أبو عبيدة: عمليتنا النوعية في رفح تأكيد جديد على فشل إسرائيل ولدينا المزيد    رغم القصف المستمر.. أهالي غزة يكبرون في ليلة عيد الأضحى المبارك.. والأطفال يحتفلون في باحة مستشفى شهداء الأقصى    مدرب هولندا السابق: أثق في إمكانية التتويج ب "يورو 2024".. وصلاح لاعب من الطراز الرفيع    إحاطة هامة من القنصلية المصرية بجدة بشأن فقدان الاتصال بالحجاج    الأمن يكشف تفاصيل إنقلاب سيارة "ميكروباص" بترعة المريوطية بالجيزة    الأرصاد: أمطار رعدية وبرق ونشاط للرياح الساخنة في الوادي الجديد    وفاة حاجة من كفر الشيخ أثناء الوقوف بعرفات    إصابة 3 أشخاص بينهما سيدة عربية في تصادم سيارتين ملاكي وسيارة ربع نقل بالعبور| صور    محمد رشاد وسلمى عادل يطرحان أغنية "عالى عالى"    «التعليم العالى»: تعزيز التعاون الأكاديمى والتكنولوجى مع الإمارات    كرة سلة.. عبد الرحمن نادر على رأس قائمة مصر استعدادا للتصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس    مش هينفع أشتغل لراحة الأهلي فقط، عامر حسين يرد على انتقادات عدلي القيعي (فيديو)    مواعيد مباريات اليوم السبت في يورو 2024 والقنوات الناقلة    استقبال تردد قناة السعودية لمشاهدة الحجاج على نايل سات وعرب سات    عاجل.. رد نهائي من زين الدين بلعيد يحسم جدل انتقاله للأهلي    قبل صلاة عيد الأضحى، انتشار ألعاب الأطفال والوجوه والطرابيش بشوارع المنصورة (صور)    تشكيل غرفة عمليات.. بيان عاجل من "السياحة" بشأن الحج 2024 والسائحين    الدعم العينى والنقدى: وجهان لعملة واحدة    طريقة الاستعلام عن فاتورة التليفون الأرضي    تأسيس الشركات وصناديق استثمار خيرية.. تعرف علي أهداف عمل التحالف الوطني    الحج 2024.. السياحة: تصعيد جميع الحجاج إلى عرفات ونجاح النفرة للمزدلفة    غرامة 5 آلاف جنيه.. تعرف علي عقوبة بيع الأطعمة الغذائية بدون شهادة صحية    أنتم عيديتي.. كاظم الساهر يهنئ جمهوره بعيد الأضحى المبارك (فيديو)    شذى حسون تطرح أغنية «بيك تحلى» في عيد الأضحى    دعاء فجر عيد الأضحى 2024.. كلمات مستحبة رددها خلال الساعات المقبلة    أدعية للمتوفى في عيد الأضحى    93 دولة تدعم المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة إسرائيل    إعلام عبرى: صافرات الإنذار تدوى بمستوطنات فى شمال إسرائيل    ملخص وأهداف مباراة إيطاليا ضد ألبانيا 2-1 في يورو 2024    «المالية»: 20 مليون جنيه «فكة» لتلبية احتياجات المواطنين    إلغاء إجازات البيطريين وجاهزية 33 مجزر لاستقبال الأضاحي بالمجان في أسيوط    40 جنيهًا.. ارتفاع في أسعار الذهب المحلية خلال أسبوع    إقبال وزحام على محال التسالي والحلويات في وقفة عيد الأضحى المبارك (صور)    أماكن ساحات صلاة عيد الأضحى 2024 في مكة.. تعرف على موعدها    إقبال على شوادر الأضاحي ومحال الجزارة بالسيدة زينب ليلة عيد الأضحى (صور)    شيخ المنطقة الأزهرية بالغربية يترأس وفداً أزهرياً للعزاء في وكيل مطرانية طنطا| صور    تعاون «مصرى - إيطالى» فى «إدارة المخلفات الصلبة»    ريهام سعيد تكشف مفاجأة لأول مرة: محمد هنيدي تقدم للزواج مني (فيديو)    اتغير بعد واقعة الصفع، عمرو دياب يلبي طلب معجبة طلبت "سيلفي" بحفله في لبنان (فيديو)    أنغام تحيي أضخم حفلات عيد الأضحى بالكويت.. وتوجه تهنئة للجمهور    تزامنا مع عيد الأضحى.. بهاء سلطان يطرح أغنية «تنزل فين»    عاجل.. عرض خليجي برقم لا يُصدق لضم إمام عاشور وهذا رد فعل الأهلي    عاجل.. الزمالك يحسم الجدل بشأن إمكانية رحيل حمزة المثلوثي إلى الترجي التونسي    من السنة النبوية.. صيغة تكبيرات عيد الأضحى المبارك 2024 الصحيحة الكاملة وكيفية أدائها    للكشف والعلاج مجانا.. عيادة طبية متنقلة للتأمين الطبي بميدان الساعة في دمياط    حلو الكلام.. لم أعثر على صاحبْ!    