مع بداية عام جديد يتمني كافة المصريين أن يكون أفضل مما رحل عنا ننجز فيه ماعجزنا عن تحقيقه وننطلق نحو بناء دولة ديمقراطية تكون قياداتها خداما لهذا الشعب لاحكاما مستبدين من سكان القصور والقلاع التي لايقترب منها أحد لايشعرون بمن خارجها ، وأن ننهي مرحلة طويلة من الحكم الشمولي الذي أذل المصريين بطول البلاد وعرضها وخنق كل ملكات الإبداع في كل المجالات وأحل أهل الثقة مكان أهل الخبرة وحرم الجميع من هواء الحرية ، والثورة التي كان الشباب قاطرتها وانضم إليها الشعب تأخرت طويلا لكن ذلك أفضل من ألا تأتي !! مشاهد ووقائع وأحداث الأيام والشهور التالية للثورة أصابت المصريين بالخوف والقلق علي المستقبل لكن دون أن يصل للتحسر علي ماسبقها إلا عند الفلول وأبناء مبارك وكل من استفاد من هذا العهد الذي نتمني جميعا ألا نراه في حياتنا مرة أخري وبدلا من أن نكون جميعا في ماراثون بناء الدولة التي نريدها بدأ البعض في وضع الأحجار والمتاريس وصولا للألغام في الطريق ، الشباب كانوا الأسرع في بداية هذا السباق بحكم الطبيعة والزمن لكنهم تعثروا أيضا مع الآخرين واختلط الحابل بالنابل وانحرف الكثيرون عن المسار وتاه البعض الآخر ودخلت البلاد في منحنيات خطرة كادت أن تعصف بحاضرها وبانطلاقها للمستقبل الجميع أخطأ من القاعدة إلي القمة ، الفوضي والانفلات والارتباك والتخبط كانت من سمات هذه المرحلة وهو أمر طبيعي يتوافق مع كل تغيير في أي مجال فالطريق إلي الديمقراطية كان حتميا أن يمر عبر ممرات ضيقة وأنفاق مظلمة ومنحنيات صعبة للوصول إلي فضاء يتسع للجميع وأرض أرحب للحرية، الثورة كانت أشبه بحافلة مندفعة توقفت بصورة فجائية فاندفع الجميع بنفس سرعتها وسقطوا فوق بعضهم البعض، الثورة أوقفت موجات الفساد والاستبداد لكن المشكلة أن السائق فقط هو من سقط من الحافلة ويحاول البعض الإمساك بعجلة القيادة مرة أخري لتستمر في نفس مسارها القديم!! أخطأ من يسمون أنفسهم بالنخب السياسية عندما أصبح جل همهم أن يفرضوا إرادتهم ووصايتهم علي الشعب بحجة أنهم الأقدر علي قيادة المسيرة والأكفأ فكريا لكي يحددوا المسار الذي يجب أن تسير فيه البلاد ولم يكتفوا بالصراخ في الفضائيات والمنتديات وساحات التظاهر وكأن الناس قد أصابهم الصمم أو لايفهمون جيدا أو بالمرة من لجان حوار وطني إلي وفاق إلي الدستور أولا ثم مجلس رئاسي مدني وصولا لمجلس استشاري ثم انتخابات الرئاسة أولا لكنهم وصلوا في النهاية إلي حائط مسدود يفصلهم عن الشعب الذي تجاهلوا إرادته وخياراته فلم يعد يسمعهم وبدت كحالة من الصمم الإرادي !! ومن الواجب علي هذه النخب أن تعتذر لهذا الشعب علي سوء الظن به أولا وعن تعطيل مسيرته نحو الديمقراطية لشهور طويلة أوصلت البلاد لحافة خطرة اقتصاديا وأمنيا وسياسيا وعلي من يمثلون هذه النخب أن يعترفوا وبشجاعة بأدوارهم في العهد السابق وكيف أن الكثير منهم ارتبطوا بصورة أو بأخري بذلك النظام وحصلوا علي الكثير من خيراته ونفحاته بدلا من ادعاء البطولة وأنهم كانوا في صفوف المعارضة رغم أن الجميع يعلم جيدا أين كان يقبع المعارضون لهذا النظام ؟! الإعلام عليه أن يملك شجاعة الاعتذار لهذا الشعب علي تضليله طوال العقود الزمنية الماضية ، الصحافة القومية والإعلام المرئي الرسمي وأجهزة الثقافة عليها أن تتطهر من خطاياها وأن تعود صحافة يملكها الشعب وإعلاما لايخاطب الحاكم وحده من لحظة يقظته حتي نومه وإنما يعيش هموم ومعاناة وطموحات وأحلام البسطاء والحالمين بالعيش الكريم أما أجهزة الثقافة فعليها أن ترتقي لمستوي عصر جديد من الحرية وأن تنمي ملكات الإبداع لدي شعب قام بثورة ويتطلع لعودة ريادة بلاده وأن تسترد وعيها ومكانتها بين الأمم سياسيا واقتصاديا وعلميا وثقافيا ولن يتحقق كل هذا إلا بالتخلص من كل أزلام وبقايا النظام السابق الذين مازالوا يمارسون نفس أدوارهم القديمة وكأن البلاد لم يحدث بها ثورة فكل هؤلاء يعرفون مكانهم الحقيقي !! أما الثوار فأهمس في آذانهم بعتاب أراه ضروريا وهو أن يتذكروا جيدا أنها كانت ثورة شعب كانوا هم في مقدمته ولولا إرادة الله ووقوف هذا الشعب وراءها لكانت نتائجها كارثية علي الجميع وعليهم أن يطهروا صفوفهم ممن أساءوا لتلك الثورة التي يجب الحفاظ علي سلميتها حتي لاتتباعد المسافات بينهم وبين جماهير هذا الشعب !! لابد أن تكون ثقافة الاعتذار أو الرجوع إلي الحق وشجاعة الاعتراف بالخطأ من مفردات حياتنا فكل من شارك أو تورط في أفعال يحرمها ويجرمها القانون والقيم والأعراف السائدة لابد أن يتطهر ويعترف بما ارتكبه في حق مصر ويعيد الحقوق لأصحابها وعليه أن ينتظر حكم العدالة والشعب عليه ، نقول ذلك للجميع من مبارك وأسرته ونزلاء طرة وأعوانهم بالخارج من الفاسدين في كل الأجهزة أو حتي المروجين للفساد لأن الشعب لن ينسي ماارتكبوه من جرائم لاتسقط بالتقادم ونحتاج أيضا لأن نتعلم من الآخرين ففي اليابان من يتورط في أي عمل غير مشروع عليه أن يعتذر للجميع وربما ينتحر تكفيرا عن جريمته في حق مجتمعه وهي نهاية محرمة في الشرائع السماوية لكنها تكشف عن عمق الشعور بالخطأ هناك وفي الغرب يعد الكذب عند أي مستوي جريمة تقضي علي مستقبل مرتكبها فما بالك بجرائم الفساد وخطايا الاستبداد وقمع الشعوب وحرمانها من حقها في الحياة !! كلمة أخيرة الحياة عبء ثقيل علي بعض الناس ، وبعض الناس عبء ثقيل علي الحياة (الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه)