الفنانة (بابتىست بودار) من ساحل العاج.. وتقدىر خاص من المهرجان تاريخ الشعوب لا تصنعه الأيام الباهتة.. بل التي تحمل ملامح وعلامات ومواقف بارزة تحفظها الذاكرة لتظل خالدة.. ونحن نعيش هذه الأيام أحداثا قد تحدث فرقا.. وتغييرا واضحا في التاريخ وما يسطر عنه. الصورة تبدو كئيبة من وجهة نظري وآخرين .. علي الرغم من أن هناك من يرونها (حلوة) ولذلك لابد أن نضحك.. لكن الحقيقة هي أنه يجب أن نكون في حالة (وعي) كامل حتي لا تأخذنا (الغفلة) إلي سكة (الندامة).. خاصة إذا كثرت هذه الأيام (النداهات). وفي مهرجان مونز السينمائي لأفلام الحب كان للتاريخ (عظاته) من أفلام خاضت في الماضي لتشكل المستقبل .. أحداث تاريخية استمرت لحظات وساعات أو أياما.. وإن استغرقت سنوات لكنها كانت (فارقة) في حياة أصحابها أو بمعني أدق في حياة الشعوب.. ومن أجمل هذه الأفلام الفيلم الفرنسي (وداعا للملكة) للمخرج بينوا جاكو وبطولة كل من لياسيدوكس .. وديانا كروجر .. عن سيناريو ل جيل نوران وبينوا جاكو.. والأحداث تدور عام 9871 في فجر الثورة الفرنسية وسقوط قصر فرساي وهدم سجن الباستيل.. وذلك من خلال علاقة الملكة (ماري أنطوانيت) وسيدوني لابورد التي كانت تقرأ لها الكتب وتقوم بكتابة رسائلها.. هذه الشابة التي كانت تتمتع بثقافة واسعة لكن علي درجة من النقاء.. جعلها لاتدرك أن الأيام التي تشهدها سوف تضع نهاية حتمية لمليكتها.. لكنها مع ذلك كانت شديدة الارتباط والإخلاص لها.. فلم تر فيها سوي وجه واحد.. كما أنها لخصت كل تجربتها في الحياة كقارئة للملكة.. لكن يبدو أنها لاتعي جيدا ماتقرؤه فالقراءة ليست حروفا وكلمات بل تشكيل وعي ووجدان .. وهو ما يفتقده كثير من الناس الذين صدق عليهم المثل .. (تعلم في المتبلم يصبح ناسي). ❊❊❊ فلسطين يا أغلي اسم في الوجود. نغار عليك من كل سوء. يكفي ماتتعرضين له علي أيدي الصهاينة.. يا وطنا جريحا .. شامخا برجاله الشرفاء.. لذلك يعز علينا كثيرا أن نري هذا الاسم ولو في مهرجان سينمائي تشوه صورته تحت مزاعم الفن.. بينما هي في الحقيقة تحت مزاعم (الدعم) في مهرجان (مونز).. عرض فيلمان (رجل بلا موبايل) لسامح زوعبي بطولة رازي شواهدة وقد حصل الفيلم علي جائزة الجمهور وهي تعادل الجائرة الكبري وقد تسلمها بطل الفيلم.. كما أن الفيلم حاز الإعجاب والتقدير .. وكان قد حصل من قبل علي الجائزة الكبري في مهرجان (montpellier) السينمائي الدولي. والفيلم وإن كان حصل علي دعم (إسرائيلي) بحكم الهوية لمخرجه وأبطاله الذين لم يخرجوا من أرضهم فهم من عرب 84 .. هذا الدعم جعل اسم إسرائيل جنبا إلي جنب مع فلسطين بالإضافة للإنتاج المشترك مع فرنسا. وإن كان الفيلم استفاد مخرجه من الدعم ولم يتخل عن الصمود في عرض القضية في الدفاع عن الأرض والهوية حتي لو كان من خلال مقاومة برج للاتصالات تقيمه إسرائيل في أحد الحقول العربية.. إن هذا الفيلم بكل ما يحمله من معان جميلة وإن بدت بسيطة لكنها تعكس بداخلها الارتباط بالأرض واستمرار المقاومة إلي مالا نهاية فتحية خاصة لكل أبطاله ومخرجه الذي صنع فيلما جميلا يليق باسم (وطن جريح) لكنه مصر علي البقاء حيا. أما الفيلم الثاني (آخر أيام في القدس) لمخرجه توفيق أبو وائل فقد كان مثار استياء الجميع.. حيث قدمت الصورة الفلسطينية مشوهة تقريبا وكان الفيلم من الممكن أن يمر مرور الكرام لو لم يكن يحمل الجنسية الفلسطينية وبالطبع كان (الدعم) الإسرائيلي يتوافق تماما مع ماقدمه المخرج. وقد