شهدت الأيام الماضية احتشادا لعشرات الآلاف من الثوار بميدان التحرير وميادين مصر كلها تحت عناوين ومطالبات بعزل الفلول وتطبيق قانون العزل السياسي وإنشاء محكمة للثورة لمحاكمة النظام السابق وعلي رأسه مبارك بتهمة الخيانة العظمي وعزل النائب العام.. تحت هذه المطالب اصطف الثوار يهتفون ويؤكدون: المرة دي بجد.. مش ها نسيبها لحد، حملتني عزيمتي إلي هناك فشهدت ثلاثا من هذه المليونيات بميدان التحرير، في أول ليلة رأيت عجبا وسمعت خطلا وأحسست بحقيقة الخطر، رأيت الشباب يتحاور بعصبية وإصرار علي الإقصاء وتهمة الخيانة جاهزة يتراشق بها المتحاورون.. الفصائل كثيرة، الاتجاهات متناقضة وسمعت جعجعة من غير طحن. شباب الإخوان متحمسون لا يعترفون بأخطاء جماعتهم، وشباب الثورة يتهمونهم بالخيانة والتربيط مع العسكري، وشباب حمدين مازالوا يأملون في معجزة ترده للحلبة، وشباب 6 أبريل يطرحون مبادرة المجلس الرئاسي المدني.. وكل هؤلاء يتصارعون ولا يتحاورون.. حركة الميدان بلا ضابط ولا هدف مرسوم، مجرد تواجد علي هذا النحو المتشرذم.. حينئذ أحسست أن الخطر يحدق بنا جميعا.. فالميدان ومن فيه لم يستوعبوا بعد سبب خسارة أحد الفرسان الذين خرجوا من السباق. ولم ينتبهوا إلي أن خلافاتهم وائتلافاتهم المزعومة هي التي فرقت جماعة الميدان فآل الأمر إلي ما نحن فيه الآن.. وقد كان حريا بهم أن يعودوا إلي الميدان بروح الوحدة وتناسي الخلافات حتي يصطف الجميع شعبا وثورة في مواجهة محاولات إجهاض الثورة وإعادة إنتاج النظام الفاسد من جديد.. عدت بعد الثالثة فجرا في المرات الثلاث وأنا مكتئب حزين، فهذا السهر وهذا الهتاف المتناقض والمتصادم بين الفرقاء ينبئ بأن كل هذا لا يسمن ولا يغني من جوع، خاصة أن الآخرين صرحوا بأنهم شوية عيال بتتسلي في الميدان في ظل توقف الدوري والكاس.. وبكره يزهقوا ويروحوا ويبقي الحال علي ما هو عليه..!! أتساءل: هل فقد الميدان هيبته وفعاليته؟ لو حدث هذا تكون الطامة الكبري.. ضياع دماء الشهداء هدرا.. واستهتار الفرعون القادم بمليونيات الميدان وعدم اكتراثه بها، لذلك أتصور أن الميدان بحاجة إلي قيادة كبيرة تجمع شمل الثوار.