يظن البعض أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تشهد تعديلات دستورية متكررة، ولكن بالنظر إلي تاريخ تعديلات الدساتير في دول العالم، سنجد أن هناك دولا كبري شهدت تعديلات دستورية كثيرة في تاريخها تعدت ال50 مرة مثل دولة كألمانيا، وكذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية التي شهد دستورها تعديلا لعشرات المرات. المعني في التعديلات الدستورية ليس في عدد مرات التعديلات ولكن بمدي توافق تلك التعديلات مع طبيعة الفترة التي تعيشها الدولة، ومدي إمكانية أن تساهم في عمل إصلاحات سياسية للبلاد، وبالتالي فإن التعديلات الدستورية التي تشهدها مصر ليست جديدة علي العالم بل إن العديد من دول العالم شهدت تعديلات دستورية بما يتناسب مع طبيعة الفترة التي تمر بها. الولاياتالمتحدةالأمريكية، عدّلت دستورها 27 مرة بشكل رسمي، بينما فرنسا وضعت 15 دستورًا وعدّلت آخرها 16 مرة، والصين عدّلت دستورها 6 مرات، أما روسيا فوضعت 6 دساتير تم تعديل أغلبها عدة مرات، وألمانيا عدّلت دستورها 36 مرة آخرها عام 2017، بينما البرازيل وضعت 8 دساتير وتعدّل الأخير سنويًا، وإيطاليا وضعت 3 دساتير وعدّلت الأخير 15 مرة، أما هولندا فوضعت 7 دساتير، وعدّلت الأخير21 مرة، والنرويج عدلت دستورها 53 مرة آخرها عام 2018، بينما أستراليا خضع دستورها الوحيد للتعديل 8 مرات. الدكتور عبد الله مغازي، أستاذ القانون الدستوري، عضو مجلس النواب السابق، قال: »توجد تجارب كثيرة جدا.. الولاياتالمتحدةالأمريكية من أقدم دساتير العالم تم تغيير الدستور فيها ليس أقل من 70 مرة .. وفرنسا التي يتشابه نظامها الدستوري مع النظام المصري قامت بتغييره عدة مرات كان آخرها في عام 2007 ألمانيا أيضا لجأت لتعديل دستورها». أما عن الأسباب التي تدعو الدول للتغيير، فقال: »هي ببساطة شديدة تتلخص إجابتها في أن الدستور والقانون عمل بشري والعمل البشري ناقص نقصان البشر، وكل المجتمعات درست ذلك جيدا، بل ونصت في دساتيرها علي طرق التعديل، وشرعية التعديل تأتي من أن دستور الدولة يشمل إجراءات وقواعد تسمح بتعديله سواء بصورة مطلقة أو سواء بوقت زمني محدد، كل دولة لها مطلق الحرية في اختيار ما يناسبها، ويجب أن يتطور الدستور مع تطور مجتمعه في جميع دول العالم، لذلك قامت أمريكاوألمانياوفرنسا وأسبانيا بالتعديل، وحتي الدول غير المتقدمة، فأهم شيء تحرص عليه الدول التي تلجأ للتغيير هو أن يتسم الأمر بالشرعية وأن يكون تعديل الدستور وفقا للقواعد التي يحددها الدستور داخل مواده. الدكتور ياسر الهضيبي، أستاذ القانون الدستوري، نائب رئيس حزب الوفد، قال إن فرنسا أجرت 28 تعديلا علي الدستور الحالي من بينها تعديل بعد مرور عامين فقط علي الدستور، التعديلات هناك تختلف عنا، فالدستور المصري معقد في تعديله يأخذ مراحل كثيرة جدا بعكس الفرنسي يتم التعديل في جلسة أو جلستين من البرلمان أو بطلب من رئيس الجمهورية، كذلك الدستور الأمريكي تم إجراء 22 تعديلا برغم أنه يتعلق بولايات كبيرة كلها صبت في مصلحة المواطن والدولة. الدكتور صبري السنوسي، أستاذ القانون الدستوري، عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة، قال إن التعديلات أمر وارد في جميع دساتير العالم سواء أمريكا، فرنسا، إيطاليا، مصر، هذا أمر طبيعي فهو عمل بشري، فمن أقر الدستور جيل بعينه أو فترة بعينها، وبديهي أن تأتي فترة أخري أو أجيال أخري تطالب بالتعديل، يفترض أن يستقر الدستور في أي دولة لفترة طويلة، ولكن هذا لا يمنع إذا رغب الشعب في تعديله حتي لو بعد عام واحد فقط أن يعدله، والدليل علي ذلك أن الدستور الفرنسي الصادر عام 1958 تم تعديله بعد عامين فقط في عام 1960 ومرة أخري في عام 2007 .