ما بين الأمس واليوم اختلف مفهوم المرأة التي تعمل في الوسط الفني وخصوصا في مجال التمثيل.. حيث تتطلب المهنة تكريس الوقت والجهد للتواجد في مواقع التصوير وهو الأمر الذي يؤثر بشكل كبير علي دور الأم في تربية أبنائها وتلبية احتياجاتهم ومتطلباتهم اليومية.. وفي هذا الإطار نجد أن العديد من فنانات جيل السبعينيات والثمانينيات واجهن العديد من التحديات دفعت بهن لرفع شعار الأمومة ضد الفن.. وتخلين عن حقهن في الإنجاب في مقابل الاستمتاع بنعيم الشهرة والمجد.. ولكن يبدو أن هناك الكثير من نجمات الجيل الجديد انحزن لتفضيل الأسرة والأمومة بعض الشيء علي الفن.. في ذات الوقت الذي لم يتخلين عن حياتهن الفنية واستطعن الحصول علي الاثنين معاً الأمومة والفن، ولكن بتركيز وتنظيم حياتهن بين البيت والعمل كي يحافظن لسنوات عديدة علي موقعهن كنجوم للدراما وشباك السينما. فكرة التخلي عن الأمومة من أجل الفن غير منطقية علي الإطلاق مني زكي ونيللي كريم وإيمان العاصي وداليا البحيري نجمات وازن بين أمومتهن ونجوميتهن وفي البداية تشير الفنانة وفاء عامر لاختلاف مفهوم التضحية بالفن بالنسبة للمرأة التي تعمل في الوسط الفني.. حيث أصبحت فكرة التخلي عن حلم الأمومة من أجل الفن غير منطقية علي الإطلاق.. وبخاصة في ظل وجود العديد من البدائل التي تقدم الدعم الكافي للفنانات من أجل تحقيق ذلك التوازن المطلوب بين البيت والعمل.. وبالنسبة لفكرة الاعتزال من أجل الأمومة فهي تخضع للرغبات الخاصة والقدرات المتباينة بين فنانة وأخري.. وأضافت وفاء عامر أن الساحة الفنية مليئة بأسماء فنانات أعطين الأمومة حقها.. ولم يتخلين عن حياتهن الفنية.. بل نجحن في تنظيم حياتهن بين البيت والأمومة والعمل وتحقيق متطلبات الطرفين ومنهن علي سبيل المثال لا الحصر الفنانات مني زكي ونيللي كريم وداليا البحيري.. ولا يفوتني دوري الذي أعتز به في هذا الجانب خاصة أني قمت بتربية شقيقتي آيتن ورويتها من حنان الأمومة الكثير.. ومازلت أراعيها حتي الآن وحياتي جميلة مع زوجي المنتج محمد فوزي وابننا زهرة عمرنا. وتضيف الفنانة هالة صدقي وتقول: »إن كل الشواهد علي الساحة الفنية تقول إن هناك العديد من التحديات التي دائماً تحيط بالفنانة الأم.. وقد يكون بعضها سبباً في إعاقتها عن تنفيذ دورها بالشكل الجيد.. حيث غالباً يرتبط جدول أعمالها بحياة أطفالها.. الأمر الذي لا يعطيها الحرية المطلقة لاختيار مواعيد التصوير.. أو الترتيب للسفر حسب نوعية سيناريو وأماكن التصوير في الخارج مثلاً.. ويجب ألا ننسي أن الأمومة تستهلك جزءاً كبيراً من طاقة المرأة ووقتها.. وهنا يكمن التحدي الكبير في قدرتها علي التواجد مع أطفالها.. وإيجاد الوقت الكافي لحفظ دورها في العمل الفني الذي تشارك فيه.. بالإضافة للوصول إلي موقع التصوير بطاقة وحيوية كاملة لإتمام عملها في الاستديو أو التصوير الخارجي ولا أبالغ أنه غالبا ما تفقد الفنانة الأم تركيزها ويتشتت ذهنها بين المنزل وأطفالها والعمل.. وهو الأمر الذي يؤثر علي أدائها بشكل واضح.. وفي هذا الإطار نجد العديد من الفنانات يلجأن للاستعانة بمربية خاصة للأطفال.. ولذا يجب علي الفنانة الأم أن تتعامل بذكاء وحكمة مع مفردات الأمومة والتركيز وتنظيم حياتها بالتوازن بين البيت وعملها الفني. وبالنسبة للفنانة فادية عبدالغني.. فهي تري من وجهة نظرها أن هناك بعض التنازلات الصغيرة التي لابد أن تقدمها الفنانة الأم لتحقيق التوازن