يونيسف: الوضع في غزة يزداد سوءًا للأطفال يومًا بعد يوم    بمناسبة العيد والعيدية.. أجواء احتفالية وطقوس روحانية بحي السيدة زينب    سرايا القدس تنفذ سلسلة من العمليات العسكرية ضد جيش الاحتلال    مكروهات الذبح للمضحي وآداب الأضحية.. الإفتاء توضح    لكل أب وابن فى عيد الأضحى المبارك. والرسالة الأعظم    رئيسة الوزراء الإيطالية: إسرائيل وقعت في فخ «حماس»    فحص 1374 مواطنا ضمن قافلة طبية بقرية جمصة غرب في دمياط    وزيرة الهجرة: تفوق الطلبة المصريين في الكويت هو امتداد حقيقي لنجاحات أبناء مصر بمختلف دول العالم    رئيس الوزراء يهنئ الشعب المصرى بعيد الأضحى المبارك    10 نصائح من معهد التغذية لتجنب عسر الهضم في عيد الأضحي    محافظ أسوان يتابع تقديم الخدمات الصحية والعلاجية ل821 مواطنًا بإدفو    مجدي بدران يقدم 10 نصائح لتجنب الشعور بالإرهاق في الحر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكام مصر .. من مينا إلي مبارك (الحلقة الخامسة عشرة)
فؤاد الأول..مؤسس الملكية الحديثة في مصر
نشر في آخر ساعة يوم 12 - 06 - 2012

جاء مولده في ليلة عصيبة اشتد فيها المرض علي الخديو إسماعيل وأصيب في حنجرته فأزعجته الآلام وجفاه النوم أياما عديدة إلي أن كانت ليلة 62 مارس عام 8681م حين وضعت إحدي زوجاته »فريال«الأمير أحمد فؤاد فنسي آلامه وطابت جروحه ونام نوما عميقا.. ولكن تشاء الأقدار أن تنتقل هذه الآلام إلي طفله الرضيع وتستقر في حنجرته وتظهر بعد مولده بأكثر من ثلاثين عاما حين أطلق الأمير أحمد سيف الدين شقيق زوجته شويكار النار عليه في نادي محمد علي.
سنوات التكوين
لم يكن أحمد فؤاد قد تجاوز الحادية عشرة عندما جاء فرمان السلطان عبدالحميد الثاني بعزل أبيه الخديو إسماعيل عن كرسي الخديوية عام 9781.. ومن المؤكد أن ماجري يوم غادر الحاكم المخلوع المحروسة ومعه حاشيته وأبناؤه بمن فيهم الصبي الصغير لم ينمح أبدا من ذاكرته، وأثر أيما تأثير في تكوينه.. وهذه شهادة أحد المعاصرين الذين عاينوا الحدث.
الاسم: ميخائيل شاروبين.. العمل: رقيب علي أحوال مصر 8781 2881، وجاء فيه قوله:»كان يوم العاشر من رجب سنة 6921ه من أيام القاهرة المعدودة، ازدحمت في صبيحته العربات والخيول والأقدام علي أبواب مقر الخديو إسماعيل بسراي عابدين، وتوارد الأمراء والوجهاء والأعيان عليه يظهرون عواطف الأسف وعلائم الحزن، فعلا الصياح من نسائه وجواريه وخدمه وحاشيته، وبكي كل من سمع بكاء مرا.. ولما كانت الساعة الرابعة ونصفا، أقبل الخديو توفيق علي والده لوداعه وعلامات الحزن تنطق من وجهه، فلبثا معا إلي الساعة الخامسة، ثم خرج الخديو إسماعيل متوكئا علي ابنه توفيق فصعد إلي عربة كانت قد أعدت له، وجلس ابنه علي يساره وركب بعدهما الأمراء والأعيان والرؤساء وطوائف الخدم والحشم والخصيان وكثير من نساء وجواري الخديو المخلوع، يصحن ويولولن وهن يلطخن الوجوه ويشققن الجيوب ويستصرخن العامة وأبناء السبيل بما تنفطر من سماعه الأكباد، وتذوب لهوله القلوب،وكان الأمير الصغير أحمد فؤاد. محشورا في إحدي هذه العربات!..
