وهكذا يرتد 11 فبراير مرة أخري ولكن فبراير آخر مغاير، أسترجع العام المنصرم وأتذكر الرئيس البائد وتمسكه العصابي، المهووس بالحكم وبالشعب الذي لايريده ويرتد إلي ذاكرتي مشهد إناوي وهو يمسك بهنومة »هندر ستم« ويبدو كالممسوس بمس جهنمي في (باب الحديد) ليوسف شاهين فالعاشق من طرف واحد مفتون بمعشوقته والحاكم البائد (شبطان) في وطن لم يعد يطيقه!!إسقاط الشعوب كارثة اقترفتها كل الأنظمة الديكتاتورية ولكن لم يتفوق فيها أحد بقدر الرئيس البائد، فكم الجرائم التي ارتكبها لا تحصي وأخطرها إفساد رعيته وغرس وباء السقوط الجهنمي في نفوس الكثير من المصريين فوقعت الواقعة وكان الاستنساخ (للمباركيزم) نسبة للحاكم البائد الذي اقترف الإفقار البشري وهو أخطر من الإفقار المادي فدأب علي تجريف الثروة الإنسانية المصرية.. ثم باع العقل المصري لمن يدفع الثمن، فقنع المصريون الجدد بمظاهر العقيدة وليس جوهرها وهذا هو الأسهل، والأيسر في سوق المزايدات وتحويل العقيدة إلي تجارة رابحة.. رائجة. المباركيزم نظام أفعواني يحاكي الأفعي الرقطاء إذا قطع الرأس بقي الجسد الفاسد يعربد ويسعي ليبث سمومه.. هو يقاوم التغيير بضراوة فهو يهدد وجوده، ينشد الثبات، الجمود، التصلب والاعتماد فقط علي الغريزة المتجردة من الضمير، المشاعر، الوعي والإنسانية، غريزة تقتات علي الشره المجنون والسلطة الجامحة. إن مؤسس المباركيزم لعقود ثلاثة أدمن ازدراء شعبه وإيهامه بالدونية فتمزق المصري الجديد بين عقدة الاستعلاء ومرجعيتها عراقته وحضارته الفذة الحقيقية ثم الكلام الكبير عن الحاضر المزيف الذي يروج لأكذوبة الريادة المضللة، فلم نسمع قط عن دولة أوروبية تتشدق بالريادة والتفوق علي جيرانها، ثم عقدة الدونية التي ضخها هو وعصابته من خلال الإيحاء للمصري أن يرضي بالفتات، وأن معدته معتادة علي ازدراد النفايات المسرطنة ومن خلال تفشي الأمية، وجهل المتعلمين، خيانة بعض النخب وتشرذمها، نحر الجذوة السياسية وفضيلة الانتماء ثم تشويه العقيدة ودحر الإسلام المصري الوسطي وإحلاله بالإسلام الوهابي، البدوي.. أيضا تمجيد حكم الشيوخ أو (الجيرونتقراسي) فكان إقصاء الشباب وتمكين دوما الوجوه المستهلكة، المتغضنة أصحاب الأقنعة المتلونة، المتحولة يحاكون الحرباء فتربع أصحاب القامات الضئيلة في كل المواقع وبشكل مزمن، فأصبحنا نحظي بزبد البحر ورغوته العدمية لا باللؤلؤ والمرجان القابع في أغواره. فأصيبت مصر بأنيميا الكفاءات الكاذبة وحاصرتنا ظاهرة الولاء والاستيلاء علي كل ما يكتنزه هذا البلد الحزين، المكلوم الفاحش الثراء.. الفادح الفقر واعتنق هذا الذي اعتبر مصر بمثابة الإرث الشخصي له ولنسله أسلوب: أنا لا أسمع، لا أري ولكني أتكلم، هاهي غيبوبة السلطة وفصام الاستبداد، لقد استمتع العائش في غيبوبة إنكار شعبه بأكذوبة الدولة القوية فلا توجد دولة بوليسية تعتمد علي الأمن فقط تكون عفية، فالمؤسسات