
واتفقت الدكتورة ليلي عبد المجيد، عميدة كلية الإعلام بجامعة القاهرة سابقا، في الرأي مع الحلواني، في إمكانية لجوء النظام إلي الإعلانات الموجهة لشرح أي قضية تخص الأمن القومي، خصوصا في المجتمعات التي تنتشر فيها الأمية كالمجتمع المصري، لكن لابد أن تكون علي درجة عالية من المهنية والحرفية لكي تضمن وصول رسالتها دون آثار جانبية غير متوقعة، كما حصل مع إعلانات الجاسوسية التي فشلت في توصيل رسالتها.
وأشارت عبد المجيد إلي أن صناعة الإعلانات الموجهة لابد أن تتضمن إشارة صريحة لمن يقف خلف هذه الإعلانات لإضفاء طابع المصداقية، ولابد من عرضها علي مجموعة من خبراء الإعلام والمواطنين العاديين لاستطلاع رأيهم قبل عرضه علي الجمهور العريض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.