رحلة التيه
منذ هذه اللحظة بدأت رحلة التيه لأحمد فؤاد، والتي استمرت ثلاثة عشر عاما بالتمام والكمال (9781 2981) لم تطأ قدمه خلالها مصر، والتي عاد إليها شابا يافعا في منتصف العقد الثالث من عمره.. والتوصيف بالتيه له أسبابه: فالمعلوم أن الخديو المخلوع لم يكن حزم أمره حول الجهة التي يقصدها بعد أن استقر في »المحروسة« في الإسكندرية، فأعلن أولا اعتزامه الرحيل إلي استنبول غير أنه عاد فعدل عن عزمه الأول وقرر أنه سيتجه إلي »أزمير« ليتخذ منها مقرا، قبل أن يغادر اليخت مرساه علم إسماعيل أن ملك ايطاليا قد أعد له في نابولي مقاما كريما، فحدد هذا النبأ اتجاهه وأقلع اليخت ميمنا شطرها، في آخر أيام شهر يونية عام 9781.
والمعلوم أيضا أن توفيقا بعد أن خفت حدة مشاعر الوداع التي أملتها المناسبة سعد بالتخلص من أبيه، ولعل الخلاف الذي حدث حول السرايات الخديوية عابدين، الإسماعيلية، القصر العالي بالقاهرة، والنزهة بالإسكندرية وغيرها يجسد تغير المشاعر، إذ بينما اعتبرها الخديو المخلوع من ممتلكاته الخاصة، اعتبرها ابنه من ممتلكات الحكومة وانتهي بغلبته، ثم إنه كان من المعلوم أن إسماعيل ، ورغم سعيه الحثيث لدي الباب العالي في حصر وراثة العرش في أكبر أبنائه بدلا من أكبر أعضاء الأسرة، لم يسعد بأن تسقط ولاية العهد في حجر توفيق بحكم أنه لم يكن ابنا لإحدي زوجاته، بل كان ابنا لمستولدة، ولم تتم تسوية الأمر إلا بعد أن ضغط عليه السلطان العثماني ليتزوج والدة أكبر أبنائه!
والمعلوم ثالثا أن الخديو الجديد قد ساورته المخاوف من مساعي أبيه الدائبة للعودة إلي عرش مصر، الأمر الذي عبرت عنه بعض الصحف البريطانية خلال عام 5881 من أن المستشار الألماني الشهير أوتوفون بسمارك يسعي لدي الحكومات الغربية للموافقة علي عودة الخديو المخلوع إلي حكم مصر.
كان طبيعيا مع ذلك أن تنسحب هذه المخاوف من جانب توفيق علي إخوته الذين صاحبوا أباهم إلي المنفي بمن فيهم فؤاد الأصغر بين إخوته وبالتالي لم يسمح لأيهم بالعودة إلي مصر في أي وقت، ولو حتي للزيارة!
في إيطاليا بقي الأمير الصغير بصحبة أبيه لثماني سنوات (حتي عام 7881م) حيث تفتحت مداركه علي الثقافة الإيطالية في بلاد ميكيافيلي وآل مديتشي وفي ملاحظة ذكية لمؤرخ أمريكي » دونالدريد« أن فؤاد قد شابه في ذلك جده الأكبر مؤسس الأسرة العلوية الذي أمر بترجمة كتاب »الأمير« وانكب علي دراسته، وإن أثبتت الأيام أنه كان أكثر ميكيا فيليه من صاحب الكتاب.. المهم أنه في خلال سنوات التيه تلقي تعليمه في كل من معهد التوديكوم في جنيف وأكاديمية تورين الحربية، حصل بعدها علي رتبة ملازم في الجيش الإيطالي، وألحق بالفرقة الثالثة عشرة من مدفعية الميدان، وكانت إحدي وحدات حامية روما، فقد كانت علاقة أبيه بالملك أمبرتو والملكة مرجريتا طيبة الأمر الذي انتهي بصداقة حميمة بينه وبين ولي العهد فيكتور عمانويل الثالث.. وفي تلك الأثناء، وبالإضافة إلي اللغتين الإيطالية والفرنسية اللتين اكتسبهما بحكم دراسته، تعلم التركية بحكم استخدامها المنزلي..