أعجبني بشدة وأحترمه كثيرا ماكتبه الابن العزيز الناقد الشاب (أحمد سعد الدين) في الأهرام العربي حول هذا الموضوع.. خاصة أن المخرج في البداية حاول الهجوم عليه بشدة.. إلا أن حجة (أحمد) كانت أقوي بكثير.. تجعل من حق الفنانين الفلسطينيين الذين يعيشون في الأرض المحتلة ويدفعون ضرائب أن يكون لهم نصيب من الدعم.. لكن ليكن في استخدامه نوع من المقاومة.. لأن الفن سيظل سلاحا لايستطيع أحد هزيمته أو نكرانه .. والتشويه هنا للشخصية الفلسطينية الذي قد يكون مقبولا دراميا، إلا أنه علي المستوي التاريخي مرفوض تماما.. فكفانا هزائم، لذا يجب علينا مقاومة هزائمنا الداخلية.. وليكن التاريخ شاهدا علي مقاومتنا وليس استسلامنا.. ففي المقاومة حياة.. والاستسلام عدم. يعتبر الفصل السينمائي الدراسي في مهرجان مونز أحد العلامات الهامة لهذا المهرجان وعنه تقول ابنتي الحبيبة أمنية وجيه خيري التي شاركت به: أنا خريجة المعهد العالي للسينما قسم سيناريو وأعمل كمساعد مخرج في السينما وسيناريست وقد كنت المشتركة الوحيدة من مصر.. عندما ذهبت وجدت أن أغلب المتواجدين رشحتهم جامعاتهم أو أماكن دراساتهم لخوض هذه التجربة مما جعلني أتمني أن يتم التعاون مع المعهد العالي للسينما ليقوم بترشيح الخريجين لمثل هذه التجارب.. وفصل السينما يضم حوالي 02 من شباب دارسي السينما من أوروبا وأفريقيا ونقوم بمشاهدة أفلام عالمية هامة والالتقاء بمخرجيها للتحدث والتناقش في أدق تفاصيل هذه الأعمال وطرق تنفيذها.. وهو يعد من أهم ما يميز مهرجان مونز السينمائي منذ سنوات.. والذي بدأ علي أيدي أوليفيه جيكارت وهو المسئول عنه حتي الآن.. هذا الرجل النشيط المهتم بالثقافة والسينما والذي استطاع أن يقدم لأعضاء الفصل أفلاما عالمية مختلفة ولقاءات مع أفضل المخرجين. وبرنامج فصل السينما الذي يقام طوال الأسبوع مدة المهرجان يعتبر غنيا ومليئا حيث أننا قمنا بمشاهدة حوالي 51 فيلما من جميع أنحاء العالم وقابلنا نفس العدد من المخرجين في مقابلات مكنتنا من تبادل وجهات النطر والتعرف أكثر علي سينما مختلفة ولا أنسي المقابلة مع المخرج البولندي (رافايل لواندوسكي) عندما علم أنني من مصر فقد أصر علي أن يحكي لنا قصته مع السينما المصرية.. فعندما كان طالبا يدرس السينما في فرنسا قامت جامعته بإرساله لبعثة قصيرة لمدة أيام ليحضر تصوير فيلم (سكوت ح نصور) للمخرج العالمي يوسف شاهين.. وقص لنا كيف تعلم منه الكثير علي الرغم من قصر المدة وأنه لن ينسي هذه التجربة السينمائية الخاصة جدا والمميزة والتي تعلم منها الكثير مهما مر الوقت وحتي بعد أن أصبح مخرجا شهيرا ويحصل علي جوائز عالمية. كما كان اللقاء مع المخرج العالمي دانيس تانوفيك ثريا ومفيدا للغاية فهو صاحب أفلام عالمية رائعة ومختلفة وشاهدنا له أثناء المهرجان فيلم (سيرك كولومبيا) الذي استمتع به جميع الحاضرين فعلي الرغم من أنها كانت ثالث مرة أشاهد فيها هذا العمل بعد مشاهدتي واختياري له في لجنة المشاهدة الخاصة بمهرجان الإسكندرية العام الماضي، ثم بعد ذلك أثناء فعاليات المهرجان إلا أنني استمتعت به كثيرا وكأنني آراه للمرة الأولي. وفي نهاية الحديث عن هذه التجربة المميزة والمليئة بالتبادل الثقافي والسينمائي كم أتمني أن نحتذي بمثل هذه التجارب في مهرجاناتنا العربية والمصرية أو علي الأقل نبدأ بدروات أو فصول للمصريين من جميع مدن جمهورية مصر العربية خاصة المدن التي تعتبر الأنشطة الثقافية والفنية بها منعدمة.