تعرض الأطفال للعنف الأسري أو المدرسي عمل مشين من شأنه تحول الطفل المعنف إلي شاب ممارس للعنف وقد تتفاقم الأحاسيس الداخلية في سنوات الدراسة الجامعية وهي أكثر مراحل الشباب إقبالا علي الحياة والتحصيل فيحيل الطاقة القوية الكامنة في أعماقه للعنف بدلا من مزيد من التقدم الدراسي والإبداع وممارسة الهوايات وفتح آفاق جديدة له. وينتج عن العنف اضطراب سلوكي يسعي للهيمنة علي الأوضاع الاجتماعية أو السياسية بشكل شمولي دون النظر إلي مايترتب علي المجتمع من أضرار كنتيجة حتمية لممارسة العنف الذي تختلف أشكاله في الأسرة عنها في الجامعة والشارع.. وقد يؤدي عدم التصدي لهذه الظاهرة إلي الزيادة بصفة عامة لاتخضع لشكل ذكوري أو أنثوي خاصة أنه لايوجد في القانون أي نص رادع يمنع ويجرم العنف بآليات واستراتيجيات ومسئولية محددة من المجتمع والحكومة ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية أو توفير مكاتب للإرشاد الأسري من خلال منظومة اجتماعية ودينية (الجامع الكنيسة) للتوعية بمخاطر العنف ضد المجتمع وكيفية التعامل مع المعنفين لإعادة تثقيفهم ودمجهم بالمجتمع بثقافة مجتمعية تحض علي المفاهيم الأخلاقية والدينية السليمة في إطار مشروع قومي لمكافحة العنف. التثقيف بالفن »دمج مهارات التفكير الناقد والإبداعي في تدريس نحت الثورات لبناء نموذج تثقيفي مقترح لكبح العنف« عنوان البحث المقدم من الدكتورة حنان وحيد الدين الزيني والدكتورة سمية حسين محمد خليل لمؤتمر كلية التربية الفنية بجامعة حلوان عن العنف جاء الاختيار نتيجة لزيادة العنف الذي لمسته الباحثتان علي المجتمع بعد 25 يناير بارتفاع التهديد والاعتصامات والعنف من الشباب وأفراد المجتمع مما يدعو لتدخل عاجل من خلال برامج تثقيفية فنية تشجع علي ثقافة الحوار ويتساءل البحث حول نقطتين أساسيتين أولاهما ما هي الأسس التي يمكن الاستناد عليها عند بناء نمودج تثقيفي لنبذ العنف.. والثانية ماهي محددات العلاقة بين مكونات النموذج المقترح لتخطيط نشاط تثقيفي لكبح العنف، الذي أخذ تعريفات اصطلاحية مرتبطة بالتخصصات المختلفة التي تعبر عن انتماءات وأبعاد سياسية ونفسية وقانونية وتوجهات فكرية معاصرة قد يغلب عليها الطابع العلماني بشقيه الغربي والعربي وارتباطه بالنواحي السياسية أو مايوجه لخدمتها ويصبح العنف هو الطريق المختصر لبلوغ الهدف ويري المدقق أن حدوث العنف لايكون إلا في سياق الفرد الذي حرم من فرص المشاركة الفعلية والحوار مع الآخرين بالمخلب والناب وفرض الرأي بالقوة والبطش واستخدام الضرب مقابل الهدوء والإقناع في الحوار كما يعرض البحث رأيا يتضمن أن الإعلام المعاصر يستخدم للترويج لمصطلح العنف من خلال مستوي إبداعي يسمي العنف الرمزي الذي ينقل اللفظ إلي مجالات مغايرة تضلل من معناه وتلبسه حللا مصبوغة بصبغة سياسية لتحقيق أهدافها كالحديث عن حقوق الإنسان والحريات والتعبير عن المقاومة المشروعة وغيرها من الشعارات التي يرفعها الغرب كحق يراد به باطل ويشمل العنف الألعاب والأفلام التي تغذي الانتقام أو العنف الإخباري بتكرار مواقف القتل وكلها تساعد علي اعتياد المواطن علي العنف.. وهناك كثير من المفكرين المعاصرين كما سجل البحث يتحدثون عما يسمي بثقافة العنف وجماعات العنف والانتصار لها كمحرك لقوي الشباب في اتجاه مناف كثيرا للشرعية والعقيدة والثقافة التي تحكم الدول العربية والإسلامية في ضوء اختلاف المعايير العملية وهو ما يشكل خطرا بتحول القيم والمعاني البطولية والحقوقية لعنف يعبر عن الغلظة والوحشية والعدوانية غير المبررة إضافة لما يحمله اللفظ من معان أخري أكثر سوءا مثل انتهاك الحرمات تدنيس المقدسات تحريف النصوص وهي صفات تسقط علي من يقاوم البطش والاعتداء علي سيادة وأمن الدولة.. وإيجاد مفهوم محدد للعنف يساعد علي حفظ حق المستضعفين والمظلومين والمقهورين وحفظ حق الشعوب والأفراد.. والعنف المرفوض هو الاستخدام غير المشروع للعنف أو التهديد باستخدامه لأسباب غير مشروعة بإشاعة الرعب وترويع الآمنين ويستوجب هذا أن تسعي الحكومات لإصلاح الفساد السياسي والمالي والإداري والإعلامي واحترام العقيدة وتحقيق العدل. كبح العنف يوضح البحث أن المدخل المعنوي والإخلاقي لكبح العنف هو المنحي الأهم في بناء نموذج لكبح العنف يعتمد علي العقيدة الدينية من جهة والثقافة من جهة أخري ويرتكز علي أربعة مبادئ أساسية (التعارف الشرعية التدافع التعاوني الحل الإبداعي) ويعني الأول طرح الأفكار وسماع الرأي والآخر دون نقد للأفكار والثاني مرجعية الحقوق العدالة القانون والثالث كأساس للاتصال المجتمعي بين الشباب المشارك والتماس العذر للغير وتأتي الشوري كأهمية خاصة لإرساء التواصل بالرأي والمشورة ثم وضع حلول إبداعية تحقق للأفراد أهدافها دون اللجوء للعنف وتحديد مسارات التحرك والنتائج المختلفة والتوصل للحل الأفضل.. وعلي الفرد أن يتحلي بلغة التعبير السلمي عن المشكلات في ضوء القدرة علي التفكير السليم وتكون مرجعيته الأفكار السابقة مع تحديد مسار التفكير والنتائج المختلفة والتوصل للحل الأفضل.. ويأتي الدور الهام للتربية والتثقيف لتعليم الأفراد كيفية التعبير عن الآراء واحترامها من خلال عمليات تأهيلية لتبصير الأفراد بالمبادئ التي تحكمهم داخل النموذج والعمليات التعليمية تشمل تعريفهم بقواعد العمل وإجراءات المهارة التي سيتم التدريب عليها والمعارف المرتبطة بالموضوع الفني المطروح للمناقشة والتدريب علي مهارات التفكير واستخدامها في مشكلات حقيقية من المشكلات التي يطلق عليها مابعد الثورة حيث يتم تطبيق المهارة في الواقع وهو مايسمي بما وراء المعرفة فرغم معرفة الكثيرين للقيم والأخلاقيات إلا أنها معرفة لم تنههم عن الخطأ أو التعامل ضد مايعرفونه بل ما يعتنقونه من مبادئ وأفكار وتطبيقا لحل مشكلاتهم فتفرغت القيم إلي أقوال ومنثورات للحفظ وانفصال القيم الدينية عن تحقيق متطلبات البشر وهو مايحتاج إلي إتاحة الفرصة أمام الأفراد لاختبار أفكارهم وتطبيقاتها لخدمة أهدافهم بشكل صحيح.. هذا وقد أوصي المؤتمر بتفعيل دور التربية الفنية في نبذ ومجابهة ثقافة العنف والإيدلوجيات العدائية والعنصرية والتميز بين البشر علي أساس عرقي أو ديني أو طائفي في المدارس والمؤسسات الثقافية وأن تتبني الكلية إقامة بينالي دولي للأطفال علي أن تكون الأعمال الفنية محل دراسة للتعرف علي سلوك الطفل ووضع حلول واستراتيجيات لتفعيل دور التربية الفنية في تدعيم ثقافة التسامح وحوار الثقافات.