الحظ يطرق بابه
بدأت المرحلة الثانية من التيه في منفي إسماعيل عندما نجح في شراء سراي مطلة علي البوسفور في إستطنبول وانتقل إليه ومعه أبناؤه، بمن فيهم فؤاد طبعا، الذي كان قد اقترب من العشرين وقتئذ.. وفي عام 0981 عينه السلطان العثماني ملحقا عسكريا بالسفارة التركية في فيينا، حيث بقي لعامين اكتسب خلالهما معرفة واسعة باللغة الألمانية..
وفي مستهل عام 2981م، توفي علي نحو مفاجئ الخديو توفيق، وتولي ابنه الشاب الصغير عباس حلمي الثاني عرش مصر، مما كان إيذانا بانتهاء فترة التيه لفؤاد وإخوته.. فقد أخذ الخديو الجديد علي أبيه ضعف موقفه تجاه سياسات الاحتلال، مما بدا في تخلصه من رجاله خلال الشهور القليلة التي أعقبت اعتلاءه العرش.. اثنان من كبار رجال التشريفات في السراي: ثابت باشا وذو الفقار باشا، ثم أحمد حمدي باشا الياور الأول للخديو الراحل، وعزيز بك معاون التشريفات، مما وصفه البعض بأنه كان أقرب إلي انقلاب في السراي العامرة!.. وبالمقابل لم يخف عباس إعجابه بجده المنفي، الأمر الذي سجله فيما بعد في مذكراته التي وصفه فيها ببعد النظر والاستنارة« وعزا إليه الفضل في إرساء مفهوم الوطنية، بينما افتقر في حديثه عن أبيه لمثل هذه الروح، وكان أفضل ماقاله عنه إنه كان حسن النية في الاستماع إلي نصائح ممثلي الدول.
وأراد عباس حلمي الثاني أن يستقطب سائر أعمامه إلي جانبه، فمنحهم الوظائف العالية في القصر.. ووجه الدعوة لعمه الشاب »فؤاد« لأن يترك عمله في السفارة التركية في فيينا محاولا إغراءه برتبة اللواء وبأنه سيوليه قيادة قسم من الجيش المصري.. وعاد البرنس »أحمد فؤاد« فعلا وأصبح ياورا لابن أخيه، واستمر يعيش إلي جوار الخديو الصغير ثلاث سنوات، وحتي عام 5981م، ولم يكن راضيا عما يجري حواليه.. ويذكر سردار إقبال علي شاه أن البرنس فؤاد لم ير في ابن أخيه العنيد سوي فتي مراهقا، وأنه استقال من منصبه في القصر بعد صدام عنيف مع الخديو.
العودة إلي مصر
وإذا كان لتلك الفترة من أهمية تذكر في حياة أحمد فؤاد، فإنها علي الأقل قد أنقذته من سنوات التيه وعاد إلي أرض مصر التي اعتزم أن يستقر فيها، وألا يفعل ما فعله بعض أمراء الأسرة العلوية الذين استقروا في استانبول، وأصبح مع الوقت مفردة من مفردات الحياة الاجتماعية المصرية، الأمر الذي تأكد في أكثر من مناسبة.
لقد ورث فؤاد عن أبيه الخديو إسماعيل حسن معاملة الناس والقدرة الفائقة علي الإقناع.. وكان شغوفا بالسلطة.. فقد كان يأمل أن يتولي حكم طرابلس الغرب أو ألبانيا.. ولذلك كان الصدام حتميا بينه وبين عباس حلمي الذي كان شغوفا بالسلطة كذلك..
ولكن فؤاد اقترب من الناس ودرس طبائعهم واكتسب من التعرف بهم الكثير الذي أفاده كثيرا بعد ذلك.. يقول فؤاد: »لقد عرفت جميع أنواع الناس من الأمراء إلي العمال وسائقي المركبات ومن الجنود إلي كبار القواد، واختبرت تقلبات كثيرة وزرت جميع بلدان أوربا ماعدا روسيا، وكافحت في الحياة بنفسي في كل مكان لابد لي من ذلك لأني لم أكن أترقب اعتلاء العرش.. إن معرفة الناس واختبارهم هي أعظم الأشياء عندي«..
وقد أتاه الحظ علي بساط الريح حين توفي شقيقه السلطان حسين كامل عام 7191 وتنازل ابنه وولي عهده كمال الدين حسين عن العرش وأفسح الطريق أمام فؤاد لارتقائه العرش في التاسع من أكتوبر عام 7191 والحرب العالمية الأولي مازالت مشتعلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.