تردي الأوضاع بمنظومة السكة الحديد جعل دماء المصريين تسيل من حين لآخر علي مزلقانات الهيئة في مشهد حزين يكشف عن الإهمال وعدم المسؤولية تجاه المواطنين. ورغم الحديث المستمر عن هيكلة وتطوير خطوط السكة الحديد وقطاراتها، ووضع خطط بملايين الجنيهات، إلا أن حوادث القطارات في مصر تظل هي الأكثر إزعاجا، والأشد خطورة، فلا يكاد يمر وقت طويل إلا ويفجع المصريون بحادث جديد. آخر هذه الحوادث، كان انقلاب 4 عربات من قطار 986 مكيف القاهرةقنا، بحوش محطة المرازيق خط القاهرة السد العالي. ومن داخل هيئة السكة الحديد، كشف مصدر بقطاع الإشارات، رفض ذكر اسمه، أن جهاز تفادي وقوع الحوادث غير مفعل في معظم قطارات الهيئة وأن السبب الرئيسي في أغلب الحوادث يعود للعنصر البشري. وعن سير التحقيقات أمر الدكتور هشام عرفات وزير النقل، تحويل عدد من مسؤولي هيئة السكة الحديد إلي النيابة الإدارية لاتخاذ إجراءات التحقيق معهم، ومن بين المحولين للتحقيق مدير الهيئة- ومدير عام التشغيل- ومدير الصيانة ومدير إدارة التشغيل علي الشبكة بالجيزة ورئيس قسم المحطات والبلوكات وناظر محطة المرازيق ومدير الإشارات و2 من كهربائيي الإشارات وأكد الدكتور هشام عرفات وزير النقل أنه لا تهاون مع أي مسؤول مقصر وأنه إلي الآن جاري التحقيقات. »آخر ساعة» زارت المصابين لترصد لحظات الخوف والصدمة.. »صرخات وأتربة وزجاج يتناثر بين كراسي الركاب بالعربة الرابعة التي تمتلئ بالركاب وفجأة تحطمت علي الأرض وكأنه يوم القيامة»، هكذا وصف جورج عماد، أحد المصابين بالقطار دمار العربة التي كان يستقلها وهو في غفوة من نومه ليستيقظ علي الصرخات إلي أن وقعت الكارثة وبدأ يبحث عن أبنائه وزوجته التي ألقيت علي وجهها والدماء تسيل منه، ووسط كل ذلك كان يمشي علي الزجاج المتناثر من شبابيك العربة التي تحطمت دون الشعور بجروح قدميه بحثاً عن طفله الرضيع الذي لم يتجاوز عمره عاماً واحداً، وابنه الآخر كرولس 4 سنوات ويعاني من ارتجاج بالمخ وابنته الوحيدة إرين 5 سنوات لديها كسور وجروح بالقدم. بينما تقول مريان منير أم لثلاثة أبناء جميعهم مصابون بكسر في الكتف وكدمات بالعمود الفقري وجروح بالوجه: »كان القطار يسير بسرعة معقولة ومرت الأربع عربات الأولي ثم بدأ السائق في تحويل مسار القطار، وهنا فوجئ الجميع بميل عربات القطار ثم وقعت عربة القطار رقم 4 علي الأرض، ووسط الأتربة وصرخات الركاب والأشياء التي تتساقط علي الركاب هرول الجميع باتجاه الشبابيك في محاولة منهم للفرار خارج عربة القطار، ووقعت مغشياً عليها علي الأرض دون الإحساس بأي شيء إلا في عربة الإسعاف». وتلتقط منها طرف الحديث نجوي بخيت من شبرا الخيمة وإصابتها شرخ بالفقرة الخامسة بالعمود الفقري - كنت أذهب لزيارة والدي بمحافظة سوهاج بعد أن أخذ أولادي إجازه العام الدراسي واستقللت القطار من محطة مصر درجة ثانية مكيف والجدير بالذكر أن حالة القطار كانت تبدو مستقرة ولكنه غير نظيف كالعادة ورائحته كريهة والخدمات معدومة وعندما خرج القطار من محطة مصر كانت تبدو الأمور طبيعية جداً ولا يوجد أي شيء يدل علي وقوع حادثة وفجأة أخذ كل شيء داخل عربة القطار يطير علي الركاب والأطفال أخذت تتمرجح هنا وهناك إلي أن سقطت العربة علي الأرض ومن هول وفزع الصدمة الأطفال صامتة حتي الآن وبدأ أهالي المرازيق في إنقاذ الركاب وإخراجهم من القطار وطلب الإسعاف وذهبنا إلي مستشفي الحوامدية التي لم يكن بها أي خدمات طبية ولم يقم الأطباء بعمل أي أشعات أو إسعاف الأطفال أو أي شيء ثم جاءت إشارة من وزارة الصحة بنقل المصابين إلي معهد ناصر وهنا تم عمل اللازم للجميع وتم وضع الأطفال تحت الملاحظة الطبية وابني الذي لم يبلغ من العمر سوي عامين لديه شرخ في الجمجمة ويوضع تحت الملاحظة الطبية. ومن داخل مستشفي الهرم أكد الدكتور خالد محمود مدير المستشفي استقرار جميع حالات المصابين قائلاً: »المستشفي لديه خطة لاستقبال هذا النوع من الحوادث وعندما تصل أعداد كبيرة يتم غربلتها واستدعاء جميع الأطباء في مختلف المجالات وعندما وصلت إلي المستشفي إشارة من وزارة الصحة بوصول 29 مصاباً من حادث قطار تم تفعيل خطة الطوارئ للتعامل معهم وكانت جميع الإصابات الموضحة ما بين كدمات وكسور وارتشاح بالمخ وسحجات وتم غربلة المصابين وعمل أشعات علي جميع أعضاء الجسم وتم عمل مسح آخر علي الرقبة والمخ والصدر والحوض والبطن ومعظم الإصابات كانت عظمية إلا حالة واحدة بالعناية المركزة وهي لديها ارتشاح بالمخ وهو مجند وكان في إجازة من تأدية الخدمة خمسة أيام». ومن داخل مستشفي العجوزة الذي استقبل 8 حالات يقول الدكتور محمد شعير مدير المستشفي جميع الحالات التي كانت بالمستشفي إصابتهم كانت خفيفة ما بين جروح وكدمات وكسور وتم خروج جميع الحالات ولم يبق سوي حالة واحدة لديها كسر بعظمة الترقوة وتوجد بغرفة العمليات الآن ويتم عمل جراحة لها لتركيب شريحة.