المنزوعة الفساد، والوعي اليقظ، الحرية المسئولة والعدالة الاجتماعية هي الصانعة للأوطان القادرة، السوية، أما الأنظمة التي تخطف شعوبها، تذلها، تضعفها وترضي جميع الأطراف الخارجية والداخلية التي في قلوبها مرض فخاتمتها معروفة مسبقا. ومن ثم فلقد وقعت إرهاصات تقسيم مصر في عهد مبارك، وهي الحالة الأولي التي يقسم فيها شعب نفسه بنفسه، فهذا سلفي، تلك منتقبة، هذه محجبة، تلك ليبرالية، هذا علماني، هذا قبطي، هذا فقير مهمش، هؤلاء فاحشو الثراء، ويعلو صوت شحات الانتخابات مرة أخري ليقول أن الذين قتلوا في مذبحة بورسعيد ليسوا بشهداء!! إن أي ضحايا للإرهاب هم شهداء، من خرج من منزله لشراء رغيف خبز واغتاله الغدر هو شهيد رغم أنف الشحات، وأعود لتقسيم مصر نحن نري في فرنسا يمينيا متطرفا مثلا ولكن لا نسمع فحيحا ينادي أن الفن حرام، إبداء الرأي أو الرياضة حرام!! وبالنسبة لقضية التمويل الأجنبي فالإعلان خطوة إيجابية ولكن نصف الحقيقة تكون عرجاء فنحن في انتظار ماصرح به قاضي التحقيقات المستشار أشرف العشماوي عن تمويل الجماعات الدينية فتلك أيضا لها مآرب ومصلحة فاحشة في تقسيم مصر ولايخفي علي أحد تلمظ بعض دول الخليج لتحويل مصر إلي إمارات إسلامية ودويلات قبطية، ولا يخفي أيضا توحد مطامع ومؤامرات زيارة السيدة العجوز ذات 004 عام مع بعض دول الخليج الحليفة للامبراطورية الشمطاء المتبرجة بالقوة المارقة، الباطشة والأخطر هو مايحاك من الداخل، فمناعة البنيان تدحض كل دخيل ومن ثم أرفع للمجلس الأعلي مطالب لايختلف عليها أحد، الإسراع بتفعيل الحد الأقصي للأجور لايصح أن يتقاضي 221 ألف مستشار في كل المواقع مليارات سنويا، إن عدالة توزيع الأجور والمعاشات وجبت، أما ما يتردد عن أنهم قوة لا يستهان بها فهم علي أية حال في المعسكر الآخر ولا يصح الخوف من فعل الصواب، فالخوف هو القرين للخطأ، التعجيل بوضع دستور لكل المصريين يحمي الحريات ويصون حقوق الجميع وكرامتهم، إن جيش مصر الذي أبي ذات يوم أن يرضخ ويستسلم لهزيمة 76 فحولها لانتصار 37 أسكر العالم أجمع وأقول هزيمة وليست نكسة كما أحب البعض أن يدللها! فهي ليست انفلونزا! بل وصمة وأدها جيش مصر العريق، آن الأوان أيضا لإنشاء محكمة للثورة فلا توجد ثورة بلا محكمة تحكم بعدالة ناجزة، إن تلك الخطوات إذا فعلت بحسم وسرعة سيكون لها مفعول الترياق السحري خاصة قبل تسليم السلطة في يونيو وسوف تنقشع تلك الفجوة الغائمة التي عكرت شفافية الوصال بين المجلس الأعلي والشعب. وهكذا يرتد 11 فبراير مرة أخري ولكن فبراير آخر مغاير، أسترجع العام المنصرم وأتذكر الرئيس البائد وتمسكه العصابي، المهووس بالحكم وبالشعب الذي لايريده ويرتد إلي ذاكرتي مشهد إناوي وهو يمسك بهنومة »هندر ستم« ويبدو كالممسوس بمس جهنمي في (باب الحديد) ليوسف شاهين فالعاشق من طرف واحد مفتون بمعشوقته والحاكم البائد (شبطان) في وطن لم يعد يطيقه!!