هو مولع بمصر.. مسكون بعنفوان نشوة العاشق، المتيم بهذا الوطن.. يسعي بدأب مدهش لبلوغ المستحيل في كل المجالات لبعث تجليات وأمجاد وطن عاني من الجحود والجمود.. هو المنتمي لجماعة (عشق) مصر المحظورة! المهندس نجيب ساويرس الذي يواجه اليوم تهمة ازدراء الأديان وتابعها، وباطنها محاولة (تطفيشه) ولن يحدث. فهو الوريث لعظماء شيدوا نهضة مصرية عفية مثل طلعت باشا حرب، عبود باشا، أبو رجيلة والقائمة شاهقة ولقد دفعوا أثمانا باهظة لهذا العطاء.. ويطلق علي ساويرس وطلعت حرب تعبير (ميسين) أي راعي الفنون والآداب وكان من أثرياء العصر الروماني احتضن المواهب مثل فرجيل وهو راس ومن ثم أصبح اسمه مرادفا للرجال الذين يرعون الإبداع. ولم يكتف المهندس النجيب بالبريق في الاقتصاد والإدارة بل دلف إلي بلاط السياسة عندما شعر أن المشهد يحتاج إلي التركيز علي الهوية المصرية التي تسعي الجماعات إلي طمسها وإعلاء قيمة الحرية التي يحاول البعض النيل منها تحت وطأة ديمقراطية مشوهة تتكئ علي مولد سيدي الصندوق فكان أن اقتحم أيضا هذا المجال الشائك في أتون تلك الأيام النافقة، المتسربلة بالقتامة. ولا أدري ماهي أهمية ميكي ماوس ليصبح قضية قومية، عقائدية فمرة نسمع فتوي عبثية بضرورة قتله!! ثم يمر رسم ميكي ملتحياً علي ساويرس بعدما مر علي ملايين المصريين فيحول إلي محاكمة حتي بعد اعتذاره هل أصبحنا في دولة كرتونية أولوياتها ميكي ماوس، لتبزغ في مجتمعنا أصنام جديدة تبعث جاهلية جديدة هي اللحية، الأقمشة بتنويعاتها النقاب، الإسدال والحجاب، الزبيبة والميكروفون وكلها أشياء غير مقدسة ولا تعبر عن جوهر الإسلام، وليست مرادفا للفضيلة، التقوي أو العفة، وأتعجب فمانسون قاتل شارون تيت كان ملتحيا وراسبوتين الزئبقي، المنحرف الذي قوض أعتي الإمبراطوريات كانت له لحية والهيبز ملتحون وذو اللحية الزرقاء سفاح النساء كان ملتحيا، فما هي علاقة الإسلام باللحية، ثم الفتاوي الفتاكة للدعاة الجدد ارحموا الإسلام ولا تختزلوه وتوظفوه من أجل المصالح القبيحة، نريد استعادة الإسلام كما عرفناه، القائم علي الضمير، التسامح والإنسانية ولنلفظ الجهل المقدس المصنع المفضي إلي التمييز، الاضطهاد وتابعهم الإبادة مثل الجرائم الكنسية الوافدة علي مصر، والتوقف عن غسيل المخ الذي يقترف في حق البؤساء من نسل مبارك أي 08٪ من هذا الشعب المحاصر بالخرافة والكراهية من الفضائيات التي تحاكي المستوطنات الطائفية، من دعاة الزوايا والمساجد. أستغيث بالأزهر أن يعيد لمصر إسلامها المشرق، الأصيل.. فنعم لبعث تنوير الإمام محمد عبده. النقاب ليس مقدسا هل نتحول إلي وطن بلا وجوه أجساد وغرائز سوداء تنداح هل تراجع تلك الأحزاب نفسها وتغلق بوابة المزايدات الرجيمة وتعود للوطن الذي سد لوعة جوعهم وآمنهم من خوف.. نصف مسلم، نصف قبطي هو حال كل مصري ففي البداية كلنا كنا أقباطا أي مصريين ثم أسلم العديد منا ويبقي الأهم أن كلنا عبارة عن إنسان مصري، أي الكل في واحد والأصل هو أن تكون إنسانا أو لا تكون.. أما هذا التيار المروع لطمس الهوية المصرية.. وازدراء الوطن بالرحم الأزلي كما جاء في كتاب سيد قطب (معالم في الطريق) فيقول: (لأن »الجنسية« التي يريدها الإسلام للناس هي جنسية العقيدة التي يتساوي فيها العربي والروماني والفارسي وسائر الأجناس والألوان تحت راية الله وهذا هو الطريق«. ويضيف قائلا: (فانتهي أمر هذا النتن.. نتن عصبية النسب. ماتت هذه النعرة.. نعرة الجنس). واختفت تلك اللوثة.. لوثة القوم، واستروح البشر أريج الآفاق العليا، بعيدا عن نتن اللحم والدم، ولوثة الطين والأرض.. منذ ذلك اليوم لم يعد وطن المسلم هو الأرض، إنما عاد وطنه هو »دار الإسلام« هل تراجع جماعة الإخوان تلك النظرة الدونية للوطن باعتبار أنها مجرد وحلة وصلة الرحم دنس هل تراجع عبارة (طظ) في مصر للمرشد الأسبق. هل تفوت علي الغرب فرصة الاحتفاء بأننا الوطن الوحيد الذي قسم نفسه بنفسه فصارت الثمرة يانعة نتيجة الفرقة (الجهنمية) والردة المتعمدة! إن ثروة ساويرس كانت تتيج له السفر بعيدا عن كل المعارك الضارية، ومحاكم التفتيش والذين آزرهم وتنكروا له ولكنه عاشق لبلده وجذوره وشعبه، لم يتخل عن النقاء الذي يميزه ولم يميز قط في أعماله بين مسلم ومسيحي، ولم يعتنق نظرية الأثرياء الجدد وطني حيث توجد ثروتي!! وأذكر جبران: (ويل لأمة تنصرف عن الدين إلي المذهب وعن الحقل إلي الزقاق وعن الحكمة إلي المنطق) ويل لأمة سياستها ثعلبة وفلسفتها شعوذة أما صناعتها ففي الترقيع. ويل لأمة تقابل كل فاتح بالتطبيل والتزمير ثم تشيعه بالفحيح والصفير لتقابل فاتحا آخر بالتزمير والتطبيل.. ويل لأمة عاقلها أبكم وقويها أعمي ومحتالها ثرثار. ويل لأمة كل قبيلة فيها أمة: (أنت أخي وأنا أحبك ساجدا في جامعك وراكعا في هيكلك ومصليا في كنيستك، فأنت وأنا أبناء دين واحد هو الروح، وزعماء نمثل هذا الدين الذي ليست فروعه المختلفة سوي أصابع ملتصقة بيد الألوهية الواحدة المشيرة إلي كمال النفس): (أنت أخي وكلانا ابن روح واحد قدوس كلي وأنت مماثلي لأننا سجينا جسدين جُبلا من طينة واحدة، وأن رفيقي علي طريق الحياة ومسعفي في إدراك كنه الحقيقة المستترة وراء الغيوم أنت إنسان وقد أحببتك وأحبك يا أخي). نعم يا أخي الإنسان نجيب ساويرس ومن لايحظي بهذا المعني فالجهل نور!!