بين البيت وتربية أطفالها والعمل حيث يصعب علي الأم الفنانة التواجد مع أبنائها في كافة الأوقات، بالإضافة لأنها لا يمكنها أن تتقبل الأعمال الفنية التي تكون سببًا للابتعاد عنهم لفترات طويلة.. وأما بالنسبة لمسألة اعتزال الفنانة من أجل الأسرة فهذا أمر شخصي يخص كل فنانة علي حدة.. واختيار تقرره بكامل إرادتها بعيداً عن كونه نمط تفكير سائد.. وهناك أمثلة لنجمات فضلن الأسرة والأمومة وحتي لو بشكل مؤقت حتي يكبر أطفالهن ومنهن عزة بهاء إحدي بطلات مسرحية الواد سيد الشغال أمام الزعيم عادل إمام ومسلسلات الآنسة كاف.. في بيتنا رجل.. وهوانم جاردن سيتي وأوبرا عايدة والليل وآخره.. ومذكرات زوج.. والفنانة الشابة ريهام أمين التي لفتت الأنظار أيضا في مسلسل »العراف» أمام الزعيم عادل إمام.. وكذلك خلال تألقها في مسلسل »من خرم إبره» ثم انشغلت بزواجها ثم حملها الذي أعلنت علي إثره خبر اعتزالها المؤقت بهدف التفرغ لرعاية طفلها. وبالنسبة للمؤلف والسيناريست مجدي صابر فهو يؤكد أن ا لوسط الفني مليء بالأمثلة عن فنانات كبيرات تخلين عن الأمومة من أجل الفن وأقرب مثال كوكب الشرق أم كلثوم التي شغلها الفن »غناء وتمثيلاً» ولم تفكر في الزواج قبل أن تبلغ الخمسين من عمرها.. وأضاعت عليها فرصة الانجاب.. ولا ننسي أن الفن أيضا شغل كلاً من شادية وسعاد حسني وليلي فوزي وتحية كاريوكا وسناء جميل ولا يفوتنا أيضاً أن الراحلة العظيمة أمينة رزق التي برعت في تجسيد دور الأم علي شاشة السينما المصرية تخلت عن حلم الأمومة في سبيل التفرغ لعملها في الفن. ويكمل مجدي صابر ويقول: إنه في المقابل هناك نماذج فنية كان لها الفضل في تغيير أسس هذه المعادلة بشكل جذري.. حيث إن الفنانة الراحلة فاتن حمامة سيدة الشاشة العربية رزقت بطفلين أحدهما من زوجها الأول المخرج عز الدين ذو الفقار والآخر طارق نجل الفنان العالمي الراحل عمر الشريف.. ومع ذلك لم تتخل فاتن حمامة عن الاهتمام بتربية طفليها واستمرت في دعم موهبتها وتقديم روائع من الأفلام المصرية التي تعتبر علامات في تاريخ السينما المصرية والعربية. ويشير المؤلف إلي أنه خلال فترة السبعينيات وحتي التسعينيات كانت فكرة اعتزال الأمومة من أجل الفن لاتزال حاضرة وبقوة بين فنانات ذلك الجيل.. لدرجة تخلي العديد منهن عن حلم الأمومة حتي لا تؤثر علي نجوميتهن وعملهن الفني.. وتأتي علي رأس هؤلاء الفنانات النجمة نبيلة عبيد التي خافت أن تبعدها الأمومة عن جمهورها وتخسر ألقاباً فنية كثيرة بالإضافة للشهرة والأضواء التي أحاطت بها خلال مسيرتها الفنية ولذا اتخذت قرارها بتكريس حياتها من أجل الفن. كذلك فعلت النجمة الكبيرة ليلي علوي التي لم تنجب رغم عشقها للأطفال الأمر الذي دفعها إلي تبني طفل وتربيته لتعوض من خلاله مشاعر الأمومة الغائبة.. وها هي تعيش سعادة غامرة مع نجلها خالد.. وكذلك تفرغت الفنانة لبلبة للفن ولم تفكر بالزواج والإنجاب بعد انفصالها عن الفنان حسن يوسف وامتنعت أيضاً النجمة إلهام شاهين عن الإنجاب حتي لا تتعارض أمومتها مع شهرتها ومسيرتها الفنية لكنها لم تبد أي لحظة ندم تجاه قرارها الشخصي. والفنانة الكبيرة هالة فاخر قالت إنها ستخرج من دائرة التضحية بالفن من أجل التفرغ للأسرة إلي شيء آخر تعتبر فيه أن دور المرأة المقدم الآن يعبر عن المجتمع المصري الذي نعيشه وسبق لي أن قدمت دور الأم في مسلسلات »شرف فتح الباب وابن حلال والدة حبيشة الصعيدية التي تدفعه