عاد الإرهاب مجدداً ليضرب وبعنف المصلين الخاشعين في بيوت الله، ومرة أخري يجري ذلك في أيام الأعياد والمناسبات المقدسة، لتستيقظ سريلانكا ومعها العالم بأسره علي فاجعة مروعة راح ضحيتها، ووفق تقديرات مؤقتة قابلة للزيادة، أكثر من 200 قتيل، ومئات الجرحي الكثير منهم في حالة خطرة. 8 تفجيرات (من بينها 6 وقعت بالتزامن) ضربت عددًا من الكنائس والفنادق في البلد الآسيوي ذي الأغلبية البوذية، فيما لعب الانتحاريون دور البطولة الدموي في الحادثة المروعة. ورغم أن الفاعل لم يفصح عن نفسه حتي عصر الأحد (بتوقيت القاهرة)،إلا أن الحكومة في سريلانكا، لم تضع الوقت أو تتركه للاجتهادات، مشددة علي أن الفاجعة التي تعيشها البلاد يوم احتفال مسيحييها بعيد الفصح »عمل إرهابي». بل وزاد وزير الدولة لشؤون الدفاع في سريلانكا، روان ويجواردين، بالإشارة إلي أن السلطات في بلاده قد حددت هوية الفاعل الحقيقي وراء سلسلة الهجمات المميتة، وذلك وسط تأكيدات في الصحافة المحلية علي توقيف واعتقال عدد من المشتبه بهم. وفيما يبدو أن ثقة المسؤول السريلانكي في تحديد الجماعة الإرهابية المتورطة في الهجمات، رغم عدم الإفصاح عن اسمها حتي الآن، إنما تعود إلي أن السلطات الأمنية في بلاده كانت علي علم منذ أيام قليلة فائتة، بمخاطر محتملة تهدد بضرب الكنائس يوم عيد الفصح، الأمر الذي يضع الحكومة برمتها في مرمي الإدانة علي الأقل بالتقصير والإهمال. ورغم أن أسلوب الهجمات التي طالت فندق »سينامون جراند هوتيل» القريب من المقر الرسمي لرئيس الوزراء في العاصمة كولومبو، فضلًا عن قائمة من أربع أو خمس كنائس، أهمها كنيستا نيجومبو، وأخري تقع في باتيكالوا شرقي البلاد وتحمل اسمها، يرتبط في الأذهان بتقاليد الإرهابيين الدواعش أو القاعديين، إلا أن المفاجأة هذه المرة أن الفاعل، وعلي الأرجح، منظمة غير مسلمة، وإنما جماعة دينية بوذية متطرفة. وحسب المعلومات الرسمية المتاحة من قبل حكومة كولومبو في فضاء الإنترنت بمختلف لغات الدنيا، تضم سريلانكا - ذات الأغلبية البوذية - أقلية مسيحية كاثوليكية مكونة من 1٫2 مليون شخص من إجمالي عدد السكان البالغ 21 مليون نسمة. ويشكل البوذيون70% من سكان سريلانكا، إلي جانب 12% من الهندوس و10% من المسلمين و7% من المسيحيين. وتطارد الجماعات البوذية المسيحيين والمسلمين دومًا بأعمال عنف كبيرة. وشهدت سريلانكا قبل سنوات حربًا أهلية ونزاعًا مسلحًا عنيفًا، بدأ كتمرد متقطع ضد الحكومة من قبل عناصر نمور تحرير إيلام تاميل، التي تطالب بإنشاء دولة تاميلية مستقلة تسمي إيلام تاميل في شمال وشرق البلاد. وبعد 26 عاما من الحملة العسكرية، هزمت القوات المسلحة السريلانكية نمور التاميل، وانتهت بذلك الحرب الأهلية. وعلي هذا النحو تنشط جماعات بوذية لمهاجمة الأقلية المسيحية بعنف كلما سنحت لها الفرصة.. وتحوم الشبهات في الهجمات الجديدة حول تورط جماعات بوذية وهندوسية متطرفة في الفاجعة البشعة التي بدت وكأنها مدبرة ومعدة سلفًا علي نحو غاية في الدقة لتسيل الدماء بضرارة علي مذابح الكنائس يوم العيد... ويحث الدستور السريلانكي علي حماية البوذية والترويج لها، إلا أنه يكفل حرية الاعتقادات الدينية الأخري، وهو ما ترفضه جماعات بوذية متطرفة. وفق رويترز أيضًا، فيعد »جالابودا أثثي جناناسارا» أشهر الشخصيات المحرِّضة في حركة القوة البوذية ضد الديانات أو المعتنقات الأخري، وهو الشريك المؤسِّس للحركة والأمين العام الحالي ل»بودو بالا سينا». ويعيش العالم صدمة كبيرة جراء تفجيرات سريلانكا، وسارع زعماء ورؤساء وملوك ورؤساء وزراء كثر حول العالم إلي التنديد بالجريمة البشعة، فيما ألجمت الفاجعة البابا فرنسيس، الذي أبدي تعاطفًا كبيرًا مع الجالية المسيحية التي تعرضت لهجوم أثناء تجمعها للصلاة بسريلانكا.