الحمي القلاعية وباء هدد حياة الملايين من رؤوس الماشية في مصر ، خاصة بعد أن وصل حجم الخسائر إلي أكثر من 50 ألفا من العجول والجاموس علي مستوي المحافظات، بالإضافة إلي التحذيرات التي أطلقتها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو" بأن مرض الحمي القلاعية المتفشي في مصر من الممكن أن ينتشر ويهدد الثروة الحيوانية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط مما يؤدي إلي حدوث نقص مؤكد في الموارد الغذائية. لم يكن هناك مفر من أن يزيد التجار أسعار اللحوم المستوردة والجملي وشهدت اللحوم الحمراء ومشتقات الألبان ركودًا ملحوظا، في مقابل لجوء المستهلك إلي تناول اللحوم البيضاء عوضًا عما حدث للثروة الحيوانية في مصر، فكان من الطبيعي أن نجد ارتفاعًا في أسعار الدواجن غير مسبوق فقد وصل الكيلو الواحد من المزرعة ل18 جنيها فتصل للمستهلك ب21 جنيها. علي عكس المعتاد لم ينزعج أغلب المستهلكين من تلك الزيادة في الأسعار مبررين للتجار عدم وجود ثروة حيوانية ولم يعلم أحد منهم أن السبب الرئيسي وراء ارتفاع أسعار الدواجن هو نفوق أكثر من 60٪ من الدواجن داخل المزارع والسبب هو تحور أمراض الطيور الذي بدوره يقضي علي الثروة الداجنة في مصر . حذر الدكتور عبد العزيز السيد رئيس شعبة الثروة الداجنة بالغرفة التجارية من الأمراض التي ظهرت في الآونة الأخيرة بمعظم المزارع مما يتسبب في حدوث مشكلات مركبة في قطاع الدواجن ، وأضاف السيد أن هذه الأمراض"النيوكاسل ،أي بي، إتش جي " ليست جديدة ولكنها دخلت في ظروف غير جيدة فكان من الممكن السيطرة عليها ولكن ظروف الشتاء القارس الذي لم تشهده مصر منذ أكثر من 10 سنوات هو ما أدي إلي نقص المناعة لدي معظم الطيور وأدي لإعدامها لمنع تفشي المرض. ووصف السيد تلك الأمراض وأخطرها هو ال"آي بي" فهو التهاب رئوي يصيب الدواجن نتيجة لاختلاطه بأمراض أخري ويتسبب في حدوث اختناقات وتورم في البلعوم والحنجرة ويؤدي للموت مباشرة ويستدل علي وجوده بأن رأس الدجاجة يصيبها لون أزرق فيمكن التعرف بذلك علي الدواجن المصابة من غيرها ، ونفي السيد ما تردد عن وفاة بعض المواطنين في محافظة الشرقية فهذا المرض لا يصيب الإنسان ومن الممكن أن يحدث نقل للعدوي نتيجة المخالطة الصريحة ولا ينتقل عن طريق المعدة "أثناء الأكل " لأن الفيروس يموت عند تعرضه لدرجة حرارة عالية فلا خطر منه علي الإنسان . وأكد السيد ضرورة التزام المربين بشروط الأمان الحيوي داخل المزارع للقضاء علي الفيروسات من خلال التطعيمات حسب برامجها من عمر يوم وحتي نهاية الدورة الإنتاجية ، حيث أجريت أبحاث علي 75 مزرعة دواجن تبين أنها غير مطبقة لمعايير الأمان. وأضاف أن الهيئة قامت بمبادرة لفحص 200 مزرعة لسرعة السيطرة عليها، بدايةً بمزارع الفيوم ، قرية حصنا بالشرقية وهكذا إلي أن يتم تطعيم كل الطيور والتأكد من عدم إصابتها بالمرض ويجب علي المربين توخي الحذر أثناء التعامل مع الطيور ، قياس مناعة الطيور والمتابعة الدورية، إلي جانب توفير إمدادات الغاز من أجل التدفئة مشيرًا إلي أن 70٪ صغيرة وتحتاج للتدفئة بالغاز. وقد نفي السيد، ما تردد عن وجود لقاحات إسرائيلية لعلاج الدواجن ، لافتًا إلي أنه يتم علاج الدواجن وفقا للقاحات المسجلة بمنظمة الصحة العالمية والمعترف بها في بنك الجينات العالمي مشددًا علي صعوبة خروج أي مصل إلا بعد عرضه علي معامل هيئة المصل واللقاح التابعة لوزارة الصحة ومعاهد البحوث الزراعية لاختبار مدي صلاحيته واستخدامه، وحذر السيد من أن مثل هذه الشائعات تؤثر علي صناعة الدواجن في مصر وخاصة أن حجم الإنتاج 1.3٪ من حجم الناتج القومي. وأوضح السيد أن حجم الإنتاج انخفض من 2 مليون دجاجة العام الماضي إلي 1.2 مليون هذا الشهر خاصة أن هناك دورتين للإنتاج فقط كل 45 يوما من أجل تطهير وتعقيم المزارع وإذا استمر الإنتاج علي هذا المنوال فسنواجه مشكلة كبيرة خاصة في شهر رمضان لأن الاستهلاك يرتفع بنسبة 20- 30٪ وسترتفع الأسعار من 25 ل40 جنيها ، مضيفًا أنه أصبح واجبًا علي الدولة أن تقوم بترخيص جميع المزارع ، أن تقوم بنقل جميع المزارع الموجودة في الدلتا وداخل المدن إلي الطرق الصحراوية بعد تمهيد الطرق وتوفير مصادر المياه والصرف الصحي فتلك البيئة ستكون أنسب للدواجن وذلك تفاديًا للأمراض التي تتعرض لها في المزارع. ومن الناحية الاستراتيجية أكد الدكتور محمود عمارة الخبير الاقتصادي الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين في فرنسا أن هناك حلا جذريًا لهذه المشكلات يتمثل في قيام الحكومة بتفعيل وزارتين منفصلتين عن بعضهما لبعض وهي وزارة الزراعة ووزارة لتنمية الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة ، وذلك لأن ضم هذه المهام في مسئولية وزارة واحدة يفقدها القدرة علي التنمية والتطور. وأضاف أن ارتفاع اللحوم البيضاء و الحمراء جاء من جانب التجار ومن ساعدهم عليه هو المستهلك ذاته فيجب الامتناع عن الشراء في حالة ارتفاع الأسعار عن السعر المقرر ، ولابد من إنشاء مصانع لإنتاج اللحوم ونكتفي من الاستيراد بهذا القدر فمنطقة شرق العوينات مليئة بالخيرات ومن الممكن أن يتم استغلالها في إنشاء مزارع ، مصانع وبالطبع هذا المشروع يفتح سبلا اقتصادية جديدة مع دول منابع النيل . وأكد عمارة أن البورصة ليس لها دور حاليًا في تحديد أسعار الدواجن ، مطالبًا بتفعيل دور البورصة مجددًا علي أن يتم هيكلتها لتشمل جميع المحافظات ويسهل بذلك تحديد التكلفة الفعلية للإنتاج من قبل أفراد المنظومة ذاتها لأنهم أجدر الشخصيات علي تحديد تلك التكلفة ولا يتم خروج أي دجاجة إلا من خلال البورصة . ويبقي حال تجار الدواجن مثل حال تجار اللحوم الحمراء مرهونة تجارتهم بالانهيار أو الغلاء علي المستهلك ومنهم من يقوم بالاستمرار في رفع الأسعار لتعويض خسارته ومنهم من يغلق تجارته ويلجأ لمشروعات أخري مثل "محمد فتحي" تاجر دواجن فهو واحد من ضمن العشرات الذين استغلوا تفشي الحمي القلاعية وتوسع في شراء 1500 رأس من الدواجن إلا أن معظمها طالته المرض دون تطعيم أو رعاية. وعلي جانب آخر استمرت تجارة الدواجن المنزلية دون أن تتأثر بالمرض ففي المنزل تتعرض لقدر كاف من التدفئة يكسبها مناعة ضد المرض هذا ما أكدته "فاطمة " مربية للدواجن " بعد أن فوجئت بالارتفاع المفاجئ في الأسعار قائلة "أنا طيوري مفيهاش أي أمراض الناس بتأكل و زي الفل" !!.