للعمل وأيضا في مسلسل »كلبش» وجميعها شخصيات مختلفة حسب الوقت المعروض فيه؛ فالأم هي الأساس التي تجسد دورا رئيسيا في حياة الإنسان وتدفعه للأمام.. وإذا كان القائمون علي الأعمال الدرامية ظلوا لفترة طويلة لا يقدمون شخصية الأم بشكل يليق بها فلابد علي المؤلفين أن يستوعبوا أن دور الدراما تقديم السلوكيات للأفضل والاهتمام بتفاصيل الأسرة بالكامل حتي تقدم عملا جيدا قادرا علي الارتقاء بأخلاقيات الشعب لأن الأم هي الكيان الحقيقي في المجتمع. وتقول الفنانة ماجدة زكي.. هناك الفنانة شهيرة التي فضلت الحياة الأسرية علي الفن والفنانة جيهان نصر التي اعتزلت في قمة تألقها واختارت التفرغ لأسرتها.. وهناك أيضا العديد من الأمثلة لفنانات اعتزلن من أجل أسرهن مثل الفنانة شمس البارودي والراحلتين مديحة سالم وهالة فؤاد.. ويضاف لهؤلاء النجمة الشابة نسرين إمام التي تألقت خلال عملها في مسلسل »حنان وحنين» مع النجم الراحل عمر الشريف وكذلك في مسلسل »أدهم الشرقاوي وجدار القلب وقلب ميت» وقدمت دور البطولة في مسلسل »برة الدنيا» وتلاها تألقها في مسلسل »مسيو رمضان مبروك أبو العلمين حمودة» وبعدها تزوجت وقررت اعتزال الفن من أجل أسرتها وتركت الباب مفتوحاً أمام عودة أخري. وتضيف ماجدة زكي أن هناك فنانات مبدعات مارسن أمومتهن دون التخلي عن عملهن ومنهن النجمة مني زكي وهي أم لثلاثة أطفال »لي لي وسليم ويونس» ورغم انحيازها لأسرتها ومنزلها لا تزال مكانتها محفوظة كواحدة من أهم نجمات الجيل الجديد بدليل ما قدمته من روائع في أعمالها الدرامية ومنها فيلم »تيمور وشفيقة».. وأبو علي، أيام السادات أفريكانو ولاد العم إحكي يا شهرزاد ومسلسلات الضوء الشارد أفراح القبة كذلك وازنت ياسمين عبد العزيز بين أمومتها ونجوميتها ورغم كونها أمًّا لطفلين استطاعت أن تحافظ لسنوات عديدة علي موقعها كنجمة شباك أولي ومن روائع أعمالها أفلام زكي شان الرهينة صايع بحر الدادة دودي ومسلسلات كثيرة منها امرأة من زمن الحب هربانة منها كما أن هناك النجمة المتألقة نيللي كريم هي أم لأربعة أبناء وهي أيضا نجمة سينمائية وتليفزيونية وأعمالها تفوز بأعلي نسبة مشاهدة ومنها سجن النساء ولأعلي سعر وتحت السيطرة، سرايا عابدين، بنت اسمها ذات، بالإضافة لأفلام زهايمر غبي منه فيه الفيل الأزرق، حبك نار، هيبتا. أما الفنانة علا غانم فلديها بناتها لكن رعايتهن لم تمنعها من الاستمرار في عملها وتحقيق نجاحات كبيرة في كل أعمالها المميزة ومنها أفلام مهمة صعبة كامل الأوصاف محامي خلع ومسلسلات مزاج الخير الزوجة الثانية، ابن موت، الزوجة الرابعة، العار، زيزينيا، ورق التوت، وظل الرئيس. وهناك أيضا النجمة الشابة إيمان العاصي نجحت في تحقيق التوازن بين الفن والأمومة واهتمامها بتربية ابنتها الصغيرة وتقديم روائع درامية في أفلام مسجون ترانزيت وجواب اعتقال ومولانا، حضرة المتهم أبي، ونفس الشيء في عملية تحقيق التوازن المطلوبة بين البيت والعمل نجحت الفنانة انتصار في توفير المناخ لأسرتها وسط ابنتها وولدها محمود وزوجها وفي ذات الوقت قدمت روائع كثيرة منها أفلام أريد خلعاً ميت فل ومسلسلات نظرية الجوافة اللص والكتاب ابن موت راجل وست ستات. ويضاف للفنانات التي وازنت بين أمومتها ونجوميتها الفنانة داليا البحيري التي حققت من خلال تركيزها نجاحات فنية كبيرة آخرها يوميات زوجة مفروسة بالإضافة لتخصيصها جانباً كبيراً من وقتها للاستمتاع بالحياة مع ابنتها.