أن تتفوق الرواية علي زخم قراءاتك المتخصصة عن العبيد فتلك عبقرية الكاتبة التشيلية إيزابيل الليندي 2491. في روايتها العبقرية (الجزيرة تحت البحر) عن قمة مأساة العبيد فيما يسمي جمهورية هاييتي حاليا وفي ولاية أورليانز وبداية الثورة وتحرير العبيد. استطاعت الكاتبة أن تقدم كل المعلومات وأضافت الروح وإدخالك في قلب الأحداث مع أشخاص من لحم ودم وأحداث تشعر بسخونتها وبرودتها حيثما تريد الكاتبة. وعقلانية وتحضر لتحرير العبيد وكأنها تقدم بيانا عمليا لما طرحه التشريع الإسلامي من تحرير متدرج للعبيد عبر وسائل عديدة وهادئة بل وبها قربي لله لكن في طياتها تراعي حق العبد والسيد والمجتمع .. فيقول أحد أبطالها وقد نضج وتمرس في قضية تحرير العبيد (لابد من تغيير طريقة تفكير الناس ثم قوانين العالم قبل أن يتحرر العبيد) ويتساءل عن العبيد إذا ما حرروا جميعا من قبضة مالكيهم وكيف يدبرون معيشتهم ومساكنهم وما يندفعون لفعله عند ذلك أو حتي عودتهم لمالكيهم طواعية تحت ضغط الحاجة وكذا تغيير تفكير العبد الذي تربي علي تنفيذ الأوامر دون أن يتخذ أي قرار في حياته. ضحكت علينا اليزابيث (بلغة مهنة الكتابة) بتقديمها مشاهد جنسية حادة في البدء لتجر رجلك لقراءة قضية قد لا تهم الكثيرين لتكتشف في نهاية الرواية أن ما جذبك في البدء ليس أبدا بأهمية ما قيل في الرواية. (ولم تجعل في نفسك حاجة) فهي قدمت كل صنوف معاناة العبيد ومشاكلهم حتي زواج عشيقين أحدهما ابن السيد من زوجته البيضاء اما العشيقة فهي أبنة الأب ايضا من عبدته التي يغتصبها وحتي دخولك سوق العبيد وفجاجة تقليب مواصفات إنسان يعامل بأقل من الحيوان. (الجزيرة تحت البحر) هي الجنة التي تقبع تحت أمواج المحيط وعليه السفن القادمة ببشر فقدوا حريتهم وأهليهم ويبقي الغرق في البحر أفضل مما يلاقونه وأملا في الوصول لحريتهم وأهلهم الذين سبقوهم بالموت إلي الجزيرة والتي يسعون إليها بمحاولات الهرب المستميتة أو تلقي الرصاص بصدورهم في التمردات. والكثير الذي أرصد منه بعض الكلمات للحب كلمات بكماء أشد شفافية من النهر لايوجد ما هو أخطر من انعدام العقاب فالناس يصابون بمس من الجنون ويقترفون أسوأ الفظائع لدينا احتياطي داخلي من العزيمة يتكشف عندما تخضعنا الحياة لمحنة.