في إطار سلسلة القوانين المتوالية التي تقدم بها النواب الإسلاميون في الفترة الأخيرة.. طالب ياسر القاضي عضو مجلس الشعب بتعديل قانون طباعة المصحف الشريف.. وينص علي معاقبة أصحاب المطابع التي تقوم بطبع المصاحف دون ترخيص بالحبس وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه وكذلك كل من قام بتحريف نص في القرآن عن عمد أثناء طباعته بالحبس 15 عاما وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولاتزيد علي مليون جنيه.. فهل سيكون هذا حلا للحفاظ علي دقة المصحف وقدسيته أم يتسبب في تراجع البعض عن طباعته خوفا من العقوبات المشددة.. ناقشنا المختصين لمعرفة آرائهم في هذه القضية. تعتبر طباعة المصحف عملية هامة وخطيرة بمايتطلب وضع ضوابط مشددة ومراجعة مستمرة ليظل المصحف محفوظا في القلوب واللوح المسطور.. ومن هنا تأتي حالات اكتشاف أخطاء في طبعات المصحف لتضع علامات استفهام كبيرة حول كيفية حدوثها ودور الجهات الرقابية والشرعية المنوط بها مراجعة هذه الطبعات واعتمادها.. وتأتي أيضا الأهمية الكبيرة لمشروع القانون الجديد والتي تشدد مذكرته الإيضاحية علي ضرورة منع مطابع بير السلم من طباعة القرآن الكريم حيث إنها لا تهتم بمراجعة المصاحف سواء قبل أو بعد الطباعة مما تسبب في انتشار بعض النسخ التي تحتوي علي أخطاء.. وينص مشروع القانون الذي قامت لجنة الاقتراحات والشكاوي برئاسة طلعت مرزوق بمناقشته والموافقة عليه بتعديل القانون رقم 102 لسنة 1985 بشأن تنظيم طبع المصحف الشريف والأحاديث النبوية.. ويحظي مشروع القانون الجديد بالموافقة من كل من ممثلي الأزهر ووزارة العدل علي التوجيه بتشديد العقوبات حيث قاموا بتعديل مدة الحبس وجعلها السجن المشدد من 10 15 عاما وغرامة تبدأ من 100 ألف جنيه الي مليون و300 ألف جنيه لكل من قام بالتحريف عمدا في القرآن الكريم عند طباعته أو تسجيله أو بأي وسيلة مع تشديد العقوبة في حالة العودة للمخالفة. شدة وفتحة بدأنا بالجهة الأولي المختصة في بداية حلقة الطباعة وهي الأزهر الشريف.. تحدثنا مع علاء عبد الظاهر المسئول بإدارة مراجعة المصحف الشريف بالأزهر حيث أكد أن الأخطاء التي يرصدونها ليست جوهرية في نص القرآن نفسه ولا تحريف عن عمد ولكنها عبارة عن أخطاء فنية مثل بتر في حركات التشكيل مثلا أو سكون حركات وأشياء من هذا القبيل.. وربما ذلك بسبب عدم وجود أحبار كافية أوعيب بماكينة الطبع.. والسائد من الأخطاء بسبب الإهمال في الجمع والترتيب في الصفحات مثل ملزمة ساقطة بسبب العامل القائم بالجمع عن طريق السهو أو الإهمال أو نسيان ملزمة فينتج عنها تداخل في السور والآيات أو ترتيب الصفحات.. ونحن نأخذ إجراء بأن نراسل الدار الملتزمة بالطباعة ونطلب منهم إحضار نسخ لنراجعها وإذا وجدنا هذه الأخطاء مرة ثانية نعطي لهم إنذارا ونأخذ عليهم إقرارا بمراعاة الدقة.. ولو تكرر الخطأ أكثر من مرة فنأخذ قرارا رسميا وخاصة إذا ورد بحقه عدة شكاوي مختلفة فنضطر لرفع الموضوع إلي الإدارة القانونية ويمكن أن يحرم من شرف طباعة المصحف مرة ثانية ولا تقبل منه أعمال أخري ويمكن أيضا إلغاء التصريح.. وعامة فإن صناعة الطباعة الخطأ فيها وارد سواء كانت مطابع كبيرة أو صغيرة وفيها أخطاء تتعلق بالجمع أو التجليد ولكننا نقوم بمراجعة أخري لنعطي تصريحا بالتداول. عقوبات مبالغ فيها وعن العقوبات التي طالب بها نواب مجلس الشعب أوضح علاء عبد الظاهر أنها عقوبات مبالغ فيها لكن تختص بها الهيئة القضائية المنوط بها تحديد ما إذا كانت مناسبة أو غير مناسبة.. ولكن الهيئة القضائية سوف ترجع إلينا عند أخذ القرار والعقوبة.. فإذا كان تحريفا فنرجح أقصي عقوبة إذا ثبت ذلك أما إذا كانت مجرد أخطاء فيمكن أن تفرض الغرامة حتي تأخذ المطابع حذرها مثل تبديل الصفحات وغيرها من الأخطاء الواردة.. وهناك تجريم للطباعة بدون إذن أو ترخيص وعقوبتها حبس وغرامة وللقاضي الحق في اختيار العقوبة مع المضاعفة في حالة العودة.. ومسألة التحريف عن عمد أو مجرد أخطاء سهل إثباته.. فهناك قانون منظم للمصحف الشريف والحديث النبوي فالتصريح يكون من عندنا أولا فهم يتقدمون لنا بالعمل مكتمل الأركان وإمكانيات الطباعة ونحن نرسل لجنة مختصة تراقب المصحف من حيث الرسم والضبط لنعطي تصريحا آخر بالتداول بعد المراجعة النهائية لأن هناك ضوابط معمولا بها لأنه ليس كلاما عاديا ولكنه كلام الله. ويواصل عبدالظاهر حديثه قائلاً: دار النشر إذا كانت بها المطبعة فهي التي تتولي العملية كاملة وإذا كانت ليست لديها مطبعة فيلتزم بالاتيان بمطبعة تطبع له ومواصفات الطبع محددا بها المقاس والرواية وكل التفاصيل كاملة وبالتالي يصدر التصريح باسم دار النشر.. بالإضافة إلي خانة فارغة يكتب فيها اسم المطبعة حيث يتبين أنها مكان حقيقي وليس وهميا أو مجرد أوراق فقط وأن المطبعة لديها الإمكانيات والتجهيزات. مطابع بير السلم ونأتي للحلقة الثانية في مراحل الطباعة وهي حلقة هامة جدا والتي تخرج من خلالها الأخطاء وهي المطابع التي تتولي عملية الطباعة ومن أشهر هذه المطابع : الشمرلي المصطفي للطباعة السحار للطباعة دارالمنار المجلد العر بي الأندلسية للطباعة والمصرية الألمانية. التقينا أسامة السحار المسئول عن طباعة المصحف بشركته انتقد بشدة هذا القرار مؤكدا أنه قرار خاطئ فبدلا من إخراج هذا القرار ونحن جالسون علي المكاتب لا نكلف أنفسنا عناء أو مشقة فالأولي أن نضع ضوابط لمعالجة هذه الأخطاء التي يتحدثون عنها وخاصة أنها أخطاء مطبعية وليست تحريفا عن عمد كما في نص القرار.. وإذا أرادوا اتباع الطريقة الصحيحة في العمل فيجب أن يشكلوا لجنة تنزل مباشرة وتري المطبعة تصلح أم لا وبعد إعطاء التصريح يتم طبع نسخة ثم تراجع ثم يعطي بعدها تصريح مداولة من أجل التداول ويحضر لجنة تدخل المطبعة وتري النسخ علي الحقيقة وليس أن نأخذ نسخة ونذهب نحن بها عندهم ليروها فكأني بذلك صورت عملا علي ماكينة تصوير.. ولكن المفروض أن تحضر اللجنة وتدخل المطبعة وتري النسخ ثم تعطي التصريح ولكن هناك مطابع تحت بير السلم وتخرج منها الأخطاء الكثيرة. سألته: هل هذه المطابع لا تأخذ تصريحا ؟ أجاب: التصريح في حد ذاته سهل ويمكن الحصول عليه بسهولة.. ولكن ما أود الإشارة إليه شيء هام وهو أن من يريد طبع المصحف يجب أن يكون عنده مطبعة حتي يهتم باسمه الذي يوضع علي المصحف فعندما تكون مطبعتي أكون حذرا مهتما للحفاظ علي اسمي الذي يوضع فلا يعطي التصريح لمجرد مكتبة لأنه يضطر للطبع في مكان آخر وبالتالي هذه المطبعة لاتهتم.. ولذلك لا يجب أخذ قرارات دون وضع ضوابط.. لأن هذه القرارات ستمنع الناس من طباعة المصحف فهل من يقوم بطباعة المصحف يكون جزاؤه السجن والغرامة. ويضيف السحار قائلا: إن الغرض النهائي من ذلك أنهم يريدون عمل مجمع مثل السعودية ولكن لن يستطيعوا لأن هناك ماكينات حديثة ألمانية وعلي أعلي مستوي أما نحن فليس عندنا الكفاءة.. فالعامل المصري سبب كبير في الأخطاء ربما يرجع ذلك لضعف الذمة في العمل أو الإهمال أو حتي المهارة.. فالمصحف يتطلب عملا كثيرا وثقيلا وليس سهلا فنحن نجعل الماكينات تعمل بسرعة بطيئة علي درجة 5000 نسخة وهذا البطء حتي نتمكن من ملاحظة الخطأ وبعد مراجعته علي الماكينة يراجع مرة ثانية ويختم من الظهر بختم علي كل نسخة بعد مراجعة كل النسخ مرة ثانية.. والأخطاء عامة تكون: إما خطأ مطبعيا مثل سكون أو فتحة أو تشكيل علي الحرف وهذا يؤاخذ عليه صاحب المطبعة.. والنوع الثاني من الخطأ وهو أن تلف ورقة فيخرج فرخ أبيض فأصبحت هناك صفحات مطبوعة وصفحات بيضاء بسبب لف الفرخ في الماكينة فيعطي ترتيبا خاطئا وهذا لا يؤاخذ عليه ويعاد عمله مرة ثانية.. لذا أقول إن الحل وضع الضوابط وليس العقوبات. مصاحف وارد الصين ويكشف مصطفي عبده مدير غرفة صناعات الطباعة والتغليف بعدا جديدا للمشكلة يتمثل - كما أوردته مذكرة رسمية مقدمة من شركة المصطفي للطباعة والنشر للإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف– أن تشديد العقوبات والغرامات من الممكن أن يدفع بعض المنتفعين أو أصحاب الضمائر الخربة بتدبير المكائد لأصحاب المطابع الجادة من خلال أخذ أو شراء أية نسخة من المصاحف المطبوعة وارتكاب أي عمل تخريبي في النسخة مثل إبدال بعض الصفحات أو الملازم أو نزع صفحة واحدة من ملزمة بشكل لا يثير الانتباه ثم يبدأ مرتكب ذلك في مساومة صاحب المكتبة للحصول علي مبلغ معين بدلا من إبلاغ الأزهر.. وهذا يعني وسائل ابتزاز للمطابع التي تقوم بعمل جليل ألا وهو طباعة المصحف الشريف. وتشير مذكرة شركة المصطفي للطباعة إلي وجود منافسة قوية من دول عربية مثل سوريا ولبنان للمطابع المصرية العاملة في طباعة المصحف الشريف مؤكدة أن زيادة الغرامات يؤثر علي المطابع المصرية بشكل أكبر بالنظر للموقف المالي القوي للمنافسين من الدول الأخري والذين يهتمون فقط بتصريح الأزهر ليتمكنوا من التصدير للبلاد الإسلامية التي تتعامل معها المطابع المصرية.. بجانب إمكانية لجوء العاملين في هذا المجال إلي الطباعة في الصين نظرا لرخص التكلفة هناك والبعد تماما عن المراجعة وهذا من الخطورة لأنه سيترك كتاب الله يطبع بأقل تكلفة ويحمل أخطر الأخطاء.. كما تقترح المذكرة أن يكون لموظفي إدارة البحوث والترجمة الضبطية القضائية حتي يتسني لهم دخول المطابع لمراجعة طباعة المصحف كما كان لمديري الإدارة أو من ينوب عنهم مراجعة أو المرور علي المطابع كما كان في عهد الإدارات السابقة.. وكذلك يجب أن يختص بطباعة المصحف المطابع كما كان في السابق. أما الآن فالمشكلة أن التصاريح تعطي الي الناشر والمكاتب فكيف بذلك يتم محاسبة المخطئ حيث إن الناشر والمكتبات أغلبها إيجار جديد فإذا حدث خطأ يترك المكان أما المطبعة فهي كيان لها رخصة ولها سجل تجاري وبطاقة ضريبية فمن السهل محاسبته.