هذه أرواحنا منزوعة الخوف، وهذه أجسادنا الصلبة انهشوها إن استطعتم !! ياسلام يارب علي روعة جمال أعمالك العجيبة .. وعلي بساطة دروسك التي تعجز عقول الأشرار وقلوب الطغاة علي فهمها .. فيسقطون أمامنا في فخاخك ومصائدك جماعات مفزوعة، بعد أن عشنا عمرا نتصورهم أسودا شرهة وثعالب حويطة، فنتحاشاهم مؤثرين السلامة لنحيا، فعشنا أمواتا .. فطغوا وبغوا وداسوا علي أعناقنا ودهسوا كرامتنا وهددوا أمن وسلامة أولادنا.. لذلك فثورتنا هادرة كاسحة والفضل لكم. لهذا أشكركم كلكم، عسكر وحرامية وبلطجية ..لأنه بفضل جرائمكم استيقظ مارد الثورة ليسحقكم لترقد أجساد الشهداء مطمئنة فوق رمادكم، تحجب عنا روائح فسادكم وجرائمكم الكريهة ..ويقلب التاريخ صفحة الشهداء ويبدأ الاحتفالات .. لكن أولا أسجل دهشتي من غبائكم .. كيف تنفذون نفس الخطط الفاشلة والمفضوحة، وبنفس الترتيب والتفاصيل والأدوات ..معقول كلكم عجينة غباء واحدة !!. في هذه الثورة التي بدأت في 25 يناير باسم خالد سعيد، واستعادت قوتها في 19 فبراير باسم شهداء التحرير وماسبيرو .. أظهر الله عجائبه المفرحة لتنزل بردا وسلاما علي قلوبنا الحزينة علي 43 شهيدا من زهور شبابنا .. وبلسما علي جراح الألفي مصاب، ونورا في قلوب من فقأوا عيونهم بشهوة اقتناص مجنونة .. نورا انبثق في سماء مصر يخترق سحابات بارودهم، ويشق قلب غازاتهم الحارقة ليردها عليهم، ويحيل جبروت من أعطي أوامر القتل إلي ذل فيعتذر ولا نسمعه .. وشجاعة من نفذ أوامرهم إلي رعب فيهربون ونحن لا نطاردهم !!. أظهر الله عجائبه لحظة أن توحد المصريون في التحرير علي صوت الشيخ مظهر شاهين .. ولحظة أن هوجم المستشفي الميداني للجامع فانتقل بترحاب الي كنيسة قصر الدوبارة .. دخلت الكنيسة أطلب شرف المشاركة فوجدت الكثيرين سبقوني .. ولافتة معلقة في ساحة الاستقبال الأولي للمصابين تعلن لا نحتاج مزيدا من الأدوية .. كانت هناك حالة ارتباك من وصول مصاب بطلق ناري في الجمجمة يحتاج جراحة .. متطوعة محجبة تسرع للقصر العيني الفرنساوي لترتيب نقله، وآخر يسلمنا أنبوبة أكسجين لإعادة تعبئتها.. ندور بالأسطوانة الفارغة وسط اعتذارت حتي نصل لمستشفي المنيرة.. يرحب بنا حارس أمن ويمنعنا زميله بحجة أن حجم الأسطوانة التي نحملها غير متاح بالمستشفي، لكن لو تركنا بطاقتنا الشخصية سيمنحنا الأكسجين فورا.. تصوروا ما كان سينتظرنا من حفاوة أمنية لو تحركنا شبرا بدون بطاقة!!.. أعدنا الأسطوانة فارغة للكنيسة لنجد هناك من تبرع بأكبر منها!.. ولنسمع صدي ترانيم يارب بارك بلادي تؤلف قلوب المتطوعين وتمنح المصابين سلاما داخل الكنيسة .. وتنطلق لتصدح فوق غيوم الغازات الحارقة التي تغلف هواء قلب المدينة، وتراب الأرض، ووجوه التلامذة العائدين من المدارس، والموظفين المحتمين بالكمامات.. وسماء ميدان الحرية والتحرير والتضحية، الذي تحول إلي ساحة حرب بين المصريين والمصريين لصالح لصوص تحرسهم طرة، وأتباع طلقاء مذعورين من النهاية الحتمية المخيفة . واختار الله الصحفية الشجاعة مني الطحان ليسلمها فريسة لوحشية رجال أمن بلدي المصريين !!..الذين يمارسون العنف الممنهج علنا وينكرونه علنا أيضا، ويصرون أنهم حماة الثورة وأول ضحاياها!!.. ويمنح الله مني الطحان المزيد من الشجاعة لتروي للعالم في نفس المساء وبالتفصيل وبكبرياء، وقائع محاصرتها والتحرش بها علنا في الشارع وتكسير عظامها، وإذلالها، ودهس كرامتها دون جسدها لإرهاب كل فتاة في الميدان بأن هذا هو مصير كل أنثي تشارك في الثورة.. فالتهب غضبنا وتحررت أرواحنا، ونزلنا جميعا ومعنا بناتنا في الصباح نشارك في مليونية الجمعة .. هذه أرواحنا منزوعة الخوف، وهذه أجسادنا الصلبة انهشوها إن استطعتم !!.. فاختبأ الفئران خوفا من الجموع، وارتوينا فرحا بأغاني الحرية .. وتبادلنا حكايات عمل الله العجيبة الذي وحد القلوب التي حاولوا تفريقها بتفجير الكنائس والأجساد وحماية من استأجروهم لتنفيذ جرائمهم .. وتبادلنا شهادات المحبة التي أعلنها شهود كثيرون شهاداتهم صادقة لا تحتاج أدلة إثبات ومحاكمات هزلية .. ومنهم القس سامح موريس ود. خالد حنفي الطبيب الإخواني العريق، الذي لجأ وزميلاته الطبيبات لكنيسة قصر الدوبارة لاستكمال مهمة إنقاذ ضحايا الميدان .. فاحتوتهم الكنيسة بنفس المحبة التي احتوي بها جامع عمر مكرم كل المتظاهرين وكل الضحايا المصريين أيام ثورة يناير التي وضعت حجر الأساس . نقول لكل انتهازي سياسي أو ديني يتاجر بآلام الغلابة، ولكل مسئول وحاكم أعمي بصر وبصيرة، نقول وبأعلي صوت.. قصاص الله آت، سيروعكم بأشد ماروعتمونا.. وللمجلس العسكري الحاكم حتي الآن، أنت قادر علي إحلال الأمن، ومازالت الفرصة متاحة .. فأسرع قبل أن يجرفنا الطوفان كلنا.. ابدأ بفرض الأمن وبمحاكمة قتلة الشهداء كلهم دون تمييز.. محمد البطران وشهداء ماسبيرو والتحرير.. الأمن والعدل سيمنحك صك الغفران من الشعب كله.. الثورة انفجرت والظلم حرر الأرواح.. ودماء الشهداء ستظل تصرخ وتصرخ في الميدان من خلال الأغاني التلقائية، وشعارات الإدانة العبقرية، وصوت حمزة نمرة ينادي علي المصري بتاع زمان اللي عاد .. ويؤكد أن حق الغلابة هيرجع أكيد، ودبح الديابة هيبقي ف عيد . ويارب بارك بلادي.