في 30 أبريل الماضي.. وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، متباهيا باكتشاف المخابرات الاسرائيلية "الموساد" كنزا إيرانيا وهو ملفات الأرشيف النووي الإيراني، بل ونقله بالكامل إلي تل أبيب ولم يمر شهر واحد إلا وأعلنت إسرائيل، عن كشف جاسوس جديد ولكن لصالح إيران هذه المرة، أما المفاجأة فكانت أن الجاسوس الإسرائيلي الذي ظل يعمل لصالح طهران لفترة ليست بالقصيرة، كان جاسوسا بدرجة وزير! والجاسوس الذي اعتقله جهاز الأمن العام الإسرائيلي المعروف باسم »الشين بيت» هو »جونين سيجق» وكان وزيرا سابقا للطاقة والبنية الأساسية، وفي السابق أيضا تم سجنه لتسعة أيام في زنزانة انفرادية، وكانت التهمة تهريب مخدرات وتزوير واحتيال، وفي مايو الماضي تم القبض عليه في غينيا، بعد اتهامه بمساعدة إيران التي تعد في حالة حرب مع اسرائيل والتجسس لصالحها بتقديم المعلومات الخاصة بصناعة الطاقة الإسرائيلية وعدة مواقع أمنية ومبانٍ وعدد من الشخصيات الهامة في مؤسسات وهيئات أمنية وسياسية وتشريعية داخل إسرائيل. وجونين رد علي تلك الاتهامات حسب صحيفة هاآرتس الإسرائيلية بأنه »أراد خداع الإيرانيين وأن يعود بطلا لإسرائيل»، إلا أن تاريخ الرجل لم يشفع له في إثبات عكس ماتم توجيهه إليه من اتهامات، قد تصل عقوبتها للسجن مدي الحياة في حال إثباتها فالرجل »62 عاما».. من أهالي حيفا المدينة الساحلية، أتم خدمته العسكرية في الجيش حتي وصل لرتبة قائد، كما أنه دارس للطب في جامعة بن جوريون في النقب، ومارس الطب بعد أن كان مزارعا في بدايات عمله، وهو سياسي منذ تسعينيات القرن الماضي، بدأ مسيرته السياسية بالانضمام لحزب يميني إسرائيلي هو تسوميت بزعامة رافائيل إيتان، وتم انتخابه لأول مرة في الكنيست الإسرائيلي وعمره لم يتجاوز ال 35 عاما في بدايات تسعينيات القرن الماضي. ثم انشق عن تسوميت ليشكل حزب بيود، قبل أن يصبح وزيرا للطاقة والبنية الأساسية بعد انضمام حزبه لحكومة اسحاق رابين، وبعد اغتيال رابين تولي نفس المنصب في حكومة سلفه شيمون بيريز وكان عنصرا فعالا كما تقول صحيفة جيروليزيم بوست العبرية في التصويت لصالح اتفاق أوسلو الشهير بين إسرائيل والفلسطينيين وهو .. من تم القبض عليه لأول مرة لاتهامات تخص تهريب المخدرات والتزوير مع اتهامات أخري مخلة بالشرف أقلها تهريبه لأقراص من حبوب مخدر الاكستاسي من هولندا لتل أبيب. وسجل جونين.. يشمل علاقاته ببعض البلدان الأفريقية، فقد عمل طبيبا لمدة 10 أعوام في نيجيريا، ووطد صلاته هناك باليهود والإسرائيليين المقيمين فيها، وفي القارة الأفريقية، وهناك أيضا تم تجنيده لصالح المخابرات الإيرانية. وحسب جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي »الشاباك» فإن جونين بدأ علاقاته مع طهران منذ نحو 6 أعوام، وكلفه عملاء المخابرات الإيرانية بجمع معلومات وخلال تلك الفترة سافر جونين لإيران مرتين للاجتماع برجال المخابرات الإيرانية وتلقي التكليفات المطلوبة للتجسس علي تل أبيب. ورغم كل تلك المعلومات التي تسربت عن جونين، فإن سلطات التحقيق الإسرائيلية قررت وبأمر من الشين بيت والشرطة، أن تحجب النشر في القضية، ولتسدل الستار عن أي معلومات جديدة تخصها سواء أدانت الرجل أم لا! خاصة أن عددا من الأمنيين داخل إسرائيل يعتقدون أن جونين لم يزود إيران بأي معلومات حساسة أو تهدد فعليا الأمن القومي الإسرائيلي، أو حتي الحياة السياسية أو اليومية داخل إسرائيل. أما معارضو الرجل.. فقد انتهزوا الفرصة للانقضاض عليه سياسيا.. فقد قال عدد من أعضاء الكنيست إنه قد باع زملاءه في حزبه اليميني القديم، لكي ينضم لحزب رابين، وأنه شخص انتهازي يستغل كل فرصة متاحة للانقضاض عليها ليحقق مصالحه الشخصية علي حساب من يساندونه، وأنه يعاني من جنون العظمة وأنه يحب المال أكثر من نفسه ومستعد لبيع نفسه من أجل المال. وأنه إذا ثبتت التهمة عليه، فإنها ستكون مجرد تهمة تضاف لاتهامات عديدة تم توجيهها له في الماضي، وثبت بعضها ولم يثبت الكثير منها حتي الآن، أما وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، فقد علقت علي اعتقال جونين بقولها »إنه ليس من اليمين أو من اليسار، إنه شخص انتهازي»!